أقلام حرة

مَجلِس النُواب وعَودة حليمة / امين يونس

لقد زَعلَتْ زوجتي مني وقررتْ أن لاتُكّلِمني لِمُدة شَهر . فقال صديقه: يارَجُل، هل حقاً هذا ما يُزعجك؟ أجاب: نعم، لأن اليوم هو آخر يومٍ في ذاك الشهر ! " .

يبدو ان صاحبنا، كان بالأصل مُستاءاً من " ثرثرة " شريكتهِ، وحانقاً بالأساس من حديثها المُتواصِل الذي لاينقطع، وترديدها للأحاديث المُمِلة والتافهة واخبار الجيران والمَحّلة .. وعندما حاولَ أن يُثنيها قليلاً عّما تفعله .. خاصَمَتْه وقررتْ أن " تُعاقِبَهُ "، بأن لاتُكّلِمه لِمُدة شَهر ! ... وكما هو واضح، فأن صاحبنا، إعتبرَ تلكَ العقوبة " مُكافأة " .. إذ سيستريح لفترة من كلامها، إلا انه اليوم مقهور، لأن الشهرَ إنتهى، وسوف تعود حليمة لعادَتِها القديمة، بل رُبما ستزيد من الثرثرة، لتعويض الشَهر الذي فاتَها !.

الوضع أعلاه، شبيهٌ الى حدٍ ما، بوضع مجلس النواب عندنا .. إذ ان أبرَز إنجازاته الماثلة للعيان، هي الإسراع بتشريع قوانين عديدة، خاصة برواتب وإمتيازات أعضاء المجلس، إضافةً الى النقاشات الفارغة الغير مُجدِية والتي لاتحُل أية مُشكلة .. والتصريحات النارية التي تُؤزم الاوضاع .. والمُزايدات المُستهجنة التي تسخر من الشعب ... وإقرار شراء سيارات مُصّفَحة للأعضاء .. والمؤتمرات الصحفية لإستعراض العضلات البلاغية لاغَير ... والصفقات المُحاصصية المُريبة ... كُل هذه " النشاطات " لمجلس نوابنا الأغَر، تُرْبك الجماهير، وتُحبِطها .. وتجعلها تقتنع يوماً بعد يوم .. بأنها أي الجماهير، إقترَفَتْ ذّنباً عظيماً، بإنتخابها مثل هؤلاء وتنصيبهم نواباً عن الشعب ! . نعم .. فهذه الفئة، تَنَهِم وتستحوِذ وتحتكِر وتُمارس ممارسات دكتاتورية مقيتة وغارقة في الفساد .. وتلك الفئة الأخرى، تُقاطع مزاجياً، وتخترق، وتُنسِق مع جهاتٍ خارجية مشبوهة، وتغرق مثل نصفها الآخر في لُجَة الفساد أيضاً ! .

لقد ثبتَ لنا، نحنُ العراقيين، ان احسنَ فترة من عُمر مجلس النواب، هي [ العُطلات ] الرسمية وغير الرسمية .. التي يتمتع فيها المجلس بالعُطلة .. ففي ذلك الوقت، يستريح الناس، من المشاكل التي يخلقها أعضاء المجلس ورئيس المجلس ونواب الرئيس (الذين يستلمون التعليمات والاوامر من رؤساء الكُتل وزُعماء الاحزاب، ولا يمتلكون ادنى إستقلالية للأسف)، والتكتلات والتخندُقات، التي يخلقونها، والتي تُؤثِر على الشارع سلبياً .. وتبعية النواب وولاءاتهم الضيقة لأحزابهم وقومياتهم .. علماً ان القانون ينص على ان الدورة التشريعية هي أربعة سنوات، وكُل سنة عبارة عن فَصلَين تشريعيين، وكُل فصل أربعة أشهُر ... أي ان في كُل فصل تشريعي، هنالك عُطلة لمدة شَهرَين !.

قالَ عراقي لِصاحبهِ: ما لي أراكَ عابساً مُكفهراً؟ أجاب: لأن عطلة مجلس النواب شَهرَين . قال: ولماذا أنتَ مقهور، هل تعتقد انهم سيحلون مشاكلنا، لو لم تكن هنالك عطلة شهرَين؟ أجاب: لا .. ما يزعجني هو ان الشهرَين على وشك الإنتهاء  !. وأخشى ان تعود حليمة لعادتها القديمة .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2045 الاربعاء 29 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم