أقلام حرة

مؤشرات ما بعد تفجيرات الاربعاء الدامي / علي جابر الفتلاوي

والعداء للعملية السياسية الجديدة، تجارة القتل العشوائي لابناء الشعب العراقي هذه، لها سماسرة وتجار خاصة من بعض السياسيين العراقيين المحسوبين على العملية السياسية الجديدة، وهم اعداء لها .

الشعب العراقي وحكومته المنتخبة برئاسة السيد المالكي، ونستثني بعضا من اعضاء الحكومة المحسوبين عليها وهم اعداء لها، قاوموا بشدة وصبر وثبات وتضحية جميع العمليات الارهابية، واستطاعوا تحجيمه والقضاء على بؤره، وعلى الكثير من قياداته، وقد انحسر الارهاب بشكل كبير خاصة بعد افتضاح امر طارق الهاشمي، وافتضاح تورطه بسفك دماء ابناء الشعب العراقي، حسب افادة شهود الاثبات من حماياته الذين كانوا يعملون معه .

 هذا الانتصار خلق الرعب والقلق والاحباط في نفوس السياسيين من جماعة طارق الهاشمي ممن تورطوا معه في الارهاب، ولم يكتشف امرهم بعد، او هم في وضع جمع الادلة عنهم في الوقت الحاضر، من خلال الهجوم الدموي في يوم الاربعاء 13 حزيران 2012، نرى عدة مؤشرات لابد من الاشارة اليها :

 المؤشر الاول ان الارهاب بعد افتضاح امر طارق الهاشمي، وصل الى مرحلة اليأس والاحباط في تغيير مسار العملية السياسية، وهو الهدف الاهم للارهاب  ولبعض الدول الاقليمية الراعية له ، والتي تتعامل مع العراق على اساس الطائفية المقيتة، وبسبب حالة الاحباط هذه، أتجه الارهاب بأتجاه الانتقام وسفك اكبر عدد ممكن من دماء العراقيين، وقتل المدنيين الابرياء من ابناء الشعب ، بسبب عجزهم عن مواجهة القوات الامنية التي اصبحت قوية، ولا تستطيع المجموعات الارهابية ان تقف بوجهها او تتعرض لها مثل ما كان يجري سابقا .

المؤشر الثاني ان المجموعات الارهابية اصبحت عاجزة عن القيام بأعمال ارهابية نوعية، وعلى مدار الاسبوع او الشهر مثل ما كان يحصل في الاشهر السابقة لذا اخذت تستجمع قواها وفلولها للقيام بعمل ارهابي كبير، ولو بالشهر مرة او بالشهرين او اكثر، من اجل اثبات وجودها من جهة، ولقتل اكبر عدد ممكن من الناس المدنيين، او من افراد القوات المسلحة حسب الفرص المتاحة لهم من جهة ثانية لغرض أشباع غليل المجموعات الارهابية في الانتقام من الشعب العراقي، وذلك بسبب الخسارات الكبيرة التي تعرضت لها المجموعات الارهابية على مستوى العراق  فمنذ قضية الهاشمي الى يوم الاربعاء الدامي قامت المجموعات الارهابية بعمليتين كبيرتين على مستوى المحافظات وتم توقيت الاعمال الاجرامية التي قاموا بها في يوم واحد، فكان يوم الاربعاء الدامي وسبقه يوم اخر قبل اشهر ايضا شمل عدة محافظات منها العاصمة بغداد . 

الامر الملفت في عملياتهم الاخيرة، انهم يستهدفون العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم، اذ غايتهم الانتقام وخلق الفوضى واثبات الوجود، والسعي لخلق فتنة طائفية بين ابناء الدين والشعب الواحد، وهذا ما يتمناه اعداء العراق واعداء العملية السياسية الجديدة، لكن الشعب العراقي واع لهذه اللعبة القذرة التي يراهن عليها الاعداء والحاقدون في الداخل والخارج .

اما المؤشر الثالث الذي نستوحيه من يوم الاربعاء الدامي، ان اسلوبهم الجديد في الارهاب هذا، وهو القيام بعملياتهم الارهابية في يوم معين وعلى مساحة واسعة من العراق، هذا الاسلوب اتضحت صورته اكثر بعد قضية الهاشمي، وهو امتداد للخط الارهابي القديم الذي انخرط فيه الهاشمي ، التوقيت والانتشار على مساحة واسعة يؤشر على وجود تنسيق بين هذه المجموعات الارهابية، وتسهيل لمهماتهم، وهذا التسهيل لا يأتي الا بوجود تعاون بين الارهابيين من جهة، وبين بعض المسؤولين في الدولة سواء كانوا عسكريين او مدنيين، اذن لابد من وجود اشخاص داخل مؤسسات الدولة وعلى مختلف المستويات تعمل مع هذا الخط، وتقدم له الاسناد والدعم والتسهيلات والمعلومات وتوفير الحواضن، ومن الطبيعي لا يمكن تصور ان يكون الهاشمي لوحده في هذا الخط الذي يريد تغيير المعادلة السياسية بالعنف والقوة والقتل الجماعي،  وما الهجمة على المالكي لسحب الثقة عنه، الا امتدادا لقضية الهاشمي وانتصارا  لها، ووجه من وجوه التآمر على العراق لاخراج القرار السياسي من يد الاغلبية السياسية الحاكمة، اذن من واجب الدولة اليوم ان تبحث عن الاشخاص المتورطين سواء كانوا داخل مؤسسات الدولة او خارجها، وان تكشف اسماءهم للشعب العراقي، وقد انتهى دور التغطية او المجاملة على حساب دماء ابناء الشعب العراقي، هذه هي اهم المؤشرات التي نستوحيها من تفجيرات يوم الاربعاء الدامي .

وقد خلّفت هذه التفجيرات الارهابية تداعيات على الخط الوطني في الحكومة المركزية، والحكومات المحلية في المحافظات التي حدث فيها الارهاب، وهذا امر يؤسف له اذ سمعنا تصريحات انهزامية لبعض المسؤولين في الحكومات المحلية  بعض هؤلاء المسؤولين يلقون باللائمة على المسؤولين الاخرين، او يلقون بالمسؤولية على الحكومة المركزية، بمعنى انهم يريدون ان يبرؤا ساحتهم ويتهمون الاخرين بالتقصير، واذا نظرنا الى هذا المسؤول المنهزم من المسؤولية نراه هو جزء من السلطة التنفيذية او التشريعية، كأن يكون محافظا مثلا، او رئيس مجلس محافظة، وامثالهم من المسؤولين الاخرين، فكيف يمكن ان تبرئ مسؤولا تنفيذيا لمجرد قوله ان هناك معلومات استخبارية ؟ او ان هناك تنبيهات، او قصور في عدد المنتسبين الامنيين  الى غير ذلك من الحجج والمبررات، هذا الطرح لا يعفي أي مسؤول في السلطة التنفيذية من مسؤوليته، كما لا يبرر لمن يمتلك المسؤولية الرقابية بأن يلقي بكامل المسؤولية على السلطة التنفيذية، فالكل مسؤول في أي موقع من مواقع الدولة، ولا اعفاء لأحد من المسؤولية .

 تفجيرات الاربعاء الدامية اعمال ارهابية من تدبير منظمة القاعدة وبدعم من الدول الاقليمية الطائفية في المنطقة، وبالتعاون مع رجالهم المحسوبين ظلما على العملية السياسية، لأنهم اعداء هذه العملية، ومن خلال المعطيات والمؤشرات لمثل هذا النوع من الارهاب، علينا الاستفادة من الاخطاء والهفوات بعيدا عن التنصل من المسؤولية، وعلينا التعاون من اجل كشف المتورطين المتواجدين في الساحة السياسية العراقية، ولا زالوا يتعاونون مع الارهاب والدول المعادية للعراق، تحت غطاء رسمي او سياسي، وسواء كانوا داخل مؤسسات الدولة او خارجها، وبهذا نؤدي خدمة لوطننا وشعبنا الصابر، والنصر للمظلومين بعونه تعالى .

علي جابر الفتلاوي 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2156الثلاثاء 19/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم