أقلام حرة

النواب يحاسبون الوزراء والمسؤولين فمن يحاسب النواب؟!

سيحاسبون الوزير الفلاني والوزيرالعلاني لسوء الخدمات او لوجود الفساد في وزارته او لعدم كفاءته او لاستغلال النفوذ او لأعتباره الوزارة أقطاعية أو ضيعة من ضياع عائلته واخوانه وابناء عشيرته. وكل تلك اوبعضها حقائق يعرفها الرأي العام العراقي الذي يعرف الكثير عن فساد بعض الوزراء وعدم كفائتهم وفساد ذممهم . ولكن المشكلة هي أن النواب اللذين يرفعون سلاح القانون الذي منحه اياهم الدستور هم ليسوا احسن حالاً من الوزراء .

على مدار الدورة التشريعية الحالية وقبلها اشتهر بعض النواب واشتهرت افعالهم التي قاموا بها هم او احزابهم او ذوي قرباهم .فمنهم فعلاً من كان يهرب النفط في البصرة الى الخارج ومن كان يضع الوكلاء في دول الجوار للمتاجرة وتكديس الحسابات في مصارف العالم ومنهم من كان وراء المليشيات التي عبثت بأمن العراق وقتلت الابرياء وحاربت النساء واضطهدت الطلبة في الجامعات وقتلت علماء العراق واساتذة الجامعات والاطباء واختطفت الصحفيين وأغتالتهم واختطفت الاطفال والناس الابرياء من الشوارع؟!

من قام بكل ذلك غير بعض هؤلاء الذين يستعرضون الآن عضلاتهم وعمائمهم بالدفاع عن القانون والشرف والاخلاق الفاضلة؟..ان آخر من له الحق في ان يتباهى امام العراقيين بأنه حارس الدستور والقانون في العراق هم بعض هؤلاء النواب الذين لا يعرف لهم تأريخ معروف ولا كفاءة معينة والذين اتوا بفضل القوائم المغلقة .

عندما يستذكر المرء الاسماء اللامعة للوطنيين من اعضاء مجلس النواب في عقد الخمسينيات من القرن الماضي من امثال كامل الجارجي ومحمد حديد وحسين جميل وجعفر البدر وخدوري خدوري وذنون ايوب ومحمد مهدي كبة وفائق السامرائي ومحمد صديق شنشل ومسعود محمد وعبد الجبار الجومرد يشعر بالاسى والقنوط للوضع السيء الذي آل اليه حال العراق والقيادات السياسية في العراق بعد أكثر من نصف قرن من الزمان .

ان القوائم المغلقة هي وحدها جريمة يجب ان يحاسب عليها القانون فقد اتت بأصحاب الشهادات المزورة وأصحاب التاريخ المشكوك فيه واصحاب الكفاءة الهابطة . واذا كان يمكن تبرير القوائم المغلقة بأن الناخب في هذه الحالة ينتخب المذهب المعين او العقيدة المعينة او التيار السياسي المعين او الحزب المعين فمن يضمن ان القيم على الكتلة الساسية سوف يكون اميناً في التعبير عن رغبة المواطن او انه سوف يكون اقدر من المواطن على حسن الاختيار ولا سيما في ظل الجو المشحون في العراق الذي تسود فيه المحسوبية والشللية وعدم الامانة وفساد الذمم .

الحقيقة ان الكثير من الوزراء يستحقون الحساب والحساب العسير ولكن النواب هم الاخرون ليسوا بأقل حاجة للمحاسبة العسيرة عن تأريخهم ومخالفاتهم الدستورية الكثيرةفهم حددوا لأنفسهم الرواتب الأعلى في العالم والحمايات الأكثر في العالم والتي فاقت في كثرتها وعديدها ورواتبها واستهتارها بالقوانين كل المافيات العالمية . بل لا يوجد سياسي في العالم له من الامتيازات ماللنائب العراقي المبجل الذي لا يستحق في افضل الحوال عشر معشار معشار ما يحصل عليه من امتيازات ورواتب عن اعماله الشكلية وغير المنجزة .

كم هو عدد النواب العراقيين الحاليين الذين يحضرون جلسات مجلسهم؟ وهل يستطيع موظف في العراق ان يستهتر بوقت الدوام الرسمي مثلما يستهترون به؟ وكم عدد من يداومون في كافتريا مجلس النواب اكثر مما يداومون في اجتماعاته؟وكم عدد الذين يداومون في القاعات الاعلامية للمجلس وامام كاميرات الفضائيات العراقية والعربية اكثر مما يداومون في قاعة المجلس؟ وكم هو عدد الذين يقضون اوقاتهم في العواصم العربية والاجنبية؟ وكم هو عدد النواب الذين لم يحضروا جلسات المجلس العتيد اطلاقاً؟ وكم هو عدد القوانين المعطلة منذ اربع سنوات والتي عطلت حياة البلد ونشاطه الاقتصادي وكم هو عدد النواب الذين عوقبوا لأهمالهم وعدم حضورهم الجلسات او تعمدهم في عدم حضور الجلسات؟

..... اذا كان الجواب ايجابياً ولصالحهم فممكن ان نثق بنزاهتهم وقدرتهم على محاسبة الاخرين اما اذا كانت النتيجة سلبية فيجب ان يمنع عليهم الترشح للدورة القادمة لأنهم غشوا الشعب وقاموا بالتدليس في اعمالهم !

 

أ.د عبد الجبار منديل / اكاديمي عراقي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1190 الاربعاء 07/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم