أقلام حرة

ما العائق الحقيقي امام اقرار قانون الانتخابات العراقية

هذا صحيح في الظاهر،  وما نسمعه هو حساسية هذه المشكلة العويصة وهي تمس اصلا عدة جهات وكنتيجة للتراكم  المتواصل للخلافات المتعاقبة وما تعقدت من هذه القضية ووصلت الى هذه الحال عبر  ما تعاملت الحكومات العراقية معها وتعنتها مما اعمقت من تعقيدها، وما زاد الطين بلة هو ما زرعتها الدكاتتورية اخيرا بما قامت به من الترحيل والتعريب وتغيير الواقع الديموغرافي ونشر روح الحقد والضغينة بين المكونات والتعصب، واصرت على بقاء القضية وكانها ستحلها بالقوة ولم تقصر بما امتلكت من الامكانيات والقوة واستغلت الوضع الاقتصادي والوضع المعيشي للشعب من الموظفين والفقراء المعوزين من اجل تحقيق خططها العنصرية، وكم من الامتيازات  وفرت لمن غيًر قوميته من القومية الكوردية، او نقل سجل احواله الشخصية الى هذه المحافظة من القومية العربية، بينما لم يذكر احد عدد هؤلاء وما قامت به الدكتاتورية وبعض من ينتهج نهجها فرض الامر الواقع، وكل هذا على حساب مكونات اخرى ويراد عدم ذكر ذلك وكانه احقاق حق، واليوم نسمع ونرى ما هو الاخطر، في زمن ندعي فيه الحرية واعادة الامور الى نصابها الحقيقي وليس الاستمرار على الاخطاء التي لا تكون لها عواقب حميدة ابدا، وجميع المواقف ليس نابعا من الافكار الداخلية للمكونات بل للقوى الخارجية ودورها المشوه والمعقد للامور لاغراض معلومة للجميع، وهنا نرى يوميا من يلح على تلك المواقف المعيقة من الموالين المخلصين لمن وراء الحدود مهما تشدقوا بوطنيتهم . هذه كلها تؤدي الى الانحراف في الاراء والمواقف، والاعتقاد بان العقدة هي كركوك لوحدها، ويحاول من يستفيد في تعميق هذه العقدة ان يكثف في توجيه والفات النظر الى هذه النقطة فقط وبشكل علني، وهذا ليس صحيحا ابدا ربما تكون عقدة كركوك نسبة قليلة جدا من الخلافات، ولم تعلن الجهات عنها واستغلوها حجة لعدم امرار القانون بفقراته الحالية، والخلاف اصلا بين المكونات المتنفذة ذاتها حول مواقفهم المتعددة وارائهم المختلفة حول القضايا الكبرى المؤجلة اصلا الى الدورة المقبلة من المجلس النواب العراقي وتخطيطهم للتعامل معها حسب مجريات الامور السياسية والمستجدات لتحقيق اهدافهم بعقلياتهم المعلومة والمكشوفة والمخبأ كثير والوقت سوف يقرر الاعلان عنه، والا لما نرى التراجع عن المواقف والاراء المعلنة والموافقات في الاجتماعات في اخر لحظة، وبعض        منها بعد التشاور و الاستماع واخذ اراء اولياء الامر، وبعد كل جلسة مناقشات مباشرة.

 

 اضافة الى الخلافات العديدة على الفقرات الاخرى الموجودة في نص القانون، هناك السبب الرئيسي الاكثر تاثيرا على جو المناقشات والمواقف قبل مضمون ما  في القانون وهوانعدام الثقة المسبق لكل طرف تجاه الاخر، والنظر الى ما يفكر به الاخر بعين الشك والريبة وكأن الجلسات بين الاخوة الاعداء، وبهذه العقليات التي ترسخت فيها دروس الماضي القريب، تحتاج الاجيال من العمل والاصرار كي تمحى ما زرعتها الاحقاد التي نبتتها الدكتاتورية بافعالها المشينة. هذا هو السبب الموضوعي الرئيسي اضافة الى ثقافة الجهات والمكونات وكيفية تداول المواضيع وروحية التفاهم وتدخلات الاخرين وما تريده المصالح الذاتية قبل اي شيء كان.

 

لو القينا نظرة على ظروف الدول المشابهة القريبة من العراق، وعلى سبيل المثال لبنان وما يجري فيه، وان قارننا تاريخ العملية الديموقراطية هناك وطبيعة المكونات والخبرة والتجارب الموجودة والتي لا يمكن ان يقارن باي شكل مع العراق وتجربته الفتية، ناهيك عن الاستقلالية النسبية والمستوى الثقافي العام المختلف للشعبين وطبيعة المجتمع ونوعية مكوناته، نرى ما يمكن ان تطبق على الموقعين باختلافات بسيطة، وشاهدنا كم من طرف تدخل ويتدخل لحد اليوم في ابسط عملية داخلية لبنانية سوى في الانتخابات او تشكيل الحكومة وكم تغيير حصل في مواقف الجهات.

 

 على هذا الامر يمكن ان نعتقد بان هذه الجدالات السرية والعلنية ستستمر وليت القضية هي السبب المباشر مهما كانت حساسيته بقدر تدخلات الاخرين والظروف الاقليمية، وان حلت عقدة اقرار هذا القانون اليوم سوف تظهر مشاكل متكررة غدا طالما بقيت العقليات على هذا الاعتقاد والسلوك والاراء، فتبقى القوانين والقضايا عالقة ولم تحل نهائيا كما نرى. ورب سائل يسال لما كل الامور والقضايا عالقة والقوانين الهامة مؤقتة ولم تنعكف الجهات في حل العقد طيل هذه المدة وهم مهتمون بالمصالح الخاصة، والتي تزداد نسبة تعقيدها وتصعب فكها يوما بعد الاخر، ولما القوى الكبرى لم تتدخل في الحلول كجهة محايدة ومؤثرة، وهل بقاء العقد على حالها لمصلحتها، ام القضايا مختلفة وكركوك حالة خاصة حقا وتريد ان تحل من قبل من تخصها القضية وتمسه بانفسهم دون تدخلهم المباشر.

 

 اما الغريب في الامر ان توضع اسباب تلك الخلافات الكبيرة وما ورائها في عهدة طرف واحد وكأنه عامل الشر على الرغم من دوره المتعدد في اعادة بناء العراق، وبقاءه عامل حل دائما لكل القضايا العراقية، اذن العائق الحقيقي يكمن في العقليات والتعصب وما ورائهم والمصالح الكبرى العالمية والاقليمية، وسنرى العديد من هذه التعقيدات مستقبلا .

 

 

 

 

في المثقف اليوم