أقلام حرة

تطورات الاوضاع العالمية تتطلب يسارا واقعيا متعددة الاوجه

بجوهر الفكر والفلسفة الاجتماعية الخاصة بذلك المجتمع الام من دون زيف او تقليد .

 

الحركة اليسارية ليست ببعيدة عن الافكار والفلسفات الاخرى فهي تعني فلسفيا بالتغييرات الاجتماعية والطبقية وتهتم بالاختلافات والفروقات ومحللة للخلافات بين الطبقة الكادحة والراسمالية، اضافة الى مطالبتها ضمان حقوق الجميع بما فيه الحقوق القومية والطبقية على حد سواء والمساواة بين مكونات المجتمع والمواطنة لكل فرد، ولها الدور الهام في مقارعة اي احتلال من اي نوع كان وتناضل بكل السبل التقدمية ضد المحتلين  الداخليين والخارجيين والمعتدين على حقوق الاخرين وتقارع مسببات الفقرو الجوع والعوز اينما كانت، وهنا يطيب لمجموعة ان تسمي هكذا انواع من المنظومة باليسار القومي واخرى بالاجتماعي والاخرين بالديموقراطي، وما يتضمنه ان جميعهم لا يخرجون من اطار متطلبات المرحلة والواقع، ويمكن ان يسمى جميعا باليسار الواقعي وهو شامل ويحوي جميع الاشكال والمسميات وهو مختلف التركيب والاوجه والمظهر ومتميز وخاص بكل منطقة، لان اليسار في اساسه حامل للمتطلبات والافكار الاجتماعية . اما من الناحية الفلسفية لا يمكن تحميله باكثر من منهج وتوجه ان استندنا علميا على ما يتضمنه من الركائز الاساسية والقوانين والنظريات المشتركة لا خلاف عليها في جميع بقاع العالم، اي لا يمكننا خلط الفلسفات التي لها مساحتها واطرها وجواهرها الخاصة، وبما انه لا يمكننا خلط الفلسفة اليسارية بالراسمالية، فان القومية كفكر ومنهج لا يمكن ان نمزجها مع اليسارية بل يمكن ربطهما والاستفادة من بعضهما ومن النقاط المشتركة بينهما، كما هو الحال في اليسار الديموقراطي والاجتماعي وغيره.

 

 كما نعلم ان اليسارية كفلسفة لازالت تاثيراتها واضحة للعيان على المجتمع ككل او على عقليات المثقفين والسياسيين في جميع انحاء العالم، وهذا لا يعني ان يُعتمد الشكل والطبيعة الكلاسيكية لها وكما كانت بشكل مطلق دون تغيير او اصلاح، لا بل المستجدات العالمية تفرض الاصلاح والتغيير في جوهر اليسارية وما تعنيها ايضا، واختلافاتها من بقعة لاخرى من حيث الالية والفكر والتطبيق والتكتيك والايديولوجيا.

 

هناك من المفاهيم الجديدة التي طفت الى السطح ولا يمكن انكارها وهي بذاتها تعبر عن لب اليسارية . من يدعي ان فلسفة حرية التعبير وحقوق الانسان ليس بجوهر الفلسفة اليسارية فهو مخطيء ولكن من جانبها الاجتماعي وليس القومي او الفئوي المنعزل عن تطورات العالم .

 

و هذا لا يعني ضرورة الالحاح على تطبيق اليسارية التقليدية التي لم توائم العصر ان اتبعت ونفذت بشكل مطلق ورفضت التغييرات، وعلى الجميع ادعاء اليسار الاجتماعي مع الاخذ بنظر الاعتبار متطلبات ومواصفات العصر والنضال بالوسائل والاليات التي تلائم التقدم والحداثة والتمدن في جيمع المجالات، وهذا ما يفرض تغييرا في الفكر والشكل والطبيعة اليسارية وبمختلف مسمياتها. اليسارية التي تؤمن بحقوق الاخر بمعنى الكلمة وفي كافة الجوانب، وهذا ما يعني بانها تهتم بالنقاش والجدال والتفاهم والتقارب مع الاخر والايمان بالنقاط المشتركة وعدم الاعتداء على حقوق الاخر . ويمكن لليسارية ان تنفذ دورها المطلوب اينما كانت من اجل تحقيق اماني واهداف الطبقة الكادحة والفقراء المعدمين سوى كانت داخل السلطة او في المعارضة وان كانت على هيئة حركة او حزب او تيار فكري اجتماعي او ثقافي عام، ويجب ان تكون لها اليد الطولى في مجموعات الضغط والتاثير على الراي العام في سبيل ايجاد الحلول اللازمة للقضايا التي تمس المجتمع وفي مقدمتها ما يخص الطبقة الكادحة. وهي التي تجد في اكثر الاحيان الطرق الملائمة لحلحلة المشاكل المرتبطة بها مع حل القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية، وهي حاملة لبرنامج مختلف كليا عن الاخرين وليس ضدهم، وهذا هو جوهر اليسار الحقيقي الواقعي ان اردنا تسميته والذي يمكن ان يناضل في هذه المرحلة التي يعيشها العالم وفي خضم التطورات الحاصلة والتغييرات المشهودة والانتقال الى المراحل الاخرى التالية، وفي حينه سيبقى لكل حديث حديث. هذا هو اليسار الواقعي المطلوب اليوم بالذات في ظل هذه الخصائص والمميزات العالمية وما نحن فيه بعد انهيار التجربة السوفيتية وما نشهده منذ اكثر من عقدين .

 

 

 

 

في المثقف اليوم