أقلام حرة

ماذا لو كان الدم السوري (نفطاً)..؟! لكن..!! أسماء شلاش

مايو الماضي مدفوعاً من بقية العصابة الحاكمة بالحرف الواحد: " أمن سورية من أمن إسرائيل" عبارة لم تفاجئ أحداً ممن يدركون مدى عمالة هذا النظام المجرم لإسرائيل ! وقتها قالوا إنها زلة لسان كشفت عن المستور، لكنها لم تكن زلة لسان بل خطوة مدروسة من العصابة الحاكمة.. لن أقف هنا طويلاً لأن الواقع يختصر كل شرح وقد اتضح لكل عاقل ذلك الترابط . أما العبارة الثانية فهي لأوباما التي قالها بعد اجتماعه قبل فترة بنتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني عندما قال:"أمن إسرائيل مقدس" قد يسأل سائل ما العلاقة بين هذه العبارة والثورة السورية؟ حسناً سأترك الشرح قليلاً وأنتقل إلى تصريحات سفير الولايات المتحدة في حلف الناتو الذي قال: "إن التدخل العسكري في سورية ليس له أي أساس قانوني"! نسأل: هل كان التدخل العسكري في ليبيا أو العراق أو أفغانستان له أساس قانوني ومنذ متى كانت أمريكا تخضع للقانون في سياستها وخاصة السياسة الخارجية التي لم تخضع إلا لقانون القطب الواحد والقرار المنفرد والتدخل في شون الدول. أم لأن أمن إسرائيل المقدس طرف في المعادلة أو في اللعبة التي تطفو على دماء السوريين. وهنا حسابات أكبر من الدم السوري وأكثر خطورة !!

رئيس الصليب الأحمر يتحدث عن هدنة لإيصال المساعدات وكأن ما تتعرض له سورية هو مجاعة هبطت من السماء أو أن جوهر الأزمة يكمن في رغيف خبز!!! وبعد مرور عام يتذكر العالم فجأة أن الأسد أصبح مجرم حرب وهل توازن القوى واللعبة السياسة والتوازن الاستراتيجي..الخ هو الذي أخَّر مثل هكذا تصريح؟ وبالخط الموازي تفاجئنا تصريحات وزيرة خارجية أمريكا كلينتون التي تتناقض بين الحين والآخر التي وجدت في تصريحات إسماعيل هنية عن الثورة السورية شماعة تعلق بها عدم رغبتها بالتدخل الجدي لحماية الشعب السورية من الذبح. وكذلك في تصريحات الظواهري. وبدأت تربط بين التطرف والثورة السورية، وبين القاعدة والثورة السورية ثم "لتبق البحصة" بحسب التعبير السوري قائلة: (لا يمكن تسليح المعارضة السورية). وقبل فترة بسيطة يصرح وزير خارجية فرنسا بأن تسليح المعارضة قد يؤدي إلى حرب أهلية.! الغرب يحذر من حرب أهلية وتركية تحذر من حرب أهلية وروسيا تحذر من حرب أهلية!!. سورية تمر بأزمة منذ عام ولم تحصل مجرد بوادر لحرب أهلية !! سورية محكومة بعصابة - تلعب على الوتر الطائفي- منذ أربعين عاماً ورغم ذلك لم تحدث حرب أهلية! فلماذا يصرون على تعليق فشلهم بحل الأزمة على شماعة الحرب الأهلية؟! المظاهرات في سورية بدأت عفوية سلمية وستبقى، ليس ثمة ثائر سوري يرضى أن يحمل السلاح إلا مجبراً، وليس ثمة سوري يرضى أن يأتي الناتو أو سواه . لكن إصرار الغرب على عدم التدخل أو تسليح المعارضة ليس إلا نتيجة وسبباً، النتيجة بأن الغرب يريد لهذا النظام القمعي أن يستمر لمدة تتيح المجال لعزل الأوراق كي تكون النتيجة لصالح إسرائيل ؟! والسبب هو أن التسليح يؤدي إلى نتيجة حتمية هي سقوط نظام الأسد الذي وصفه أحد الساسة الغربيين المرموقين بأنه عدو للإنسانية جمعاء، ووصفه كاميرون بأنه مجرم حرب . هذه ليست أخبار جديدة على مسامعنا بأن هذا النظام ورئيسه هو مجرم حرب وراعي للفوضى والبلبلة في المنطقة بل في العالم. وأن ألاعيبه القذرة في العراق ولبنان ومتاجرته بالقضية الفلسطينية باتت مكشوفة للقاصي والداني . أربعون عاماً وهذا النظام يحمي حدود إسرائيل ويقتل شعبه بمجرد أنه طالب بالكرامة والعدالة والعيش الكريم. نظام يتفنن بالذبح والقتل الذي تجاوز كل تصور..! هل انتظر الغرب حتى يمنع نظام الأسد قافلة الصليب الأحمر من الدخول ليصرح بأن الأسد مجرم كما قال وليم هيغ!! لم ينتبه الغرب أن لعبته الاستيراتيجية بإطالة عمر بنظام الأسد لأجل إسرائيل هي لعبة غبية خاسرة، لأنها تخالف قواعد التاريخ، ولن أقول قواعد الإنسانية فحسب، لأن السياسة لاتضع في الحسبان الجانب الإنساني بقدر ما تراعي المصالح والحسابات الأخرى وإن كانت المصالح تحرك التاريخ فإن الشعوب التي تنتفض اليوم لتبصر درب كرامتها وحريتها في ليل الاستبداد هي من سيصنع تاريخاً آخر وهنا تكمن المصلحة مع الشعوب الباقية وليس مع الأنظمة الزائلة، حتى لو كانت السياسة تصوغ المصالح على اعتبارات التاريخ.. التاريخ الذي أعطى دروساً وفي هذا المنطقة بالذات من العالم الذي جعلتها مصالح الدول والسياسات الإقليمية الاستيراتيجية منطقة من أعقد مناطق الدنيا وأكثرها سخونة.. وعندما دخل النفط في المعادلة وغابت إسرائيل تدخل الغرب في ليبيا تحت بند الإنسانية التي يدعيها! الإنسانية غابت بأدنى مستوياتها تجاه ثورة السوريين.عالم لم يستطع أن يحذف كلمة (قد) من عبارة صغيرة تقول "إن جرائم نظام الأسد قد ترقى إلى جرائم بحق الإنسانية" اليوم صار هناك قضية سورية تعجز السياسات المتشابكة المتلونة عن حلها. قضية سيحسمها الشعب وليس التدخل الخارجي الذي ما كان ولن يكون لمصلحة أي شعب حر. السوريون بين مفقود ونازح ومشرد وسجين وشهيد ومشروع شهيد ومعتقل ومشروع معتقل. اليوم صار السوريون أشهر فدائيي العالم لأنهم يجابهون بصدور عارية أكثر الأنظمة وحشية.. واستخدمت بحقهم كل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً . وأصبحت بابا عمرو أشهر من غزة، بل إن غزة التي تحاصرها إسرائيل تعيش في الجنة مقابل ما تعيشه بابا عمرو..!! الغرب يتحدث عن جانب إنساني ومساعدات لصرف النظر عن جوهر الأزمة. ويكثر الكلام عن هدنة لساعة أو ساعتين؟! ولا يكف عن إرسال ذاك المبعوث أو إيفاد هذا !! وبين مهمة الدابي وكوفي عنان، ومهل الجامعة العربية، وفيتو روسيا، وإقناعها أو عدم إقناعها.. يضيع الدم السوري، ويمضي الوقت بإطالة عمر القتلة ريثما تصفو الأمور لصالح إسرائيل ومن يحميها من هؤلاء العصابة!!! . اليوم صار السوريون أشهر شعب في العالم . ليس لأن الدم صار سخياً، بل لأنه صار مزاداً علنياً وسرياً في دهاليز السياسة.. يتأرجح في اللعبة السياسية القذرة والمصالح المتشابكة. عالم يتآمر على الدم كي تربح الاستراتيجيات، وتتفوق المصلحة على الحقيقة ! عالم لم يخرج من عباءة الإدانة اللفظية للنظام المجرم الذي تجامله الدنيا "كرمال عيون إسرائيل" إن ما يحدث في سورية لا يندى له جبين الإنسانية فحسب بل تخجل منه الوحوش ولو كانت وحوش البراري تنطق لقالت لبشار الأسد وعصابته والعالم المتواطئ المتآمر" اتقوا الله بدماء السوريين كفاكم تذبيحا وتقتيلاً " نحن لا نريد تدخلكم..ارفعوا أيديكم عنا وكفى تآمراً.. السوريين وحدهم من سيحسم القضية.. لكن يا ترى ماذا كان سيحدث لو كان دم السوريين نفطاً..أو لم تكن إسرائيل وأمنها طرفا في معادلة ما تسمونه (الأزمة السورية)؟؟!!


 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2069 السبت 24 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم