أقلام حرة

تصريحات مسؤولي دول الجوار تدخل في شؤون العراق الداخلية

ونظرته الى الوضع العراقي الحالي وعلاقاته مع المكونات الرئيسية للشعب العراقي والحكومة العراقية والاحزاب والاتجاهات الموالية له سرا كانت ام علنا، والغريب في الامر ان الردود المفروضة ان وجدت حول تلك المواقف من قبل جهة مختصة وان كانت موجودة اصلا فهي تكون متناقضة مع البعض مما تدل على هشاشة الوضع السياسي العام ومستوى التزام الجهات العراقية الداخلية بالحفاظ على المصالح العليا ووحدة صف الشعب، والاهم عدم التعارض بين اختصاصات كل هيئة او مؤسسة سياسية مختصة بهكذا امور وهي من واجبات وزارة الخارجية اولا والحكومة العراقية بشكل عام لم نحس به لحد اليوم، والاهم ان تكون الردود من مصدر واحد وباداء دبولماسي حضاري تقدمي، فيكون للبلد ثقله وتاثيراته، وحينئذ تكون له القدرة على سد الطريق امام تكرار التدخلات من اية دولة كانت في شؤونه الداخلية، وهو حر في التعامل مع ما يهم ابناء شعبه وفق القوانين المرعية حسب دستوره المقرر، ومهما كانت الاختلافات بين المكونات والجهات يجب ان تكون نهاية المطاف للوصول الى الحل بايدي الجهات العراقية الداخلية وكل حسب اختصاصه ومقامه، وبالاخص الحكومة التي يجب ان تعمل جاهدة في منع خروج الافرازات السلبية للصراعات الدائمة الى خارج نطاق مساحة السياسة العراقية الداخلية او حدودها المعلومة، ويكون الحفاظ على السيادة ليس بمنع التدخلات العسكري او الاضرار بالاقتصاد والوضع الاجتماعي فقط وانما بفرض احترام الذات على الاخرين ومنعهم من التطاول عليها والتعامل مع الاخر استنادا على ما يسمح به القانون داخل البلد، وهو من اهم الواجبات الرئيسية لاي بلد الذي يريد الحفاظ على هيبته ومكانته .

منذ سقوط الدكتاتورية ونلمس المخالفات العديدة من دول الجوار ومسؤوليها ولم نسمع الرد المقنع او الموقف الحاسم، ونبرر هذا ونقول، ربما الوضع العراقي الراهن لا يسمح بتضخيم الامور ويحتاج للهدوء في العمل الدبلوماسي واتباع الطرق الحضارية المدنية في التعامل وكسب ود الجميع لتنظيم الامور الداخلية ومن ثم ترتيب العلاقات مع الخارج، ولكن ازدياد التدخلات والتطاول حتى على خصوصيات الشعب والقوانين العراقية لا يحتمل السكوت بل الرد الحاسم سوف ياتي بنتيجة ايجابية اكثر من المرونة والهدوء في بعض الحالات .

ان وضعنا دعم كل دولة جارة لمكون او جهة عراقية داخلية سرا جانبا، ومنعه يحتاج لتوحيد الصف الداخلي وتنظيم البيت وترتيب الوضع السياسي والاجتماعي وفرض احترام ومراعاة القانون على كافة مكونات الشعب العراقي انفسم، اضافة الى الواجبات المخابراتية المطلوبة في هذا الشان في هذه المرحلة والقدرة على الرد في الوقت والمكان المناسب، فندع هذا الواجب لوقته.

ان ما انا بصدده هو التصريحات الاعلامية العلنية ومتطلبات دول الجوار على العلن في تدخلهم المكشوف في الشان الداخلي وبالاخص فيما يخص القضايا الحساسة.

على الرغم من الاتفاقيات الاستراتيجية الطويلة الامد بين تركيا والعراق والبروتوكول الموقع من قبل الهيئة العليا للتعاون الاستراتيجي المشترك في 10/7/2008 الا ان انقرة تنظر الى القضايا الداخلية العراقية وبالاخص مسالة كركوك على انها تمس استراتيجيتها ومصالحها القومية وتعبر عن ارائها ومواقفها بكل صراحة في اي حادث او عملية تجري في العراق ولم تخفيها يوما وما تهمها في تلك القضايا، وما صرح به اردوغان عند زيارته العراق حول صياغة موقف خاص بكركوك واعتبره حل تدعمه تركيا، يعتبرتدخلا فضيحا في هذا المضمار ان تعاملنا نحن كدولة مستقلة ولها مواقفها وارئها وساساتها الخاصة ولها اسرارها وخصوصياتها. ويتجلى لدينا من هذا الموقف رؤية انقرة الواضحة وحساسية الموقف والقضية ومدى سماحها لنفسها في التدخل والمس بشان الداخلي العراقي، وكما افصح عما يراه واراد ايصاله من خلال محاولته ابلاغ رسالته المعلومة. مسالة كركوك لا تحتاج الى التدخلات الخارجية التي تعقدها كاثر من اي شيء اخر، ويجب ان تحل داخليا ومن قبل ابنائها ولا يمكن بقائها على وضعها دون حل جذري الى ما لانهاية، لانها سوف تؤثر سلبا على الروابط الداخلية وتتعقد الامور اكثر ويصعب حلها ان بقت على حالها، ويجب ان تكون اولى اولويات والمهامات الرئيسية لمجلس النواب العراقي القادم وتكثيف جهودهم، ويتم ذلك ببدء العمل لايجاد الحل المناسب المقنع لجميع الجهات لهذه القضية المصيرية قبل اي شيء اخر.

اما من الجوانب الاخرى، فان التصريحات النابعة من الخلفية المصلحية البحتة للدول ومنها صادرة من افق مذهبي وديني ليست الا اراء نابعة من الفكر والايديولوجياو العقائد التي تؤمن بها تلك الدول، وتريد ان يكون العراق تابع لها ويبقى على حاله او يجب ان يقع على وضع وظرف يفيد استراتيجيتها في المنطقة. غير ان السياسة الصحيحة والوضع العراقي الراهن يفرض علينا ان نعمل على ان يكون لنا راي ثابت وخاص ومدعوم من قوة الوحدة الداخلية ومراعاة الظروف وضمان مستقبل الاجيال من خلال الفكر السليم والخصوصية والعقلية العراقية الصافية، ويجب ان تكون صادرة من فهم الواقع العراقي وخصائصه، ويكون الجميع مؤمنا بمقولة العراق وشعوبه اولا وقبل اي شيء اخر، لنتعض من الماضي وما اقدم العراق على التضحية فيه من اجل الافكار والايديولوجيا والفلسفات النافذة التاريخ، ولم يكن هناك اي احترام لحقوق الانسان العراقي وعقله وانسانيته ومكانته.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1203 الثلاثاء 20/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم