أقلام حرة

ضرورة تجسيد التعددية الحزبية في العراق ولكن!

ومتطلباته وما تفرضه الحياة السياسية من توفير الادوات والمستلزمات الضرورية واليات ملائمة لتنظيم حياة الناس وتسيير احوالهم المعيشية من اجل تقدمهم بشكل سلس نحو الامام من جميع الجوانب، وهذا ما يمكن ان نعتمد عليه لبيان كيفية جعل الحياة العامة للشعب منتظما وجميلا وتتحقق فيها اماني واهداف كافة المكونات الاساسية، في حال ترسخت فيها المباديء الاساسية للديموقراطية والحرية وتمتعت المكونات بمستوى مقنع من الثقافةالعامة ووعي عام شامل وكامل.

هنا ننوي ان نوضح دور الحزب الايجابي في هذا المضمار وامكانية اشتراكه في التنمية والتطور الديموقراطي والتمدن والتقدم الاجتماعي الثقافي العام، ومن الممكن ان يكون له الدور السلبي ايضا في المقابل كطرف نقيض لما يمكن ان يكون عليه ويدفع المجتمع الى التراوح والتاثير عليه من الجانب الاجتماعي وبالاخص من جانب الروابط الاجتماعية بين المكونات، والجانب الاقتصادي ايضا، باعتبار الحزب منظومة سياسية ايديولوجية منضوية تحت خيمة تنظيمات سياسية في اطار معين يضم مجموعة من المتوافقين فكريا وعقيديا او قريبين من البعض من الجوانب الفكرية الفلسفية الايديولوجية، ومؤمنين بمجموعة من المباديء العامة ومقتنعين بفلسفة محددة ومعينة متوائمة مع الواقع الذي تواجدت فيه، ويتميز بانه متكون من تركيبة تعمل على تحقيق الاهداف والشعارات المركزية المتفقة عليها . ويناضل او يعمل في احسن الاحوال على ايصال ما يؤمن ويستحصل للمجتمع لكسب ودهم وميلهم وثقتهم عن طريق مشاريع ووسائل متعددة، ومن ثم دعمهم للوصول الى السلطة في سبيل خدمتهم وتحقيق اهدافهم العامة، اي الحزب وسيلة منبثقة من الشعب ومن اجل الشعب وهو منظومة متعددة الاوجه تهدف تحقيق الامنيات العامة لابناء الشعب كافة دون استثناء .

و من هنا يمكن ان نتاكد بان الحزب الاصيل الحقيقي المتميز المتسم بالصفات الجوهرية النابعة من اماني الشعب يكون مولود من خضم التطورات التاريخية وكاحد اهم متطلبات العوامل الموضوعية والذالتية ومنبثق من تداعيات ومعطيات ضرورات التاريخ بما فيه من الوعي والثقافة العامة، وعندئذ ينبثق او يولد من رحم المجتمع وبشكل طبيعي، ويكون الشعب حاميه ومحافظ عليه وساهر على بقائه وتطوره ويزكيه بشكل مباشر ويؤمٌن طريقه في السير نحو الامام . ولا يمكن لاي حزب كان ان ينفلق في لمحة بصر وفي غفلة من الزمن ولم يتمتع بفكر وفلسفة واهداف تدفعه الى التطور والتنمية وان لا يكون صاحب عقائد ومنطق عقلاني واقعي داعم للاصلاح والتغيير المناسب ان يستمر وان لا يضمحل وينقرض بانتفاء مسبباته الانية، ومثل هكذا احزاب لن تكون لها طعم ولون وجاذبية مهما حملت من الايديولوجية النظرية، وربما لم تسنح له فرصة التنمية والتطور النوعي والعددي لمدة قصيرة وتنتهي من جراء مسيرة الحياة والتاريخ، ان لم يتلائم مع الواقع وينسجم مع المستجدات السياسية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية العامة للمجتمع بشكل مباشر.

عندما ينعكف اي حزب على تحقيق اهدافه بنهج معين ويتعامل مع الواقع من اجل تنمية وبقاء الموالين والمؤيدين المؤمنين به، ويمثلهم في المواقع التي يعتليها ويصبح قوة كاملة للتعبير عن افكار المنتمين والمناصرين ويدافع عن مصالحهم اينما كانوا . هذا هو الدور الاهم الذي يجب ان يلعبه اي حزب ويؤدي واجباته ويحقق اهدافه وامنيات المنتمين والموالين والمناصرين الذين تجمعوا من حوله، وفي نفس الوقت يصبح داعما ومشاركا اساسيا في تطوي وتنمية العملية الديموقراطية ويفسح اكبر المجالات لمشاركة الشعب في الحياة السياسية وفي كيفية اقرار القوانين العامة كحق سياسي ديموقراطي طبيعي له. وكذلك للحزب الدور الهام في ضمان تحقيق المباديء الديموقراطية من تداول السلطة والانتخابات وحرية التعبير والصحافة والاعلام، وفي تنظيم امور المواطنين وتحقيق المصالح المشتركة ان كان طبيعيا في الشكل والتركيب والولادة منذ انبثاقه الاول .

واستنادا على هذه الارضية والشروط المطلوبة من حيث هوية الحزب وواقعه واهدافه وشعاراته وتركيبته وعقائده وفلسفته ونهجه وثقافته العامة وقياداته، وبعد القاء النظرة الواقعية الوافية على جميع الاحزاب السياسية العراقية العريقة والجديدة وما يتصفون به وبمختلف مسمياتهم، اننا نعتقد بانهم متشابهون لحد كبير في الشكل والاطر والتركيب والمضمون ولا يمكن التميز الحقيقي ولو بشكل طفيف بينهم ، الا العدد القليل الواضح الرؤى والنظرة الى القضايا وما يحملون من الاهداف، ولذلك لا يمكن ان ندعي بان هناك تعددية حزبية حقيقية بمعنى الكلمة، وعليه يمكن دمج اكثريتهم مع البعض دون ان يشكل هذا الاندماج خللا في عملهم . فلم يبق الا عدد قليل وهو مختلف عن الاخرين، وعندئذ يمكن ان نصنفهم ويكون لهم ادوارهم وتاثيراتهم الحقيقية المباشرة على الواقع السياسي والاجتماعي العام وضرورة وجودهم تفرض نفسها على الساحة السياسية.

اما اليوم فلم نجد الا الفوضى والمسماة بالاحزاب الموجودة الان وهي المنبثقة على اسس مستندة على المصالح الشخصية والفئوية البحتة او بطلب من خارج الحدود، ولذلك نرى بعد فترة واخرى اختفاء احزاب وانفلاق اخرى ، وانني على اعتقاد بان استقرار الاوضاع السياسية سيؤثر بشكل جذري ومباشر على انواع واعداد الاحزاب والسلم والامان يزكي الحزب الاصيل الذي تولده الضرورة التاريخية الملحة في جو طبيعي ويكون في خدمة الشعب ووسيلة هامة لتطوره وتنميته . ولذلك يمكننا ان نقول بان العراق بحاجة الى التعددية الحزبية الواقعية الحقيقية والتي تساعده على تطبيق مباديء الديموقراطية الحقيقية وجوهرها ومبادئها الاساسية، ولكن ليس كما هو حال الموجود الان على الساحة السياسية، من الفوضى والتخبط .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1223 الاثنين 09/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم