أقلام حرة

الاحتلال الديبلوماسي / جواد كاظم غلوم

  واقتصاديا على البلدان الاكثر ضعفا منها تسليحا وقوة، فالنفوذ وتوسيع الهيمنة  بدأ مع تكالب الحروب وازدياد سعير المطامع وتقسيم البلدان وترسيم الحدود على هوى القوى الكبرى الطامعة، كلٌّ يأخذ حصته على طريقة هذا لك، وهذه لي مثلما شاءت العمة /سايكس بيكو والعمّ سام والشيخ الجليل /ابو ناجي والمسيو فرانس

منذ ان شببنا وبدأ الوعي يتغلغل في رؤوسنا عرفنا ان الاحتلال البغيض  يكون أنواعا شتى ويتسم بلوثات متعددة ويهدف أهدافا مرسومة له سلفا فهذا الاحتلال استيطاني يرمي الى سرقة الارض وسلبها عنوةً وطرد السكان الاصليين مثلما حدث ويحدث الان في فلسطين المحتلة ولمَّ شتات المهاجرين وبناء المستوطنات لهم في اسرائيل الكبرى تحقيقا لاحلام تأريخية مشكوك في صحتها وصدقها لاتباع الديانة الموسوية وعرفنا ايضا مآرب الاحتلال الاقتصادي الذي يرمي الى نهب ثروات الشعوب المقهورة واحتلال منابع الخير كالنفط ومناجم الذهب والماس وغيرها من المعادن الثمينة مثلما فعلت بريطانيا وفرنسا في بلدان الشرق الاوسط وافريقيا عموما فالاحتلال بشع في كلّ مسمياته وأشكاله ومراميه بما في ذلك الاحتلال الثقافي وما سمي سابقا الاستعمار الثقافي الذي ابتليت به بلدان شمال افريقيا ووسطها من قبل الفرنسيين او ما سمي ب/الفرانكوفونية مثلما سميت الدول التي رضخت لبريطانيا والتي اطلق عليها ب/الأنجلوسكسونية

لكن اميركا طلعت علينا ببدعة جديدة ونمط لانظير له من الاحتلال وسابقة خطيرة الا وهو الاحتلال الديبلوماسي وعدّه البعض من السياسيين آخر صرعات الاستعمار الجديد، فبعد ان أجلَت قواتها العسكرية وحشود المارينز اواخر السنة الماضية /2011 تركت في بلادنا مايزيد على اثني عشر الفا من عناصرها الخليط من الديبلوماسيين والمدربين العسكريين وحشد هائل من عناصر الحمايات وشركات الامن السيئة الصيت على طريقة /البلاك ووتر وهم ينتشرون في مقر السفارة الاميركية في بغداد والقنصليات الاميركية الموزعة في الاراضي العراقية ؛ صحيح اننا بتنا لانرى الارتال العسكرية في الشارع العراقي وما كانت تسببه لنا من غيظ وازعاج لايطاق لكننا الان ننظر الى سمائنا فنرى هذه المناطيد المعلّقة في الجو وهي تراقب وتترصد مجريات حياتنا على الارض ناهيك عن هدير طائراتهم التي تصمّ آذاننا بين حين وآخر بسبب افتقاد بلادنا الى غطاء جوي متمكن من رصد ما قد يجري في الخفاء في الارض والسماء

الاحتلال الديبلوماسي ليس بلسما شافيا لجسد العراق المنهك فكل ما نخشاه ان يدسّ السم في عسل الديبلوماسية التي ربما تعمل على فرض سياسات ورؤى قد لاتتوافق مع رؤانا بحجة الاستئناس برأي" اصدقائنا "السياسيين الاميركان المقيمين كديبلوماسيين في ارضنا وبذريعة أخذ المشورة من الاقربين لنا ومبررات تلاقح العقول للوصول الى رأي اكثر صوابا وسياسة سديدة حكيمة، وبصريح العبارة نريد من الاميركان ان يكونوا اصدقاء صدوقين (ولو انني أشك في يوم ما ان يكونوا هكذا) ولانريد ان نكون اتباع أذِلاّء، ونريد ايضا ان تكون لنا بصمة واضحة لنرسم سياستنا بأنفسنا وان لاتسلب إرادتنا ونكون إمّعة وخاصة في هذا الزمن الذي طغت فيه ملامح العولمة حتى نامت في غرف النوم الخاصة بنا

 

جواد كاظم غلوم

 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2073 الاربعاء 28 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم