أقلام حرة

وزارة الصحة .. قلع العيون ولا قلع الرؤوس / مهدي الصافي

بتعرضهم إلى جرثومة خطيرة في مكان العملية (العين)، بعد الانتهاء من إتمام العملية، مما تهدد  هذه الجرثومة هؤلاء المساكين  بقلع عيونهم،

والمواطن يسأل ونحن معه نتساءل،

 لماذا كل هذا الإهمال والاستخفاف بحياة المواطنين، وسلامة أعضاءهم المهمة؟

لقد عبر وكتب الكثير من المثقفين والكتاب العراقيين حول حالة الانهيار الصحي في العراق، على الرغم من التحديث الهائل الذي حصل في جميع مؤسسات وزارة الصحة بما فيها المستشفيات والمستوصفات  والعيادات والمراكز الصحية، عبر صرف ميزانية كبيرة لشراء الآلات والمعدات والأجهزة الصحية، وبناء مراكز صحية وتعليمية حديثة ومتطورة، الخلل كما يشخصه اغلب المواطنين العاديين، هو خلل إداري وفني مصحوبا بالطبع بالفساد المالي، وقلة خبرة الكوادر الطبية العراقية، وانشغالها بجني الثروات الطائلة جراء فتح المستشفيات الأهلية (التي تعمل أيضا بالإكراميات)،  إضافة إلى عياداتهم الخاصة

(التي يقال إن بعض الأطباء وفي سابقة خطيرة لم يعرفها العراق والعالم الثالث من قبل، ويبدوا انها انتشرت في فترة الحصار الاقتصادي، وذلك بدخول أكثر من مريض في نفس الوقت إلى غرفة الطبيب لمعاينتهم جميعا في إن واحد)،

علما إن تلك المستشفيات المسماة بالخاصة يعتبر بعضها  أسوء من المستشفيات الحكومية، ولانعرف كيف حصلت على إجازة العمل، من جهة أخرى نرى ان اغلب الأطباء يعملون في المستشفيات الحكومية على مضض، . ينتظرون فرصة العمر من خلال انتهاء مدة الإقامة في الوظيفة الحكومية، من اجل فتح بوابة الذهب القادمة من العيادات الخاصة، والبعض الأخر يعمل بثلاث وظائف في ان واحد (المستشفيات الحكومية، التدريس في الجامعة-والعيادة الخاصة)

تنظيم عمل وزارة الصحة يحتاج إلى ثورة علمية وإدارية ورقابية وعمرانية لتحديث هذه الوزارة الحيوية وكوادرها الطبية، مع العلم إن اغلب دول العالم لاتنظر إلى هذه الوزارة على إنها احتكار وطني خالص، بل تعمد إلى تدعيم كوادرها بالخبرات الطبية والتمريضية الأجنبية، لأنها ببساطة تتعلق بحياة الناس وليس فيها اجتهادات شخصية أو بحاجة إلى أراء وشعارات وطنية كما قلنا،

والمعروف إن أبناء البلد لايكونون أكثر فعالية ونشاطا في مجال العمل الخدمي (ولهذا اغلب الدول المتطورة نجد إن وظائف التنظيف وخدمات التمريض فيها، هي من الجنسيات الأجنبية، وهذا مافعلته اربيل في إقليم كردستان، حيث استعانت بالعمال السرلانكيين والخادمات الأجنبيات للخدمات البلدية المحلية والمنزلية)

إصلاح النظام الصحي يمر عبر إجبار الأطباء العاملين في العراق، بعدة ضوابط ولوائح وشروط صحية للعمل في العيادات والمستشفيات الخاصة، وفيما يلي جملة من التفاصيل التي يجب إن يعرفها المواطن والمسؤولين على هذه الوزارة المهمة:

أولا :لايجوز فتح العيادات الخاصة قبل استكمال ربط هذه الوزارة بالشبكة الالكترونية الصحية (المحلية داخل المحافظة أو المركزية في الوزارة في بغداد)، وهذه الأمور غير مكلفة وبسيطة التطبيق، حتى يتمكن الطبيب من حفظ المعلومات الصحية الخاصة بالمريض، وكذلك يحق للمواطن ان يحتفظ بالوصفات الطبية التي يمكن إن تكون سببا لزيادة المرض، تبعا لفرضية الإهمال الذي قد يتعرض له إثناء مراجعة الطبيب، ومن ثم يحق له بالتقدم بشكوى رسمية وموثقة

ثانيا:توفير خدمات التأمين الصحي للطبقات الفقيرة أو ذوي الدخل المحدود، الذين يمكنهم مراجعة الأطباء في العيادات الخاصة، دون دفع كشفية الدخول أو دفع جزءا منها، مع تكفل الحكومة ووزارة الصحة بدفع المبلغ الباقي للطبيب

ثالثا:يجب تعويض المرضى الذين يتعرضون إلى حوادث الأخطاء الطبية من قبل وزارة الصحة، وكلا حسب حالة الخطأ، والأذى الذي ناله جراء الإهمال (ومن هنا يمكننا ان نقلل من دخول الأعراف العشائرية والقبلية في مثل تلك الحوادث)

رابعا:الاستعانة بالكوادر الطبية الأجنبية، سواء كانوا أطباء أو ممرضين أو ممن يعملون في الأجهزة (كأجهزة السونار) والمختبرات الطبية، وكذلك حل مشكلة أطباء التخدير العام.

خامسا:زيادة حملات الوعي الصحي، عبر طبع المطبوعات الملونة والواضحة وتزويد كافة المستشفيات والعيادات الحكومية أو الخاصة بمثل هذه الملصقات أو النشرات الورقية المتعلقة بمختلف الأمراض

سادسا:تعزيز دور اللجان الرقابية الطبية والصحية، لمتابعة مستوى الأداء والخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وكذلك متابعة أساليب التعامل اليومية المقدمة من قبل كوادر وموظفي وأطباء المستشفيات والمراكز الصحية الأخرى،

وضرورة احترام المريض وأفراد أسرته (توتر غير محسوب يعاني منه أهالي المرضى، لانهم إثناء دخولهم إلى المستشفى يلاحظون البطء في استقبال المريض، يترتب على ذوي المريض جلب عربة (السدية) نقل المريض وإدخاله إلى المستشفى، ومن ثم يطلب منهم إن يرزح تحت أشعة الشمس خارج المستشفى، لان فساد التصميم الحديث لم يهتم بصالة انتظار أهل أو أصحاب أو أقرباء المريض، لينشب نزاع غير مبرر بين المراجعين والشرطة أو حرس

المستشفيات)

الحديث يطول ولكم ان تلاحظوا حيرة ذوي المريض وهم يقارنون مختبرات التحاليل (الخارجية والحكومية) حول حالة مريضهم، لعدم وجود ثقة كافية بجميع تلك المختبرات، (وفقا لمعلومات العاملين فيها، حيث يؤخذ التحليل من مختبرات المستشفيات، ثم يذهب الأهالي إلى أكثر من مختبر خاص، ومن ثم تجلب نتائج هذه التحليلات، ويطرح منها نسبة الخطأ وبعدها تعرف النتيجة، لماذا لان المادة المستخدمة في التحاليل مكلفة).

الثقافة الصحية جزء من ثقافة المجتمع، وهي واحدة من العوامل التي يمكن من خلالها ان يتلمس المواطن مصداقية جهود حكومته أو الوزارة المعنية بالأمر بالتخفيف من معاناته، ويتعرف على حقيقة احترامها لكرامة مواطنيهم (لأنهم عندما يمرضون يستنكفون من المعالجة في مستشفياتهم الوطنية ويهرعون إلى المستشفيات العالمية المكلفة)، وتسهر على توفير الخدمات والاحتياجات الطبية والخدمية الإنسانية الكفيلة بحمايته من العوز والفقر والانهيار.

لسان حال هؤلاء الفقراء الذين ينتظرون احتمالية قلع عيونهم المتجرثمة، قلع العيون ولا قلع الرؤوس، فصدام كان يقتلع الرؤوس بلا رحمة ودون اكتراث، والديمقراطية الحديثة جاءت تقتلع العيون برحمة وبرفق، تحت إشراف وزارة الصحة -المنتخبة

 

مهدي الصافي

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2178 الاربعاء 11/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم