أقلام حرة

التخبط في السياسة .. السيد مقتدى الصدر مثالا / جعفر المزهر

مضافا الى ضياع المال العراقي على ما لايرضاه الشعب ولاممثلوه داخل البرلمان.. فعلى البرلمان التحقق من تلك الصفقات " مقتدى الصدر.

 

اجمع علماء السياسة على التفريق بين الفكر السياسي وبين الممارسة السياسية وأكدوا على ان الكل قادر ان يمارس السياسة لكن ليس للكل القدرة على الجمع بين الفكر والممارسة السياسيين، فالسياسي المتحصل على رؤية فكرية في السياسة  يطلق عليه عنوان (محنك سياسي) وكل أفعاله وأقواله في السياسة  تخضع لرؤية مدروسة ولا تقع تحت طائلة الانفعالات الحزبوية والفئوية والتي غالبا ما تكون مدخلا أساسيا في كل الويلات التي تُجر على أي عملية سياسية، سواء على مستوى الدولة او على مستوى الأحزاب والمؤسسات، وصدام حسين مثال بارز على الفراغ السياسي في الفكر والممارسة، ونتج عن فراغه السياسي خراب الدولة العراقية بأكملها .

اذن، اين نضع تصريح السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري الذي تناول فيه صفقة الأسلحة مع روسية والتشيك، قد يقول قائل ما دخل  المزهر بخطابات قائد الأمة الصدرية المجاهدة، والحقيقة أني لم أتقرب سابقا من خطابات السيد مقتدى الصدر التوجيهية لتياره، فهي تخصهم، وليس لنا حق التدخل فيما يخصهم، فله كامل الحق ان يدعوهم لتزيين وجوههم باللحى، وله الحق ان ينعتهم بالجهلة ومن خلال منبر صلاة الجمعة عندما يغضب عليهم،  وله نصف حق ان يتعجب كيف لرجال ان يركضوا خلف كرة ويتصور ان الغرب يشجعنا ان نركض خلف الكرة حتى يسلب خيراتنا ويتطور على حسابنا ! ونسي السيد القائد ان الكرة عندنا لا تسوي عفطة عنز بالنسبة للكرة في الغرب واوربا، سواء  إبداعا او تجارة، ونسي ايضا ان كل الامم تلعبها وتستمتع بها سواء المتطورة منها او المتخلفة .

 ويبقى لي بعد تعجبه ان أتعجب واسأل اذا لم يركض الرجال ويسبحوا ويقفزوا بالهواء الطلق..... كيف ستخف كروشهم وتحلق عقولهم  نحو آفاق السماء، لم ادلس على السيد الصدر أي تصريح فاحاديثه مثبتة على اليوتيوب، وللذي يشك ان يراجعها .

ان توقفي مع الصدر يكمن بالأساس عند بيانه الأخير بخصوص صفقة الأسلحة وهو توقف مشروع وليس فيه غيلة او كره او فئوية، فالاخرون جلهم ليسوا بأفضل منه، لكن هو العراق الذي يستحق منا ان لا نخاف في كشف الزيف والأمية السياسية التي تتلبس جل السياسيين والقادة اليوم ولي اسباب في تحليل خطاب الصدر :–

أولا، ان الصدر كان له تصريح سابق (مثبت على اليو تيوب) يطالب فيها المالكي ان يخرج من تحت عباءة أمريكا وبريطانيا وينفتح على باقي الدول وقد عدد دول كثيرة مثل الهند وباكستان وفرنسا وألمانيا وروسيا ؛ فما الذي غير الصدر هكذا وقلبه مائة وثمانين درجة، فلابد ان يقنعنا، فنحن لسنا من (الجهلةُ الجهلة) الذين يقبلون بتقلبات السيد الفنطازية، فها هو المالكي ينتهج سياسة منفتحة على كافة الدول وينوع بمصادر تسليح الدولة من اجل التهيئة للأيام السوداء القادمة والتي ستُطبق على العراق من كافة خواصره الرخوة، سواء الإقليمية منها او الداخلية والتي نحتاج فيها ان لا يثق المالكي بان أمريكا ستحمي النظام من سوء هذه  الايام، فتاريخ أمريكا حافل بتغيير استراتيجياتها وكل الدلائل تشير الآن ان أمريكا وبضغط من إسرائيل أصبحت تميل إلى إيجاد هيمنة سنية بالكامل على المنطقة العربية لان العقل الإسلامي السني في السياسة أكثر وضوحا وانفتاحا للتعايش مع إسرائيل على خلاف الشيعة الذين ما زالوا يتخبطون في الماورائيات والغيبيات التي يأملون من خلالها زوال إسرائيل . 

ثانيا، ان ما دفعني ايضا هو الأمية السياسية التي تُطبق على السيد الصدر  مع كل ارثه العائلي العظيم وسنوات ما بعد صدام التي اتاحت للكل ان يتعلم ويطلع على التجارب السياسية المختلفة، كل هذا، لم يؤثر إيجابا بالسيد مقتدى ولم يطوره قيد أنملة  في السياسية، فكرا ومارسة، وبقي السيد على حاله يدور داخل حلقة خطابات مترهلة وفارغة من أي مضمون فكري، خطاباته شبيهة بخطابات معمر القذافي الذي كان يُشرّق فيها ويُغرّب ويحسب انه ينطق حكمة سيالة، والجهلة من حوله فاغري أفواههم  ويصفقون ويكبرون تكبيرا . أزعم  أن الذين يحيطون بالصدر ليسوا أمناء وإلا لنصحوه وأعطوه استشارات فاعلة ومفيدة لأجل تطويره ونقله من حالة السذاجة السياسية إلى موقع الحنكة السياسية .

فهل يعقل لقائد تيار ان يختلق لنفسه (ظاهرا) وهميا خاصا به، ومن دون مرجحات ترجح هذا الظاهر، فهل ظاهرهُ الوهمي  جعله يتخيل  ان " صفقة الاسلحة من روسيا والتشيك فئوية وليست وطنية " ؟، وهو الذي كان قبل اشهر يطالب المالكي ان ينفتح على كل الدول وان يخرج من عباءة الامريكان. ان هذا التخبط السياسي الذي يقع به السيد الصدر يحتاج ان ننبه عليه  وندفعه أن يكف عن منافحة الدولة والتي بدأت تتبين ملامحها بعد صولة الفرسان وبعد الوقوف بوجه التخريب السياسي الذي يمارسه الساسة الكرد اتجاه الدولة العراقية لصالح إقليمهم، فليس من المعقول او المقبول وبعد ان بدأت الدولة تتبين خيوطها ان نعود القهقرى من جديد ونقبل ان تتحكم بالشعب العراقي " آمريّات " جيش المهدي او الآعيب السيد مسعود البرزاني الشوفينية والذي يعمل وبكل قداراته االتخريبة وكتّاب (اعمدته الصحفية) ان يختزلوا  تسليح الدولة ويصوروا بناء قوتها على انه ضد الكرد متجاهلين الأخطار السلفية والرجعية المحيطة بالعراق  والتي تتطلب من الدولة تسليحا متنوعا وحقيقيا وان تخرج في هذا التسليح من رحمة الأمريكان الذين تشير كل التقديرات أنهم يتلاعبون بإعادة تسليح الجيش العراقي .

ولابد ان اقول ان الحق يبقى للصدر واتباعه في تخطئة قراءتي هذي لكن ليس من خلال الهرج والمرج الذي عودنا الصدريون عليه بل لابد من وثائق تكشف لنا ان هذا التسليح هو لصالح فئة وليس لصالح تقوية الجيش العراقي، وقد تكون مثلا هذي الفئة هي حزب الدعوة، ولا أقول الشيعة او السنة  لان الصدر يرى ان المالكي ضد هذين المذهبين، واما اذا كان الصدر يرى ان هذا التسليح هو لصالح الجيش العراقي   لكنه يتصور انه جيشا  " فئويا " ضد الكرد فعليه اثبات ذالك ايضا وبالوثائق، ومن دون ذالك، يثبت لنا ان الصدر فاقد للدراية والحنكة السياسية، وفاقد الشيء لا يعطيه، وانه وقع ضحية للبروبغندا السياسية والاعلامية للاحزاب الكردية وكتّاب عمدتها في بغداد، وهي بروبغندا لا تنطلي الا على انصاف او ما دون انصاف السياسيين .

السيد الصدر في واحدة من احاديثه لاتباعه وهي موثقة على اليو تيوب يقول " انه يقول كلامه وللآخر ان يقبله او ان يعتبره خرطا " وأنا هنا اعتبر بيانه في صفقة الأسلحة خرطا مركبا ولا يصلح ان يقوله مراهق في السياسة فكيف بقائد تيار يزعم ان " لو ثنيت  له الوسادة " لباهى بتياره الامم الحزبية الأخرى في العراق .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2252 الأثنين 22 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم