أقلام حرة

من يمنع اقرار قانون الانتخابات العراقية

ووفرض الشروط من وراء الكواليس، المصالح التي تمنع التقدم بخطوة واحدة ان كانت في المسار الذي لا يكون ضمن المساحة  التي تضمن تامين الاهداف الخاصة لكل طرف، استراتيجيات الدول العديدة المجاورة وغيرها حول المنطقة وما تكون عليه وما موجود الان ومحاولاتهم لتغييرالمسار، واهمية كركوك لتحديد تلك الاهداف وما يكون عليه مستقبل المنطقة، نظرة الاطراف ومدى ايمانهم الحقيقي لمستقبل العراق وما يتجسد فيه، اقحام هذه المشكلة لتغطية النوايا والاهداف الحقيقية الاخرى، انعدام الخبرة في اداء الواجبات الحساسة من قبل كافة الاتجاهات، المزايدات السياسية وماتتطلبه اجواء الانتخابات والترويجات الاعلامية، ترسبات الماضي وما ورثته الفئات ومكونات الشعب ونظرتهم للبعض بروح الكره والبغض، وعمل كل طرف على الغاء الاخر وتسقيطه. نلمس الان تفسيم مباشر للعراق من حيث المبدا، ونظريا الى ثلاث توجهات دون ان يعترف اي طرق، وفق ما موجود على الساحة من الاداءات السياسية المستندة على تلك المباديء الخاصة لكل مكون، تدخلات دول الجوار وفرض الاهداف والاجندات بشكل سهل ومباشر.

 

كل تلك الاسباب تجمعت وتراكمت واقثحمت في نقطة واحدة وكأنها هي السبب في عدم اقرار قانون الانتخابات الا وهي قضية كركوك . لو كانت الارادة السياسية متوفرة والعقلية المتنورة الحداثوية موجودة والاطراف مؤمنة بما تؤول اليه الاوضاع بانها ستكون لصالحهم لتوصلوا الى التوافق المرضي للجميع خلال سويعات، بشرط امتلاكهم بنفسهم للارادة السياسية الذاتية المستقلة.

 

الكل يدعي الوطنية وحتى الائتلافات جميعها لم تخلو من حيث تسميتها من هذه الكلمة، وهذا يدل من الجانب السايكولوجي على انهم يطرحون ما يؤمنون بانه غير موجود في الاطراف الاخرى، ويستغلون ما تهتم به الاكثرية وما تؤمن به كوسيلة لادارة الصراعات المختلفة مع البعض دون الايمان الحقيقي به من داخلهم ويضمرون من النوايا والاماني.

 

 المشكلة الرئيسية والعقدة المتشابكة والعويصة التي تخلق كل تلك الخلافات هي انعدام الصراحة وعدم طرح كل طرف حقيقة ما يؤمن به او ما يتفاوض من اجله في ظل الادعاءات العديدة المطروحة في ساحة المزاد في سبيل تغطية المقصود جوهريا اصلا . الخوف المستمر المتعدد الجوانب شكلت العقد المتنوعة سوى ترسخت منها في الباطن او ظاهرية مبان على محيا وتصرفات واخلاقيات وتعاملات كل طرف وهي موروثة من الماضي وآلامه ومظلومياته وتداعياته، او الخوف الكبير من المستقبل وعدم وضوح الرؤى لملامحه وتركيبته ومظاهره وجوهره، والحاضر المتنقل غير المستقر والتعامل معه على انه المحطة المؤقتة في مفترق الطرق والفروع المتفاوتة فيه.

 

عدم تثبيت النظام العام والمؤمٌن والمستنَد عليه من قبل الشعب، وعدم اعتراف الاطراف الرئيسية بشكل واضح وصريح بما يعملون من اجله، اي عدم ايمان اي طرف بما يفكر به الاخر من حيث المرتكزات الرئيسية التي يعتمد عليها لنوع النظام الذي يؤمن به، في ظل انعدام وضوح الساحة لاي منهم وخلوها من الضغوطات المقوٌمة للسلطة  من الراي العام والمستوى الثقافي للشعب والصحافة والاعلام وتاثيراتها الايجابية، وفي جو خالي تماما من الثقة المطلوبة بين الاطراف ووجود الشكوك في نظرة وعمل اي طرف للاخر في ساحة لم يعترف فيها اي طرف ما يستحقه الاخر ان يضمن من الحقوق لمكونه، هذا جميعا في دولة لازالت حقوق وواجبات المواطنة غائبة لاسبابها الموضوعية والذاتية المعلومة، وفي مجتمع ترسخت في كيانه ما توارثه مما يعرف ب(ضد النظام) مهما كان لمصلحته ومنفعته الخاصة، وهذا ما يتبين بوضوح تام في اخلاقيات وتعاملات الفرد مع ابسط ما يواجهه في الحياة اليومية . اي ما يمنع اقرار قانون الانتخابات ليست مشكلة كركوك فقط وانما التاريخ والجغرافيا والسايكولوجيا الاجتماعية وسمات المجتمع في جو يتسم بهذه العقلية المعلومة والمكشوفة للجميع، وهو السبب الرئيسي لهذه الحالة.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1218 الاربعاء 04/11/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم