أقلام حرة

لماذا الانتقائية في مقارنة فدرالية العراق مع دول العالم

 ما مر به وهو يتسم بما لا يمكن ان يقارن باي دولة اخرى في العالم من حيث التاريخ والجغرافية والمجتمع وطبيعة مكوناته والمستوى الثقافي والوعي العام ونسبة التعليم والامية والماسي والويلات والحروب التي فرضت عليه، مع ما يتصف به من خصائص المجتمع والعادات والتاقليد والروابط الاجتماعية التي يتميز بها، والعقلية التي يتمتع بها الفئات المختلفة والعقائد والافكار المنتشرة فيه منذ تاريخه الغابر، اضافة الى الديانات والمذاهب والرؤى العقيدية المثالية، واللهجات واللغات المختلفة بشكل كبير، الى غير ذلك من الصفات الخاصة لكل فئة دون اخرى ومن الخصائص والاخلاقيات والقيم والمباديء المتنوعة، في بيئات وارضيات متباينة جدا والتي تختلف بشكل مطلق عن الاخرى .

ان كانت هذه هي الصفات التي يتصف بها وهذا هو العراق، ناهيك عن الظروف الموضوعية والذاتية لمرحلة وزمن تاسيسه كدولة ومدى ايمان المكونات بها واحساسهم بالانتماء اليها وشعورهم بالمواطنة وعدم الاغتراب الى ما غير ذلك من الافعال الشاذة التي مرت به وغيرت من تركيبتها وجوهرها من الظلمات والغدر والتعدي على الحقوق والاستعلاء لفئة على الاخرى، ومما عمق تجسيد وترسيخ الصفات السلبية في كيان اكثر مكوناتها. وهذا ما يدعنا ان نفكر في الوقت الذي يحتاجه لقبول الاخر والاعتراف بكيانه ووجهة نظره ومصالحه ومستحقاته ورايه ومواقفه تجاه القضايا والتي لا يمكن اختزالها الى يوم وليلة، وحتى ان طابقناه مع الدول الاخرى المتمتعة بنفس النظام فلا يمكن ان نصل الى المراحل النهائية وما هم توصلوا اليه باقل من المراحل التي مروا بها مع الاخذ بنظر الاعتبار الفروقات الجسيمة بين جميع الدول ومع العراق من كافة النواحي . انما يصدر من المكونات وما يشاهد على الارض بان العقليات لم تجر عليها التغيير المطلوب رغم الاصلاحات العفوية الملحوظة وما افادنا التقدم التكنولوجي وما مستنا من الاحتكاك مع النظام العالمي ومتطلبات العصر . لماذا يُطلب من المكونات ان يُطبقوا فدرالية كندا او الهند او المانيا او الولايات المتحدة ونحن نعيش ونتلمس بقاء النظرات الدونية الى الاخر والافعال والعقليات السابقة لازالت مسيطرة في كيان فئة وتريد حصر الاخر وان امكن وتمكن من تدميره وانهائه لا يغض له طرف، اضافة الى عدم الاحساس بالمواطنة ووجود الاحساس بالاستعلاء وروح الاستحواذ على مقدرات الشعب في فكر وعقلية فئة معينة، ومن الممكن ان تحين الفرصة السانحة لاعادة كما يسميها امجادها فلا تنتظر لحظة، اليس هذا عائقا امام الفدرالية المستندة على المساواة وحقوق الانسان والمواطنة وعدالة توزيع الثروات والخيرات، ثم يجب ان نضع في الاعتبار باننا شعب شرقي وما موجود هنا لا يمكن ايجاده في الغرب في اية مرحلة من تايخه لكي نقارن حالنا معهم في النظام المطبق عليهم، وحتى في الدول الشرقية ايضا ليس هناك وجه مطابقة مع العراق، ولذلك يجب ن يكون لهذا البلد والشعب الخصوصية حتى في اختيار واقرار نوعية الفدرالية المرادة، وان حسبها اي متتبع بالكونفدرالية او الاستقلال التام لاقليم ما، والمهم ان تكون الفدرالية العراقية الخاصة الملائمة به ومن صنع يده. وحتى حق تقرير المصير والاستقلال، حق من حقوق اي شعب في عصر يتسم بتامين وضمان حقوق الانسان والرضا في التعايش وتحقيق الاهداف ان طالبت بها الاكثرية من مكون او قومية او شعب له مقوماته الاساسية لامتلاكه الكيان المراد وليس اقليم فدرالي فقط كما يستكثره على اقليم كوردستان حتى بعض المثقفين دون وجه حق.

و لهذه الاساب الموجبة، ومن آمن بالخصوصيات الكثيرة لمكونات الشعب وكان هدفه التعايش السلمي في ظل اقرار المواطنة وتحقيقيق العدالة الاجتماعية في جو من الحرية وفي ارضية خصبة للتعاون على النقاط المشتركة، لابد من ان يؤمن الجميع بالفدرالية العراقية والتي تؤمن العيش بالسعادة والسرور والرفاه والعزة للمواطنين جميعا وليس لفئة دون اخرى كما حصل من قبل. وهذه اسمى الاهداف الحياتية لجميع الشعوب، وفدراليات العالم وما وضعوها من القوانين ليست بآيات منزلة غير قابلة للتغيير، بل هي بنود دساتير وقوانين وضعية اتفق عليها المعنيون وكان اهم نقطة في عقلياتهم ومؤمنين بها هي تكيف هذه القوانين مع الظروف الخاصة لشعوبهم، ولهذا يمكن اجراء التعديلات المناسبة عليها بعد التغيير والمستجدات الحاصلة في كل مرحلة من المراحل المتعاقبة، فعليه انه من واجب المحللين ان ينظروا بعيون عراقية شرقية الى اول فدرالية لشعب موزائيكي التركيب من كافة النواحي، واي نظام وان كان عراقيا فريدا ووحيدا وان كان لصالح المكونات كافة ويدفع العملية السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية الى التطور والتقدم في ظل قناعة المكونات بعيدا عن المصالح الضيقة، فاهلا به.

و ليعلم الجميع ان اختيار مفهوم الفدرالية لكونها حالة متطورة من انظمة الحكم في العالم، ولكن ليس من المفروض ان تقلد كما هي وبشكل مطلق في الدول الاخرى في جميع تفصيلاتها، وبعيدا عن الانفصال وتجزئة العراق،ان لم تُعتمد الفدرالية العراقية لايمكن الاستقرار في الاوضاع والتعايش السلمي دون احقاق الحق لجميع الفئات، وتاريخ الدولة العراقية شاهد على سيطرة واستحواذ فئة معينة دون اخرى واستغلالها جميع مرافق الحياة السياسية وامكانيات البلد لصالح مجموعة او فئة او مذهب او عشيرة او عائلة في كل مرحلة من مراحله، وان كانت الفدرالية استثنائية او شاذة وخاصة بالعراق ووحيدة الشكل والتركيب والجوهر وفريدة النوع ولم تتطابق مع فدراليات العالم، لا تهم الشعب اكثر من النتيجة وما سيصدر عنها وبما يسترضي بها الفئات كافة وبالاخص الاطراف المهمشة طيل فترة الحكم الانظمة السابقة، والاهم انها السبيل الوحيد للامركزية وعدم تجمع السلطات بيد طرف معين، بل الطريق العادل السهل لتوزيع السلطات وتمتع مكونات الشعب كافة بخيرات البلاد وثرواته .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1224 الثلاثاء 10/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم