أقلام حرة

فلسفة التعليم في العراق بحاجة الى الاصلاحات والتغيير

بفلسفة واليات والنظام التعليمي والتربوي بشكل عام، والسؤال المحوري العام هو السبب في انعدام الابتكارات والابداعات والاختراعات في المراكز التعليمية العراقية بينما نرى ذلك وبوضوح كامل على الصعيد الفردي ما يمكن ان نسميه الاختراعات والتي لم يتمكن اي فرد اخر من منافستهم وخاصة في الدول المتقدمة وفي اكثر من مجال،و يبرز بين يوم واخر مبدع يبرع في اختصاصه ويقدمه للموقع الذي فيه، وهذا يشمل الاكثرية وليس الكل او المهتمين بالعلم والتعليم بشكل مطلق، وهذا دليل واضح وبيٌن على ان الخلل في النظام والفلسفة التعليمية المتبعة وليس في الفرد العراقي المعروف عنه بالذكاء العالي، وهناك امثلة عديدة لا تحصى فيما ابتكروا وابدعوا في اختصاصات متميزة ايضا في كافة انحاء العالم .

 

 من المعلوم ان ادارة الجامعات والنظام المعتمد مرَ عليه الزمن ولم يعامل المركز التعليمي على انه موقع وورشة للانتاج والابداع وتطوير للعقلية والتجارب، وليس كذلك كمؤسسة ترتبط بعلاقات مع الشعب وعليه ان يؤثر عليه، بل اصبح كاية دائرة حكومية اخرى لتسير معاملات المواطنين، وكأن الشهادة العلمية هي كتاب رسمي وينجزه الطالب بعد اربع سنوات وباي طريقة كانت، وكما نعرف الان الاساليب المنتشرة وضرورات الاحتياجات التي احدثت الخلل في اتباع الطريق السوي في هذا كذلك،والمعلوم انه يملى علي الطالب ما في جعبة الاستاذ دون تشجيع او تحفيز في ابداع اي جديد من جميع الاختصاصات، وينتظر وصول المكتشف الحديث او المبتكر من الاخرين ومن خارج الحدود لتدريسه، هذا ان لم يعتمد على الاكثرعلى المناهج القديمة المعتمدة في العقود الماضية.

 

و هكذا اصبحت المؤسسات التعليمية كأية دائرة حكوميةاخرى ايضا تتصف بالسلبيات وفيها من الفساد والتحزب والمحسوبية والمنسوبية والمحاصصة، وغيرها من الامراض المنتشرة المتفشية في جميع الجوانب والاداري بالاخص .

 

 يحس من يتابع  مجريات الامور بوجود سلطتين الادارية والحزبية في ادارة المؤسسات التعليمية كافة، هذا عدا المنظمات الطلابية التابعة للاحزاب المتنفذة التي تقرر ما تشاء وتفرض الاراء في اكثر الاحيان. والاخطر عدم وجود الاستقلالية في ادارة المؤسسات التعليمية كافة والحساسة المرتبطة بمستقبل الاجيال وتقدمهم ايضا، ناهيك عن مخالفات في كيفية توزيع المناصب الادارية من رؤساء الجامعات والعمداء الكليات وحتى الوزراء المختصين مستندين على التزكيات الحزبية والاخلاص للحزب واثبات نجاح انتمائهم اليه وليس الكفاءة وما يقدموه للمؤسسة العلمية، وبعيدا جدا عن الرجل المناسب في المكان المناسب، والغريب بقاء هؤلاء على راس المؤسسات لمدة طويلة دون ان يقدموا شيئا ولم يحرك احد ساكنا في تفسير الامر واتخاذ الاجراء اللازم، وهذا ما يؤكد انعدام الروح والنفسية التقدمية، والاستمرار في اداء الاعمال والواجبات بعيدا عن الديموقراطية المطلوبة في هذه المؤسسة اكثر من غيرها لانها المعلمة للجميع في جميع النواحي، ولم نشاهد الاصلاح والتغيير المستمر المطلوب من اجل التقدم، وعدم معرفة مساحة سلطة اي موقع وصلاحياته مما يشكل تداخلا وتضاربا بين المناصب الادارية وتحمٌل كل طرف للمسؤولية التي على عاتقه، وهذا مكمن الخلل في مراوحة الحال على ما هي عليه.

 

اما في الجانب المهم الاخر وهو المنهج المتبع ومضمون ما يدرس وكيفية التدريس وفلسفة العمل، فانه بحاجة ماسة لاعادة التنظيم وفق فلسفة حديثة من التجديد في البرامج العلمية والادبية وربط الجامعة عالميا مع نظيراتها، وفي نفس الوقت مع المجتمع وبيان تاثيراتهما المتبادلة على البعض من جميع النواحي بحيث يجب ان يُحس بمدى تغيير المجتمع بتطور وتقدم المؤسسات العلمية وبالتالي المجتمع باكمله، والطريق السليم هو تنظيف الساحة  لافساح المجال امام ابعاد الايديولوجيا والمناهج والافكار والفلسفات السياسية البحتة عن الفلسفة التعليمية، والمحافظة على استقلالية الاختصاصات العلمية المجردة خلال مرحلة التعليم .

 

 كل ذلك لا يمكن ان يتم بدفعة واحدة ولكن الخطوات البدائية مطلوبة من جانب تحسين الوضع المعيشي العام للكادر التدريسي الذي لا يحتمل التاجيل واحترامه والحفاظ على شخصيته وهيبته ومكانته المرموقة وموقعه وامكانية تطبيق المساواة والعدالة بينهم ومكافئته استنادا على القدرة والكفاءة بشكل مادي والمعنوي وتفيذ متطلباته الضرورية، ويجب ان تُعتمد ارائه وتوجهاته العلمية المخلصة.

 

 اي المؤسسات التعليمية كافة، بحاجة الى الاصلاح والتغيير الضروري المتعدد الجوانب وفي مقدمته نظام العمل والفلسفة المعتمدة والنهج المتبع في كيفية التعامل مع المؤسسات لتعليمية من قبل الدولة وبشكل عام . 

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1214 السبت 31/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم