أقلام حرة

كيف تُحل القضايا الشائكة العالقة في العراق

الحالية وحتى الدول الكبرى لم يخططوا لم فرض نفسه وما وقع خلال هذه السنين وما جلبتها التغييرات والمستجدات وما فرضتها التداعيات بعد سقوط الدكتاتورية البغيضة. وصلت الحال الى ما نحن فيه وتدخلت اطراف عدة لم تكن يوما في بال احد ان تكون لها تاثيراتها الحالية في الوضع العراقي الحالي، وهذا ما فرضته المصالح والمناهج والخطط التي وضعت بعد السقوط واستجدت في العديد من الدول وبالاخص المجاورة على شاكلة موائمة لما تتطلبه الصراعات الاقليمية والمستندة على الاختلافات المذهبية والدينية في اكثر جوانبها وهي المكشوفة . ما هو الواضح والمبان بشكل صريح هو استغلال العراق الجديد كساحة لتصفية الحسابات العديدة والمختلفة خارجيا وليس للتنافس والصراع الطبيعي الموجود منذ القدم، سوى كان اقليمية او دولية او داخلية، اي بين المكونات الداخلية الاساسية للشعب العراقي  المعطوفة على المكونات الخارجية وما فرضته ترسبات الايام والعقود التي بنيت في اكثريتها على اسس خاطئة وفرضت امور بالقوة الغادرة بعيدا عن اقتناع الاكثرية ومن خلال مصادرة الحريات والافكار السائدة .

 

بعد السقوط تجمعت كل تلك القضايا المتشابكة المشتتة مؤقتا بفعل القوة المستخدمة وبالتقادم وما يفرضه الزمن من جراء نفسها تلقائا او بدافع عامل معين او خوف، او هناك من ورائها لمصلحة ما . وصلت معها الفوضى في وقت لم تكن هناك خطط استراتيجية بعيدة المدى مقدرة ومحاسبة بحساب دقيق لمجريات الامور، ولم يكن اصلا نهجا معينا لتسيير امور الدولة والحياة بقدر الحساب للهدف الفوري الاني وهو اسقاط النظام الدكتاتوري القاسي، من غير وجود البديل المعلوم في الشكل والمضمون.

 

اذن عودة الحياة العامة الى الصفر، تحتاج الى بناء واساس قوي وخطة وخارطة وامكانيات مادية ومعنوية والقوى المنفذة الاصيلة والتي يجب ان لا يهمها شيء سوى ايمانها بالدولة وحبها لارضها وشعبها، والاستناد على منهج وخطاب وحسابات في غاية الدقة.

 

الشيء الخطير الذي اصبح العرقلة الكبرى في طريق اعادة البناء هو عدم وضوح الملامح العامة للنظام الساسي العام لحد اليوم، وعدم قراءة ما يلائم الشعب العراقي بكافة مكوناته وما الذي يتقبله من التغيرات والمستجدات المطلوبة في المجالات المختلفة بشكل علمي، فحاولت كل جهة فرض اجندتها الفكرية العقيدية والسياسية واستغلالها كل فرصة متاحة لازاحة الاخر ونفيه من اجل السيطرة وتطبيق ما لديها واحلال نظام وفق ما تؤمن وتعتقد به ومن يكون ورائها، هذا موجود في مختلف التوجهات والعقائد وما يؤمنون به من المباديء وما يمتلكون من القيم بدون استثناء.

 

 اذن فلنسال وبعدما حصل وكاننا في نقطة البداية لبناء الدولة، ما الحل. وهذا ما يحتاج الى جواب مقنع وواقعي مستند على ركائز علمية من كافة جوانبها، فاولاها واهمها وهي المحددة للمسيرة الصحيحة  وهي العقلية التي تدير العملية، ومن ثم النظام واعمدته ومدى ملائمته للواقع العراقي وما يتصف به من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والساسية، وكيفية الاخذ بنظر الاعتبار التغييرات العالمية والداخلية العراقية واعتماد النظرة والرؤى العصرية التقدمية في ادارة البلاد وردم الثغرات واثبات وحدة الصف.

 

 لم ينكر احد ما يجب ان يستند النظام عليه من الديموقراطية كوسيلة ومنهج وهذا ما يحتاج الى ممارسة وتجريب وعليه يجب تحديد الاولويات فيها وكيفية وضعها على السكة الصحيحة من اجل ايجاد دفعها الذاتي وبنائها لنفسها بنفسها دون تدخل اي طرف، ومن ثم قراءة الواقع الاجتماعي واختلافات المكونات ونظرتهم الى العراق وما فيه وبما يجب ان يكون عليه ومؤسساته ونظامه، وبالاخص في الجانب الاساسي منه وهو النظام العام، اي اتباعه المركزية او اللامركزية  وهوخلاف رئيسي بين المناهج المخلتفة المسيطرة على الساحة لحد اليوم، والنظام الملائم الذي اتفق عليه الجميع هو الفدرالية على الرغم من اعتراض القلة التي ضُربت مصالحها .

 

 اما العامل الهام الحاسم لتهدئة واستقرار الاوضاع بسرعة ممكنة هو ايمان المواطنين بوجود نسبة مقنعة من العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات وهذا ما يحتاج لاقرار القوانين المتعقلة بالنظام والشعب والمصيرية المرتبطة بمعيشة المواطن وما تخدمه، اضافة الى انعدام الثقة بين المكونات والخلافات السياسية التايخية بينهم والتي يجب ان تكون من الاولويات في اقرار اي نظام سياسي عام.

 

 اذن حل القضايا المصيرية العالقة وتكثيف الجهود للوصول الى الحلول وهي الاساس في استقرار الاوضاع وترسيخ اي نظام يعتمدعلى الشعب. وفي حينه يمكن ان تعاد الثقة تدريجيا بين الجهات بعد زرع الاحساس في كيان كافة المكونات المختلفة بالتقدم الذي يحصل وانعدام الغبن والاقتناع بنسة من الحرية والعدالة الاجتماعية، والمسند الرئيسي الاخر هو القدرة الاقتصادية، فهي موجودة اصلا لحسن حظ الشعب العراقي، اي حل القضايا العالقة يكمن في العقلية والفكر الذي يدير البلاد وعلى الشعب الاصرار في تحديد نوع النظام ويجب ان تقطع التدخلات الخارجية العديدة بكل السبل.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1210 الثلاثاء 27/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم