أقلام حرة

حَربُ غزّة / قاسم محمد الكفائي

كان فيه الأنسانُ العربي لا ينطقُ بلسانهِ ولا يفكرُ بعقلهِ ويداهُ مغلولتان الى عُنقهِ. فالمعادلة التي كانت هي الحلم الصهيوني في السياسة والحرب أصبحت قلقة ًوغيرَ ثابتةٍ في مُستجدّاتِ الوعي السياسي العربي. لقد انهارت الرهاناتُ بانهيار بعضِ الأنظمةِ العربيةِ المُستبدة الظالمة وما زلنا ننتظر انهيارَ المزيد. فالحربُ التي شنتها قواتُ الكيان الأسرائيلي في الأيام القليلة الماضية على قطاع غزة سبقتها تجاوزاتٌ وتحرُشاتٌ عدوانية لم تكن مُوَفقة ً في تحقيقِ أهدافِها لحدِّ الآن. فالأمنُ الأسرائيلي صار على مَرمى صواريخ غزة التي هي معقل الصمود والتحرير الفلسطيني. الغزيون بالتحديد مستعدون للمواجهة التي قد تودي بهم الى الشهادة أو النصر كون الأستعداد ناجم عن الشعور بالحق المغتصَب، والعِرض في خطر، والتغطرس الأسرائيلي المُفرِط.

في خِضَمِّ هذه التجاوزاتِ الأسرائيلية والتمادي الأمريكي والغربي ردّت حماسُ من غزة لتدكَ تلَّ أبيب عاصمة الكيان الأسرائيلي بصواريخ لم تعهدها وزارة ُ الحرب الأسرائيلية ولم تنجو من دمارها، وقد يكونُ الرَدُّ الأقسى والأعنف في المعركة القادمة التي تُنذرُ بها وزارة ُ دفاع الكيان الأسرائيلي وتتوعدُ ما بعد الهدنة المُعلنَة عندما تضع حكومة (النتن) ياهو رئيس وزراء الكيان آلته الحربية في ورطة الزحف العسكري البري على غزة. في هذه الحرب الشرسة ومنذ بدايتها تفهمت إسرائيل قيمتهَا العسكرية وخطورة َ الوضع القائم الذي تعيشه تحت وطأة الأستعدادات العسكرية التي تواجهُها بها غزة. وليس سرّا وعيبا لو قلنا أنها، أي غزة فاجئت أيضا بعضَ حكومات ِالدول العربية الرازحة في خدمة الأستكبار الأمريكي الصهيوني. غزةَ اليوم تدعو المخلصين من أبناء هذه الأمة أن يكونوا صفا واحدا، متراصين من أجل صيانة الأعراض، وحماية أبنائها، ومن أجل الممتلكات، ودفاعا عن الحق الممغتصَب، لا بأصدار الشِعارات الرنانة والتباكي على الضحايا، وإنما بالدفع نحو كلِّ ما هو في خدمة تحقيق أهداف أبناء فلسطين والعرب والمسلمين. في هذا المحور المهم انتهت اجتماعاتُ وزراء خارجية الدول العربية المنعقدة في القاهرة لبحث الأزمة الراهنة ويا ليتها لم تنعقد، حيث انتهت معها الآمالُ والطموحاتُ تحتَ شروط الهدنة التي ُتعتبر الحد الأدنى الغير لائق بالحجم العربي على الأرض والمال والبشر، وقد سبقتها كلمة ٌ نابية تدل على هوية قائلها (الأمير) في رحاب الجامعة العربية خلال انعقاد القمة (يصف نفسه والآخرين  بالنِعاج)، وهي تدل كذلك على حقيقة أمثاله من العربان،والمتخاذلين المُفتين في بلاط جلالتهم،ولا تعني هوية الشعوب العربية والأسلامية وهمِها وتطلعاتِها.

مصر مُرسي اليوم لا تختلف كثيرا عن مصر مبارك الأمس في مواجهة المستجَدّات على الساحة الفلسطينية عندما رسمت السيدة كلنتون دورَها (مصر) كوسيط لترتيب الهدنة ما بين غزة وإسرائيل فسقطت في فخ المساعي الحميدة الأمريكي من اجل التهدئة الذي سلب منها ثقلها الأقليمي والسياسيى والعسكري، فحدّد مهمتهَا خارج لعبة المشاركة، وسلخ عنها جبروتهَا الذي نطمح نحن أمة ُ العرب أن تكون رياديةً ، مؤثرة ً في خدمةِ قضيتنا العادلة. قادة ُ المقاومة في غزة ماضون في مواجهتهم للعدوان الصهيوني ولا يُبالون بالأصوات المُملة التي يسمعونها من العرب النِعاج وغيرهم الهادفة لتثبيط ِعزائمِهم، ولا يُبالون بالدعايات التي تزعم أن السلاحَ الذي يستخدمه المُقاومون هو سلاح لا يصنع لهم نصرا، وأن إيران وسورية خارج لعبة المشاركة. لقد ربحَت غزة التي هي صوتُ فلسطين المُقاوِم هذا المعنى من الأنتصار عندما فاجأة بسلاحها واستعداداتِها الكيانَ الأسرائيلي والأمريكي والعالم، وحتى النظام العربي المنضوي تحت وَهْم الخيمةِ  الأمريكية. إن أمتنا اليوم تتطلع الى أن تجد الأزمة السورية طريقهَا الى الحل بالأصلاح على مستوى الدولة والسياسة حتى يكون الشعب السوري مستعدا، حاضرا في الميدان والدعم المعنوي واللوجستي والإسناد، ولأن سورية ونظامَها منذ عهد رئيسِها الراحل حافظ الأسد كانت حاضنة ً صلبة ً لكل أصناف المقاومة الفلسطينية. من هنا فأن استتباب الأمن فيها يعتبر عاملا مهما لدعم صمود غزة ونصرتها وإسنادها في مواجهة التحدي الصهيوني البغيض. في ذات الوقت فأن دورَ الجَمهورية الأسلامية في إيران كان حاضرا، مهما، وفاعلا في المعركة الشرسة التي خاضتها فصائلُ  المقاومة بالرد على العدوان الصهيوني. لِذا نأمل ان تُضاعِفَ إيران حالا الأمدادَ والتجهيزَ بالسلاح  والأمكانيات الضرورية التي تعتمدها الفصائلُ في الحرب القادمة. ونهيب بالفنيين والخبراء الأيرانيين في صناعة السلاح وتطويره ان يدرسوا مدى امكانية ونجاح وفشل الصواريخ الأيرانية التي أستخدمت في المعركة. ومتابعةِ تطويرِها حتى تصل الى أهدافِها دون ان تترصدَها الراداراتُ أو تتعقبها الصواريخ المضادة. 

لقد انقلبت المعادلة التي كانت قد رسمتها عقولُ عسكر إسرائيل والمخابرات الأمريكية وحسابات النِعاج العرب الواهمين عندما استغاثت حكومة إسرائيل بأمريكا والغرب ومصر لطلب التهدئة، فوافقت بمضَض ٍعلى شروط أبناء فلسطين كحالة لم نعهدها من قبل.

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2284 السبت 24 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم