أقلام حرة

تصادم المواقف وتقاطع الاراء يؤثر سلبا على المجتمع ان لم يستثمر جيدا

في الصفات من حيث التركيب والجوهر له الاثر البالغ والحاسم في بيان دور وتاثير الراي على المجتمع والمكونات المختلفة التي يضمها.

المجتمعات تتميز بصفات اكتسبتها خلال التاريخ وما مرت بها والتغييرات التي جرت فيها وفي تركيبتها وعلى مواصفاتها في المراحل المتعاقبة، الى ان وصلت الى حال وهي تسير على سكة التغييرات الدائمية استنادا على المستجدات الطبيعية التي لابد ان تحصل وهي في تواصل مستمر وتحول دائم وفق القوانين الطبيعية للحياة.

المجتمعات المختلفة هي الوسط الرئيسي لصراع الحركات والافكار والثقافات ومنها تنتج التصادمات والتقاطعات في المواقف الصادرة منها والاراء التي تتبناها في القاضايا التي تمسها، والجديد هو الناتج من التصادمات والتقاطعات في التفاعلات العامة للتحركات الحيوية لمكونات المجتمع استنادا على الخلفية العرقية او الفئوية او الجماعات المتكتلة قديما، والصادرة من المواقف الحزبية والثقافية والمؤسساتية المدنية حديثا، وسيثمر من ناتج تفاعل المعادلات ماهو الجديد في اي مجال كان التنافس والصراع المحتدم . وتبنى النظرات والتوجهات اعتمادا على الخلفيات والافكار والفلسفات والثقافات الثي يتمتع بها صاحبها من حيث تعبيره وتنفيذ ما يؤمن به وما يعتقده حول القضية المختارة والتي تمس سائر المجتمع بشكل عام. لابد ان نشير ان النخبة المثقفة هي التي تصدر منها المؤثرات في كل موقف او راي يطلقه وله معطياته وتداعياته الكبيرة ان كان له المسند القوي ويمكن الانتشار ان ساعدته الظروف المحيطة به، والواقع سيفرض متطلباته على الجميع وبه تتغير الحال خلال زمن مطلوب وحسب قوة الراي ومضمونه واهميته وما ينتج منه.

هناك جانبين هامين يحملان من العوامل الاساسية للتغييرات الجذرية في اية بقعة في العالم، وهما السياسة والثقافة وما يرتبط بهما، واللتان تحويان في كينونتهما الجوانب المختلفة الاخرى من الناحية الاقتصادية والفلسفية والاجتماعية والادارية، وتتفاعلان وترتبطان بهم وتعتبران الوسط والمحرك الاساسي في اثارة التهيج والاندفاع في التاثير عليهم في خضم العملية الطبيعية للتطور العام في المجتمع، ومنه يخلق الابداع والتغيير والاختراعات الحديثة المتطورة.

اي موقف ولو كان صغيرا سيخلف تاثيرا على الوضع الاجتماعي العام لو مس الجوانب المذكورة حتى وان كان متقاطعا مع ما مترسخ في الواقع او بالضد مما يصدر في نفس الوقت فبتصادم معه وسيعكس ما يبرز منه على الواقع بالسلب لو لم يكن هناك جهة مختصة باستثمار الاختلافات والعمل على تجسيد الجانب الايجابي الموجود فيه والتقليل من تاثيره السلبي وستكون الحصيلة ناتجا وثمرة جديدة محفزة للتوجه الصحيح لبدء المسار المغاير لما هو موجود، اي الانتقالة من مرحلة لاخرى.

لو نظرنا باعينن فاحصة على الثقافة والاعلام والصحافة والادب وعلى دورهم الفعال في المجتمع يمكننا ان نوضح دور كل كلمة معبرة عن اي موقف او راي في اي موضوع، ولكن العملية هنا نسبية ايضا وحسب المجتمع وسماته وخصائصه .

ان النخبة الموجودة في المجتمعات الشرقية لم تنل ما تستحقه في حياتها ان لم تكن جزءا من العملية السياسية او السلطة بالاخص، ولذلك اي موقف صادر منها لها ضريبتها ومستحقاتها، فان تقاطع مع تطلعات المتنفذين او الاحزاتب ستكون العواقب غير محمودة وبه ستكون النتائج واقعة بشكل لم تحل اية مشكلة تتعلق بذلك الموقف والراي . حرية التعبير عن اية مسالة او حادث او ظاهرة يعتبر موقفا وسيكون له اثره ويكون مقياسا لبروز الحاصل والثمار المفيدة في المجتمع، وفي نفس الوقت يمكننا ان نقول مهما كان فكر وعقلية صاحب الراي، فان كان منتميا لتيار ما او حزب او مؤسسة او حرا غير منتميا فيكون في صلب الحركة الاجتماعية وستتقاطع ارائه مع ما تصدر من الاخرين او تتوافق معهم وسيدخل في خانتهم وان لم يرد هو بنفسه ذلك .

هنا لابد ان نشير الى نوع المجتمع وتركيبته ومدى تماسك مكوناته وتقارب وتراصف صفوفه والمستوى الثقافي الذي يتصف به والوعي العام لدى كافة فئاته ومكوناته وعلاقته مع السلطة ونوع النظام المتجسد فيه وقياداته، والموقف الصادر من اية جهة لن يُقرا ما يعنيه فقط وانما منبع ومكان اصداره له تاثيراته المباشرة في نجاحه او اخفاقه وخاصة في المجتمعات الشرقية وما فيها من التناقضات .

المهم من كل هذه التحليلات هو كيفية استثمار الاختلافات وتصحيح المسارات وان تصادمت المواقف وتقاطعت الاراء، ويكمن هذا في انفتاح العقلية واتباع الديموقراطية الحقيقية في كافة المجالات وتقبٌل الاخر وما فيه من فكر وعقلية وسلوك وموقف . ومن اجل تنظيم المجتمع بحرية دون ضغط او كبت فلابد من وجود ما يزيل السلبيات او يمنع تاثيراتها ويعكسها ايجابيا من خلال توظيف ما يفرز من تلك التقاطعات للصالح العام في المجتمع .

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم