أقلام حرة

ملامح ما ستسفر عن المتغيرات الجديدة في المنطقة

العامة في كافة النواحي، وما توصلت من الاشارات العديدة من البلدان المؤثرة على  العالم ومافيه وما وصلت من التوجهات الجديدة للكبار وكيفية التعامل معها من قبل بلدان المنطقة والمهتمين بما يجري والجهات ذات الصلة والمؤسسات العالمية المهتمة بالمتغيرات الكبرى .

 

 من المعلوم ان الدول العظمى وبالاخص ما لها من تاثيراتها المباشرة على جميع بقاع العالم تغير ما موجود في اية منطقة بمجرد تحركها البسيط فيسبيل تطبيق استراتيجياتها العامة السياسية كانت ام الدبولماسية او الثقافية او بتغيير في تفكيرها او نظرتها لما يمكن ان تعمل عليه في التفاتتها الى اية قضية عالمية كانت ام اقليمية، واليوم ملامح التغييرات الاستراتيجية الامريكية فيما تخص منطقة الشرق الاوسط واضحة للعيان وتكتشف يوما بعد اخر من قراءة السياسات الجديدة للجهات المرتبطة وما تشهده المنطقة من التغيير في ميزان القوى بعد التقاطع الحاصل من المؤشرات والاحداث المرتبطة اصلا بتحركات ونظرات القوى الكبرى الى المشاكل وتفاصيلها. ما موجود من القضايا الهامة الاستراتيجية والتي تعتبر كمنفذ هام ومقياس لتحديد توجهات وافكار ومخططات من له العلاقة بها من قريب او بعيد، واهمها القضية الفلسطينية وعملية السلام وعلاقات اسرائيل مع دول المنطقة ومجريات الامور في العراق والصراعات الدينية والمذهبية والعرقية الجارية الان وعلاقة القوى المعتمدة على هذه الفلسفات في تسيير سياساتها، وللدول المنطقة  دورها المهم المؤثر في تلك القضايا والعلاقات بينهم، وروابطهم العامة مع دول الكبار ومصالحهم وكفية التغيير والاصلاح من اجل ضمانها .

 

اهم نقطة تحول مكشوفة وواضحة للعيان هو الغاء المناورات العسكرية التركية الاسرائيلية المشتركة والتطور المفاجيء الملحوظ في العلاقات التركية السورية التي تبين مدى ومستوى التطورات الجديدة في الاحداث السريعة لهذه المنطقة، والمواقف العديدة تجاه الوضع اللبناني الداخلي والتحركات العربية والانفتاح التركي على القضايا الداخلية لها، هذا عدا ما شوهد من عودة  العلاقات التركية الارمينية بعد انقطاع طويل دام عقود في ظل الاستراتيجية الجديدة لامريكا وما تشير اليه من التحركات الجديدة من النواحي الديلوماسية والسياسية العامة حول الملف النووي  الايراني والتاكيد على العمل الدبلوماسي كالخطوات المتبعة في السياسة الخارجية الامريكية لانهاء هذه المشكلة، وهو امر يمكن بالاستناد عليه ان يفسر ويحلل ما تفكر فيه امريكا وما التغييرات التي حصلت على اجنداتها من جراء التغيير في الاستراتيجيات العامة لها . ما يمكن استقرائه استنادا على المستجدات الكبيرة هو حصول التغييرات الجوهرية في المعادلات السياسية للمنطقة باكملها والتغيير في ميزان القوى كافة بعد ارساء تعاملات جديدة لجميع الاطراف وطفو نظرات مغايرة، ويمكن التنبؤ باستحداث طرق قديمة جدي\ة لترسيخ الارضية التي تتطلبها التفاعلات، مما تستثمر من جرائها روابط مغايرة بين دول المنطقة وفق قواعد نابعة من ما يتجه اليه العالم في ظل النظام العالمي مابعد الازمة الاقتصادية العالمية والانتخابات الامريكية وافرازاتها ومعطياتها، بعد الخيارات الاضطرارية التي اتبعتها في حل المشاكل الداخلية المستعصية وما يتوجه اليه العالم في كافة بقاع المعورة استنادا على المستجدات ومتطلباتها.

 

تغيير المعادلات السياسية العامة في المنطقة سوى كانت لاسباب موضوعية او داخلية لكل بلد فانها لن ترسوا الا من مرحلة تاريخية جديدة مغايرة تماما للعقود الماضية. وهذا ما يفرض عدة شروط على كل بلد في رسم استراتيجياته ويجبره على اتباع طرق حديثة، ومن يقرا المتغيرات بشكل دقيق ويستنتج ما تؤول اليه الاوضاع سينتج في رسم سياساته ودبلوماسيته بشكل متكامل ودقيق .

 

 التقارب التركي السوري من جهة والسعودي السوري من جهة اخرى سيؤثر بشكل مباشر على العلاقات السورية الايرانية مهما تمسكت الجانبان بما اتفقوا عليه ولم تعترف اي منهما بذلك، وهذا من ثمار نجاح الدبلوماسية السلمية الضاغطة التي تتبعها امريكا في حل المشاكل الكبرى وكما هي ثمار لنجاح المحاولات العديدة من الجهات المختلفة في المنطقة والعالم والتي صرفت جهدا لم تقدر الا في هذا الاتجاه ونجحت بسلم وعمل سياسي دبلوماسي. والجانب الهام الذي يفرض نفسه على تفكير امريكا واسرائيل هو مدى استفادة اسرائيل من هذه المتغيرات ونسبة تضررها فيها، والهدف الرئيسي العام هو بيان تاثيرات التعامل الدبلوماسي الصحيح على القضايا الكبرى وتوجيه الجهات المتعلقة باية قضية في السير الصحيح . ولا يمكن التفاؤل كثيرا كما يدعي الباحثون بان هناك وضع جديد مغاير جذريا لما شهده العالم في العقود الماضية.

 

كانت تقارير عدة تشير الى ما تتجه اليه امريكا ولكنها بدات باولى خطواتها في تطبيق ما رسمتها استراتيجيتها الجديدة في هذه المنطقة استنادا على ما يمكن ان يسمى بمشروع بيكر هاملتون . وما دفعت امريكا على الاستعجال في خطواتها الانفتاح الاوربي ومؤثرات روسيا والصين ودول اسيوية اخرى على المنطقة.

 

اذن نستنتج من التحولات الجغارية  ان منطقة الشرق الاوسط تعيش في فترة متهيجة ومرحلة انتقالية وستعمل كل جهة على قطف ما يمكنها من ثمار الدبلوماسية الجدية وفي مقمتهم اسرائيل وصديق امريكا  المدلل تركيا قبل غيرهم، واولى الخطوات بدات ايضا من اخراج سوريا من الانعزال والاتعاض من الفوضى العارمة التي حصلت في العراق بعد سقوط الدكتاتورية مما دفعت الى العمل وتكاثف الجهود على تجاوز المرحلة وعدم تكرار الاخطاء الكبرى من قبل الدول الكبرى، كل ذلك من اجل المصالح الذاتية وما تفرضه الظروف الداخلية الاقتصادية والسياسية لامريكا والدول الكبرى قبل غيرهم . اهم ما ينتظر ان ترسوا عليهالمنطقة في الفترة القادمة نتيجة الاصرار على العمل الدبلوماسي مع الضغوطات السياسية هو ضمان امن اسرائيل والذي يعتبرهو الخط الاحمر لكل الجهات مهما حاول بعض اصدقاء الامس من التنصل من تعهداتها ولكن هناك اولويات في الدبلوماسية التي تتبع الان وفي مقدمتها عزلة ايران دبلوماسيا وليس عسكريا هو الهدف الاول للادارة الامريكية الجديدة، وربما ستنعكس لصالح المنطقة ان لم تفرز منها السلبيات المتوقعة من التغييرات، ومن ثم تاتي الخطوات المتلاحقة لتثبيت دور اسرائل وضمان مستقبله نهائيا، والكل يخضع مجبرا لتلك المتطلبات التي تفرض نفسها على كافة دول المنطقة في ذلك الاتجاه .

 

 

 

 

في المثقف اليوم