أقلام حرة

مشروع الالتفاف الإقليمي لتدمير العراق / مهدي الصافي

التي قد تواجهها تلك الدول، واستمرار لغة التصعيد والاستفزاز المتبادلة بين الطرفين (السوري- المحور التركي)، وصلت حد تبادل القصف وقذائف المدفعية عبر حدودهما مع تسجيل سقوط عدد من الضحايا، مشروعا مكملا للثورات العربية الباحثة عن الدولة الديمقراطية الحديثة(ثورات الحرية أو الربيع العربي)، وإنما أصبح مشروعا لحرب باردة جديدة، وقودها مرة أخرى العرب، وفتيلتها الفتنة الطائفية!

بعد ان تحول احتفال حزب العدالة والتنمية التركي بذكرى تأسيسه إلى مهرجان إقليمي لمشروع طائفي وهابي،  يستهدف امن واستقرار دول المنطقة المعارضة لمشروع إسقاط الدولة السورية،  من خلال الشخصيات العربية والإسلامية التي دعيت لهذا الاحتفال!

بات من الواضح إن مفهوم الهلال الشيعي (إيران - العراق - سوريا - لبنان) الذي نوه لمخاطر امتداده ملك الأردن عبد الله(الذي تواجه مملكته اخطر موجة معارضة جماهيرية تهدد أركانها أو حتى بقاءها)،

ولكن الأمر تطور سريعا وأصبح مشروعا دوليا(أمريكي أوربي) للالتفاف الإقليمي حول دول هذا الهلال، وصولا إلى الحدود الروسية-الصينية،

ولهذا تعد روسيا مسألة بقاء أو انهيار النظام السوري مسألة حساسة تهم وتهدد مستقبل الأمن القومي الروسي (بالضبط كتدخلها السابق في جورجيا)،

ومن هنا يمكن اعتبار توجه الحكومة العراقية المتمثلة برئيس وزرائها المالكي إلى روسيا بحثا عن أسواق أو مصادر عسكرية جديدة لتسليح الجيش العراق بأنها خطوة إستراتيجية مهمة، جاءت في الوقت المناسب، بغية الإسراع في إعادة بناء القدرات العسكرية العراقية، التي يبدوا من خلال الأحداث الجارية في سوريا إنها مقبلة على مهمات وواجبات صعبة تنتظره، وكذلك تعد خطوة لتغيير معادلة ميزان القوى الدولية الفاعلة والمتورطة في الملفين العراقي والسوري، وخصوصا إننا نرى تلكأ واضح من قبل مجلس الأمن فيما يتعلق بملف البند السابع وإبقاء العراق تحت عباءته.

لقد كانت إشارات تقليل حصة العراق المائية المتدفقة من قبل الجانب التركي، وتصعيد لهجة الخطاب الدبلوماسي الاردوغاني، وفتح ملف الصداقة الجديدة مع السيد مسعود البرزاني المتوترة علاقته مع المركز، واستضافة العديد من المؤتمرات الطائفية المحرضة على العنف في العراق وسوريا، وكذلك احتضان  الإرهابي الهارب طارق الهاشمي (والذي يبدو إنهم متورطون معه في بعض العمليات الإرهابية)، ومن ثم دفع الجارة الصغيرة الكويت لخنق المنفذ البحري العراقي الوحيد عبر خطة بناء ميناء مبارك، ورفض المملكة العربية السعودية وقطر تفعيل العلاقات الثنائية بينها وبين العراق، إضافة إلى فتاوى التكفير والتضليل الطائفية وغيرها من الممارسات الإعلامية الشبه يومية الموجهة للخطر الديمقراطي الجديد (أو الخطر الشيعي كما يدعون)،

كلها دلائل واقعية لاحتمالية جر العراق وإيران وحتى لبنان (بعد ان يتم لهم ما يرغبون ويسعون إليه في انهيار النظام في سوريا) لحرب طائفية مصيرية،

تستهدف العراق أولا،

وذلك بسبب إن بعض الأحزاب والحركات ورجال المهمات القذرة العاملة في الساحة السياسية العراقية تمارس اشبه بما يسمى بالخيانة العظمى للوطن، عبر تورطهم العلني في مد جسور العلاقة المشبوهة بينهم وبين تلك الدول،

ففي كل مرة يصحو المواطن العراقي على نموذج وسخ ومتعفن بسموم الكراهية والحقد يعمل على إشاعة الفوضى والفساد المالي والإداري والسياسي،

ماذا يعني ان يهتم عدد من المسئولين السياسيين وبعض أعضاء البرلمان بملف المساجين المتهمين بقضايا الإرهاب والجرائم المنظمة،

دون ان نسمع لهم صوتا بينا يتحدث عن ملف الخدمات أو ملفات الفساد الأخرى،

ماذا يعني إنكم تشككون بالسلطة القضائية العراقية،  وانتم لازلتم تجلسون تحت قبة البرلمان (لم نسمع إعلان البراءة من قبل أعضاء القائمة العراقية حول قضية المجرم الهارب طارق الهاشمي)،

إن الوضع الداخلي يجب ان يكون متماسكا وقويا، سياسيا، واقتصاديا، وعسكريا، وخدميا، هذا فضلا عن التماسك الجماهيري المطلوب بعيدا عن الانتماءات الاثنية الطائفية أو العرقية،

لايمكن إن تبقى على سبيل المثال الأسواق العراقية أسيرة الأسواق الإيرانية والتركية والخليجية حتى في ابسط السلع الاستهلاكية

(هل يعقل ياحكومة العراق إن الاجبان والألبان والمياه المعلبة المقطرة تأتي من الدول المجاورة ولا تستطيع الدولة أو القطاع الخاص ان يعوض هذه الخسارة القومية)،

نحن نسأل قبل ان تطرح الحكومة العراقية قانون البنى التحتية، عليها ان تجيب عن المليارات التي ذهبت اغلبها هدرا في ما يسمى عملية إعادة الأعمار، لايكفي ان يرسل السيد المالكي ورقة ذمته المالية إلى هيئة النزاهة، بل عليه ان يتكلم بكل صراحة عن كل الجيوب الفاسدة المعششة في الوزارات والمؤسسات والشركات المحلية الفاشلة،

لن يتمكن العراق من صد أية مشاريع خارجية تستهدف وحدة وسلامة أراضيه،  إن كانت مؤسساته ودوائره وأجهزته الأمنية والخدمية والعسكرية غير فاعلة أو عاملة بشكل صحيح، أو تنتشر فيه العناصر القيادية الفاسدة.

إن العراق هو المشروع القادم بعد سوريا، فهل نحن مستعدون للدفاع عنه؟

مهدي الصافي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2236 السبت 06 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم