أقلام حرة

البديل السياسي في العراق الجديد (2) / مهدي الصافي

اي بمعنى انه يجب أن لا يستسلم الشخص للفقر وأسبابه، وان يتعايش نفسيا من ظاهرة الرفض والاحتجاج الدائم للسلطة أو النظام الحاكم،لأنها تمثل الفرصة والأمل الأخير والوحيد ،الذي يمكن من خلاله انتزاع ما يمكن انتزاعه من حقوق وطنية ،تضمن له ولا بناءه العيش الكريم،وتبعد عنه صورة الاذلال والتبعية المفرطة للحكومة ورغبات مسؤوليها

(وهذه هي واحدة من مكاسب الأنظمة الديمقراطية في العالم، التي وفرت فرصة الضمان الاجتماعي والتربوي والصحي للفقراء وذوي الدخل المحدود،إضافة إلى تكافئ الفرص الممنوحة للمواطنين في الوظائف الحساسة والعامة،مع توفر عدالة اجتماعية نسبية واضحة في النظام السياسي)

ولكن يجب أن تبقى مسألة الضمان السياسي حاضرة في الأذهان،(المتمثل بفصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية)،ومعيارا واقعيا لمعرفة مصداقية الحكومة ونزاهتها في تطبيق وعودها الانتخابية،

الخاصة بحماية كرامة الفرد من ظلم التمييز الاجتماعي المتبع في اغلب الدول الشرقية(والدول العربية)،والتحقق من التوزيع العادل للثروات الوطنية الطبيعية،

(وخصوصا نحن بلدان لانعيش على العائد الضريبي ،ولذلك يجب ان لا تتحول بلداننا ومؤسساتنا الحكومية الخدمية إلى القطاع الاستثماري الخاص ،لأنها ستسبب مشاكل اقتصادية ومعشية للمواطن الفقير أو ذوي الدخل المحدود ،وهذا ما يعانيه المواطن العراقي الحالي،حيث إن أكثر من نصف الموظفين العراقيين لا تكفيهم رواتبهم)

ومحاسبة ناهبي المال العام ،ومتابعة الأموال المسروقة(حتى ولو كانت دولارا واحدا( واسترجاعها إلى خزينة الشعب،وإنصاف الشرائح الفقيرة بدون لغة المنن وثقافة توزيع المكرمات،لان الشعب هو من يمنن بعد الخالق عز وجل على مسؤوليه بتلك الوظائف والرواتب والمنافع الاجتماعية الكبيرة التي تهدر كل يوم دون مبرر،

(لا ان يصدر البرلمان عفوا عن المجرمين والسارقين،وهو غير مخول بالطبع بالتنازل عن أموال الشعب المنهوبة)

الضمان السياسي :يجب ان يهتم أيضا ويحترم أراء وأفكار ومقترحات المواطنين وممثليهم من أبناء الوسط الثقافي ،الخاصة بإصلاح العملية السياسية وتقويم مسارها

(وإلا فما فائدة عمليات استطلاع الرأي التي تجرى في اغلب الديمقراطيات المتطورة الحديثة، إلا لأنها وسيلة ديمقراطية لإشراك الشارع في الأمور الحساسة،تعطي انطباعا معينا يساعد السياسيين على تقدير الموقف لاتخاذ القرارات الصعبة)

البديل السياسي (في العالم الشرقي والعراقي تحديدا( لأي دولة تعاني من الفوضى السياسية والإدارية والاقتصادية ،يجب ان يمر بعدة مراحل:

أولا:تحديد العلاقة المصيرية والمبدئية بين المفكرين والمثقفين وأصحاب الأقلام الواعية، وبين العمل السياسي الوطني،فعبر مر العصور والأزمنة كان علماء الفكر الاجتماعي والعلمي عرضة لبطش الحكام،وذلك لدورهم الشامل في التغيير وتحمل المسؤولية تجاه قضايا بلدهم المصيرية، الذي يخيف الأنظمة المستبدة،ويهدد عروشها وسلطاتها المتوارثة،

(إن تقدم الوعي ليس طوليا مثل التقدم الذي يمضي من السبب إلى المسبب،ولكنه تركيبي متعدد الإبعاد،مادامت كل فكرة تحتفظ في نفسها وتتشابه مع كلية الأفكار السابقة..........الأفكار بطبيعتها تركيبية، جان بول سارتر-"المادية والثورة،"،أوردنا هذه العبارة ليس لأننا نؤمن بأسلوب اقتباس العبارات ،ولكن هكذا اعتاد أدباء وكتاب الحداثة، استعارة مقولات الآخرين لتدعيم مواقفهم ورؤيتهم الخاصة،وهو أسلوب حضاري متبع في اغلب الميادين الثقافية

ولتركيبة الأفكار ،وعملية صياغتها بشكل مرضي للوسط الثقافي والاجتماعي،مهام فكرية ورياضة ثقافية واجتماعية،تجعل مسألة تحليل الأحداث والوقائع السياسية والاجتماعية أكثر رصانة وحصانة من الخطأ،

حيث لا يمكن للمثقف والأديب والفنان أن يعتزل الحياة السياسية،كونه فرد فاعل أو مراقب ومؤثر في تجريد الأحداث ،ونقدها نقدا موضوعيا يسمعه الشارع عبر مختلف وسائل الثقافة والصحافة والإعلام،

(كان أول أدوات الأنظمة الشمولية الساقطة تحت هتافات شباب الربيع العربي هي الاستعانة بما يسمى فنان أو مثقف أو أديب أو إعلاميي السلطة، لدوره وتأثيره المباشر في المجتمع)

لان المجتمعات الشرقية لازالت ترى صورتها في الآخرين، البارزين على الساحة،لأنها غير قادرة على امتلاك صورتها الشخصية ،لعدم قناعتها الكاملة بوجودها المؤثر (وأسباب أخرى اجتماعية وبيئية)

ولهذا حتى في الانتخابات الديمقراطية يتعذر عليها فهم نوع وماهية الشخص أو الكتلة أو الحزب ،الذي سوف يخدمه أو يساعده ولا يستنكف من سماعه وسماع مشاكله ومطالب محلته أو عشيرته المشتركة.

المثقف لديه عدة خيارات للاشتراك في العمل أو في مهام التوعية السياسية(وقد كان المثقف العربي والعراقي تحديدا سياسيا بطبيعته،لكن انتشار الحركة الشيوعية والماركسية في البلدان العربية،وقسوة الأحكام الدينية والاجتماعية التي شملتهم ،وقذفت بعضهم بتهمة الإلحاد ،عزلتهم عن بيئتهم الخاصة،وجعلتهم يبتعدون عن قضايا مجتمعاتهم الحساسة،

يمتد جذور تلك الثقافة البدائية إلى عهد الدول الإسلامية،الثلاث-الأموية -والعباسية -والعثمانية)،له حرية الاختيار في مواصلة طريق الإبداع الثقافي والسياسي،ولكن ليس له خيار الابتعاد والانهزام من مواجهة الواقع رغم مرارته وصعوبة اختراقه.........

ثانيا: تحديد نوعية وطبيعة العلاقة بين الدين والدولة،والتي تشمل كما ذكرنا ذلك في عدة مقالات سابقة،العلاقة بين رجل الدين والدولة،وكذلك العلاقة بين الدين كشريعة وقوانين أو دستور ونظام الدولة

(لا كما يصرح السلفيين الجدد نريد عودة الخلافة،لأنهم يعتقدون إن مبدأ الشورى الذي اتبعه الخلفاء الراشدين رض هو خيار مقدس لا يمكن تغييره،ولهذا لايجوز إن تخضع الشريعة للخيار الديمقراطي)

نعتقد إن نظرية الشهيد محمد باقر الصدر في طبيعة الدولة الإسلامية،وكذلك تجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية،وحركة النهضة في تونس،تعطي نتيجة مفادها إن الإسلام كدين ليس فيه شروط سياسية مقدسة واضحة تشرح طبيعة قيام الدولة الإسلامية،ولذلك نجد إن هناك بعض الفرق الإسلامية لم تقر نتيجة الخلافة الراشدة،

واعتبرتها احدى أساليب الحكم الدنيوي ،ليس فيه تقديس قرآني منزل ،وقد اتفق عدد من الصحابة بما فيهم الإمام علي ع ،على إن الخلفاء الذين سبقوه لم يكونوا اقدر منه في تطبيق الشريعة الإسلامية(وليس الإدارة الحكومية

وقد كانت فترة الخلافة الثالثة في عهد عثمان رض،محط نقد واختلاف من قبل الكثيرين،ممن اعترضوا على سياسة تثبيت وتفضيل البيت الأموي في الحكم،ولكن لا احد يختلف في أمور الشريعة المنزلة من السماء ،

في كتاب أحكمت آياته من قبل الباري عز وجل،ولكن تختلف الناس في طبيعة الحكم وأسلوب إدارة الدولة ،التي ما عادت دار خلافة وقضاء وبيت جباية المال وتوزيعه كافية لمواجهة التحديات العالمية الحضارية أو الحديثة،

الدول شاء لها الله كما حددها في كتابه العزيز ان تكون مختلفة بين شعوب وقبائل ولغات واديان وأطياف مختلفة ،موزعة على كل بقاع المعمورة،لديها مهام وادوار جديدة غير معهودة في العصور الغابرة وحتى المتقدمة،صارت الدولة مؤسسات ومراكز ووظائف محلية ومركزية،

وتغير عالم التربية والتعليم،وتغيرت مسيرة الشعوب من العصر الحجري إلى عصور الزراعة والصناعة والتكنولوجيا،

ومن هنا فنحن لسنا بحاجة لرجل دين يقبع في سرداب علم اللاهوت(مع احترامنا لتلك العملية الروحية( ليحدد لنا مسار الدولة ونظمها الإدارية او الاقتصادية أو التربوية أو التعليمية والمالية الخ.

هناك فرق بين الفكر الثوري الغربي الذي تحمل أعباءه فلاسفة ومفكرون في العصور الوسطى الحديثة،الذي انطلق من عقدة الكنيسة وسطوتها،وبين الدين الإسلامي الذي لم يواجه إلا عقدة واحدة هي عقدة خلفاء الدول الإسلامية،الذين لم يحكم اغلبهم بما انزل الله

(فكان البعض منهم يتفنن بقتل المخالف بالرأي كقطع اللسان وهي جريمة لا يعرفها الإسلام ،بل تعرفها العصور البدائية في الجاهلية الأولى)،

مع بقاء عقدة الاختلاف المذهبي والتأويل القرآني عقدة شخصية تعود لرؤساء المذاهب وأتباعهم،ولهذا نحن بحاجة إلى صياغة أخلاقية مدنية تراعي الشريعة الإسلامية المقدسة بطريقة واقعية بعيدة عن الغلو،

لا تسمح لها بصناعة الأزمات الاجتماعية،وتترك مجالات الإدارة الرسمية للدولة خارج إطار المراهنات الطائفية والدينية،

تفصل فيها الأنظمة التشريعية المدنية ،والمتناغمة مع الشريعة الإسلامية، وبين الآراء والتصريحات والمعتقدات والاعتبارات الدينية المحددة بإطارها الشخصي أو الطائفي.............

ثالثا:تفتيت وتفكيك التركيبة القبلية للمجتمع العراقي أو العربي،عبر التخلص أولا من الأسلحة التي بحوزتها(مخازن البارد)،وتحويل مناطق القرى والأرياف إلى مدن عصرية صغيرة(قرى عصرية)،تكون لأجهزة الدولة ومؤسساتها الحكومية حضورا بارزا فيها،والابتعاد عن طريقة الربط المركزية السائدة،التي كان ابن القرى والاقضية والنواحي مرتبطين إداريا ونفسيا ومعنويا بمركز المحافظة ،وكذلك المحافظة مرتبطة بسلطة العاصمة،

ولنا ان نعرف حجم المعاناة النفسية والشخصية وحتى المادية،التي سوف يعاني منها الشخص المتوجه إلى مركز العاصمة أو محافظته،وشعوره بأنه اقل درجة من أبناء تلك المناطق،

ثمة سؤال يطرح للمناقشة الهادئة مع الحكومات المحلية أو المركزية،لماذا برأيكم يحتاج الفرد العراقي أو العربي إلى سلطة عشيرته،إلا لانه يشعر إن الحكومة غير قادرة على حمايته أو الدفاع عنه وعن عائلته وممتلكاته

(ولهذا نحن ندعو القضاء العراقي لدراسة مقترح تحميل شيوخ العشائر مسؤولية اندلاع المعارك فيما بينهم،واعتبارهم مشاركين في جريمة اخذ الثأر والانتقام،لان المعارك والصراعات العشائرية تتم بعلم شيوخها)،المجتمع القبلي مجتمع راكد لايتحرك ،ولايمكنه مواكبة عصر المجتمعات المنفتحة على الأنظمة والقوانين وثقافة ومعتقدات الآخرين،

إن بقيت سلطاتها وقوتها العسكرية والاجتماعية أقوى من السلطات القضائية والقانونية،ثم إنها عقبة رئيسية في بناء دولة العدالة والمساواة،دولة المواطنة....................

رابعا:التاريخ وعلاقتنا الأخلاقية به،هناك التاريخ الإسلامي وهو تاريخ ليس منقحا أو شفافا بما فيه الكفاية،بل لازالت الأمة الإسلامية خاضعة لاعتبارات تراثية متطرفة،لاتقبل الحل الوسط في عملية تقييم الآخرين،تلك التي تقف حائرة في تفسير خلافات الإمام علي بن أبي طالب ع الخليفة الشرعي ورابع الراشدين،وبين معاوية بن أبي سفيان،

ينطلقون في أحكامهم كما انطلق من قبلهم الخوارج،وهناك مواقف مبدئية تتعلق بدراسة تاريخ الدول الإسلامية الثلاث(الأموية والعباسية والعثمانية)وضرورة الابتعاد عن سياسة الإلغاء أو الاحتفاء الكامل أو الشامل لتاريخ تلك الإمبراطوريات،

لأنها تعبر عن تاريخ امتنا الإسلامية وحضارتها المؤثرة في العالم،ولذلك نحن بحاجة إلى تقييم منفصل لايتعلق بنوعية وطريقة الحكم،أو تدين أو مذهب الخليفة وتوجهاته،لان تلك الدول كانت تمتلك موروثا ثقافيا زاخرا بالعطاء والانجازات الثقافية والدينية

(ظهور المذاهب والفرق الإسلامية-انتشار المعرفة والعلوم الطبيعية-الترجمة والتدوين-الفلسفة وعلوم الفلك-الشعر والأدب بأنواعه،الخ)،

والعودة إلى دراسة التاريخ السياسي للدويلات العربية أو تحديدا العراق،فهناك لغط واضح في تعريف وتفسير الأنظمة والقيادات والحكومات التي تعاقبت على حكم العراق إبان العهد الملكي، أو الجمهوري،وهنا نحن بحاجة إلى دراسة التناقضات والاختلافات السياسية والاجتماعية بين العهد الملكي والنظام الجمهوري،وتقييم ثورة أو انقلاب الضباط الأحرار 1958)

مع وجود بعض التصرفات والأزمات التي حديث في عهد الوصي عبد الإله،وتدخل المرحوم نوري السعيد في بعض عمليات الإعدام وحالات السجن والنفي التي طالت بعض السياسيين وضباط الجيش العراقي(أحداث مايس وما تبعها1941)لقلنا إن النظام الملكي هو أفضل الأنظمة التي عرفها العراق حتى يومنا هذا(لدينا فيه تجارب استقالات شجاعة لبعض المسؤولين-واستقالة أعضاء مجلس النواب والأعيان-وانتحار رئيس الوزراء السعدون ،و فوق كل هذا لمن تكن خزينة الدولة مشروع مفتوح للنهب)

الإشكال الكبير الذي يقع فيه المثقف العراقي في مراجعة تلك المرحلة،هو استحضار البعد العاطفي أو النفعي لدراسة الموقف الواعي من انقلاب عبد الكريم قاسم،وهو انقلاب ميكافيلي مارسته كل الانقلابات العسكرية في معظم دول العالم،لم تكن الإرادة الاستعمارية(البريطانية-الأمريكية( بعيدة عن تلك الانقلابات العسكرية العربية،

وهي التي اتخذت قرار بتغيير الأنظمة الملكية الدستورية في المنطقة واستبدالها بالأنظمة الجمهورية الدكتاتورية،وقد كانت لعنة ونقمة جلبت ضباط البداوة إلى كراسي لايحلمون بها.

(عبد الناصر في مصر-وقاسم في العراق ،ومن ثم حافظ الأسد في سوريا ،والقذافي في ليبيا ،وعلي صالح في اليمن، ورجل الأمن بن علي في تونس،نشكر الله إن الحرب الباردة انتهت،وببركات الشركات الرأسمالية العابرة للقارات التي لاتقبل ولا ترتضي العمل في الدول الشمولية،وبمساعدة الفيسبوك وعالم الإلكترون،تخلصت الشعوب العربية من تلك الأنظمة الجائرة)

بعد انتهاء مهمة القضاء على النظام الملكي،بدء الرئيس قاسم وعبد السلام عارف حربا شخصية كلا يقول للأخر" أنا أول من خطط وقام بالانقلاب

إن عقلية العسكر وقيادات الجيش عقلية استبدادية تنام وتصحا على صيغة إعطاء الأوامر وتنفيذها،ولاتفهم لغة الحوار والمهادنة والسلامة المدنية في التعامل مع الآخرين،وقد اعدم المرحوم قاسم بعض رفقاء دربه ،لمجرد إنهم صاروا من وجهة نظره خطرا على كرسي الرئاسة

(إعدام رفعت الحاج سري-ناظم الطبقجلي-وكذلك مجزرة الموصل وكركوك-انظر مذكرا فؤاد عارف)

النزاهة والمصداقية في قيادة البلد،وبناء المجمعات السكنية للفقراء،وتشريع قانون الإصلاح الزراعي،لاتكفي لقبول أو لتبرير القيام بانقلاب عسكري غير محسوب النتائج،كان الشهيد قاسم احد ضحاياه،غير مسار الدولة العراقية ونظامها السياسي(كنا نسمع الشيوخ والعجائز يترحمون على النظام الملكي،وهم ينظرون إلى نعوش قادسية صدام وكوارثه المتوالية)

كيف يمكن للإنسان الواعي ان يقبل بالحكم العسكري لأي مجتمع

(والكل يعرف المخاوف التي تنطلي عليها مهمة تولي رجل عسكري حكم البلاد،ولهذا أصبح وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة ،وفي اعرق الديمقراطيات في العالم ،رجل مدني كما في الولايات المتحدة الأمريكية)

إن الكوارث السياسية التي حلت بالعراق هي نتاج كوارث حكم وتدخل قيادات الجيش في إدارة الدولة،ولهذا يجب ان لانعترف بدور الانقلابات العسكرية في ترسيخ مؤسسات ومراكز وأجهزة الدولة العراقية الحديثة،ونعد مثل تلك الانقلابات مع ما تحمله من منافع اجتماعية خاصة،هي وباء شرقي عرفته الشعوب العربية منذ القدم،ولازلنا ندفع ثمنه جيلا بعد جيل.........

خامسا:بناء دولة ديمقراطية لايحتاج إلى تفكيك مركزيتها السيادية على مختلف الأراضي التابعة لها أو المنتظمة بإقليم،وليس من واجبها إعطاء صكوك الضمان العرقي أو الطائفي لاي مكون ،مهما كانت حاجته المعنوية لمثل تلك الضمانات،الضمانة الوحيدة التي يجب ا ن يشعر بها المواطن العراقي داخل حدود بلده، هي المواطنة المجردة من أية اعتبارات أثنية أو دينية أو عرقية،

الترويج لحقوق الأقليات والطوائف خطر كبير يهدد سلامة ووحدة الوطن ،ومشروع قائم للانفصال،

وقد ارتكبت الشخصيات السياسية الممثلة في مجلس الحكم البريمري الأمريكي في العراق، خطأ فادحا عندما أدرجت حقوق الأقليات(وإضافة لغات بعض تلك الأقليات إلى اللغة الرسمية( في بعض مواده،

مع إن الأنظمة الديمقراطية الحديثة استوعبت على أراضيها وضمن مجتمعاتها ،مختلف الأقليات والطوائف والأعراق المختلفة،

مهاجرون كثر يعيشون في بلدان التقدم الحضاري بشكل متساو مع أبناء البلد الأصلي،وقد سجل التاريخ إن الأمم الناجحة هي الأمم المتداخلة مع الحضارات والثقافات الأخرى..........هناك أيضا محاور ونقاط كثيرة نترك الحديث عنها للمستقبل.

إن حاجة المجتمعات العربية أو العراق تحديدا إلى بدائل سياسية وطنية هي ضرورة ملحة لإنقاذها من الفوضى،وخصوصا إن موقف الحكومة السورية الصعب من الأحداث الجارية في بلادها بدأت تأخذ منعطفا خطيرا، سينعكس سلبا على الواقع السياسي في العراق،وقد يوسع هوة الخلافات المستمرة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية

(الذي يطمح لاستخدام المعارضة الكردية في سوريا ورقة للضغط على الحكومة الاتحادية في بغداد بالاتفاق مع تركيا، هذا فضلا عن التوتر الوهابي السلفي الذي يريد محاصرة العراق تجاريا واقتصاديا وسياسيا)

ولكن هذا لايعني تماما إلغاء الدور الوطني لبعض الشخصيات النزيهة التي تصارع حاليا عمليات الهدم المنظم للسيادة الوطنية العراقية،بل يمكن إن يكون لها مهمات تاريخية لإنقاذ مستقبل الوضع السياسي الحركي في البلاد،ولكن تبقى هواجس التغيير السياسي قائمة في العراق ،مادامت العملية السياسية تتعثر وتسير بخطى بطيئة ومتذبذبة ،غير قادرة على إكمال مشوار النهوض الديمقراطي بشكل صحيح..................

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2184 الثلاثاء 17/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم