تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

القاعدة .. من بيشاور الى بغداد (3) / قاسم محمد الكفائي

الذين ارتبطوا بهِ بعلاقات خاصة ومتينة ، توسمت بالجهاد لعشرة أعوام تقريبا . هؤلاء لا يمكنهم دخول السعودية ولا أية دولة عربية كونهم مطلوبون سياسيا وجنائيا في بلدانهم التي تبحث عنهم حكوماتُها ، فلما انتهى موسمُ الجهاد حزنوا وارتعبوا وقد ضاقت بهم الأرضُ ذرعا لولا جبهتي الشيشان والبوسنة اللتين فتحتا لهم أبوابها لفترة وجيزة وقلقة . 

صار بن لادن بيتا يريد أن يأويه المئاتُ من مخلصيه – العرب الأفغان ، وصار أداة ً تسعى من خلاله أمريكا للوصول الى أهدافها في دولة وأخرى ، لذا دفعته المؤسسة الوهابية بالسفر الى السودان بغرض تثبيت قواعده هناك من أجل نصرة السودان ودعمه في مواجهة التحديات الأمريكية والأنفصال في الجنوب . حط رحاله فيها دون أن يجد له موضعا دائما فطُرد منها بفهم عميق من قبل أهل السودان . حالفه هو وأتباعه الحظ السعيد عندما جاءه خبرُ انتصار طالبان في كابل . فعاد ومَن معه الى ( إمارة أفغانستان الأسلامية ) بترتيب منظم مع مرجعيته – المؤسسة الوهابية – التي تقف من ورائها المخابرات العالمية والسعودية بالتحديد .    

في ذات الوقت رفعت حركة طالبان من شأنها لدى الأمريكان والسعوديين وفي الأمم المتحدة والكنيست عندما أقدمت على إعدام أحد عشر دبلوماسيا إيرانيا ( شيعيا ) يعملون لدى أفغانستان ، لكنها سرعان ما فقدت شأنها بمجرد انزعاج أمريكا والسعودية لأسباب تتعلق بعمل طالبان المستقل عن الأرادة الأمريكية أحيانا بفعل تصلبها باتخاذ القرارات وتطرفها وجهلها في التعاطي الدبلوماسي الى الحد الذي أحرجَ وأزعج الأمريكان والغرب ، 

فتراكمت أسبابُ الصراع حتى وصلت الى القطيعة وتوقف المساعدات عن أفغانستان ، لكنها بقت متماسكة أمام التحديات حتى إنتهى عهدُها بالتحاقها بجبال ( تورا بورا ) ما بعد أحداث منهاتن عام 2001 . أخذوا معهم المال المخزون في المصارف الأفغانية وأخذوا الذهب ، فصعدوا بجيوب مملوءة لا تنضب . خلال حكم طالبان إزداد عدد العرب الهاربين من سلطات بلدانهم أكثر من أي وقت مضى ، فصعدوا هم كذلك وتحصنوا هناك . في وقت قياسي تصاعدت أهمية القاعدة وبن لادن كزعيم لها في كل وسائل الأعلام الغربية والأمريكية وحتى القنوات العربية المهمة مثل الجزيرة والعربية  الى الحد الذي لم يصدقه بن لادن نفسه بأنه في موقع كهذا الذي تفضحه وسائل الأعلام ، لكنه لا يفقه أن الفكر الأمريكي وحسابات المخابرات الدولية هي التي رسمت الصورة ولونتها بريشتها وبرغبتها كطبخة  ُتجهَّز لمرحلة قادمة ، في زمان ومكان تختارهما دوائر المخابرات الغربية .                                    

كانت الحسابات السرية الأمريكية في توظيف شخصية بن لادن وأتباعه وتنظيمة هو أن يكون مبررا ووسيلة للوصول الى أهداف متعددة ، وتحقيق طموحات تخطط لها وتحلم بها الأدارة الأمريكية ومصالح الغرب . فمن تلك الأهداف ، المشروعية في اندفاع حركة العسكر باتجاه منطقة الشرق الأوسط ، ومشروعية بقائها في أي موضع تختاره مناسبا لحساباتها تلك .    

  بهذا التفسير فتحت المخابرات الأمريكية كلَّ أبوابها لأحتواء هذا التنظيم وجعله أداة تخريب خصومها ، بلدانا وحكوماتٍ وشعوبا . في بداية المطاف كان يدور في حسابات المخابرات الأمريكية أن المنهج الديني والسياسي ثم العسكري لتنظيم القاعدة يمكن أن يكون له تأثير على المجتمع الأيراني بجزئه السني المذهب ، لهذا فقد حرصت على تجميع اعضائه في الشتات داخل حدود إمارة افغانستان الأسلامية ، لكن هذه الحسابات صارت ضربا من الخيال في مناخاتٍ سياسيةٍ مُتغيرة عجّت على أرض الشرق الأوسط  والعالم . كان العراق واحدا من هذه المناخات عندما صار مسرحا لعصابات القاعدة والجنود الأمريكان .

فما هو التفسير الحقيقي إذن لمجمل الأحداث الخطيرة التي مرّت على العراق ..؟ 

الى حلقة أخيرة قادمة .    

 

مقالات ذات صلة !

http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&;view=article&id=61610:----1----&catid=34:2009-05-21-01-45-56&Itemid=53

http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&;view=article&id=62104:-------2-4----&catid=34:2009-05-21-01-45-56&Itemid=53

 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2085 الأثنين 09 / 04 / 2012)

 

 

 

في المثقف اليوم