أقلام حرة

اعيد السؤال، لماذا أُرجيء التعداد العام لسكان العراق؟!

 يتصف به من البيانات والمواصفات والتغييرات، ويمكن به قطع الطريق امام التلاعب بقوت الشعب والاجتهادات المستندة على المصالح الضيقة المتعددة الاوجه والتي تتدخل فيها الجهات المتنوعة داخليا وخارجيا، ولن تظل هناك اراء غير سليمة واختلافات حول العديد من الامور ومن اهمها توزيع الثروات على الجميع بالتساوي واعادة الحقوق لاصحابها بسلاسة. وعليه يمكن ان تبنى الخطط والاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والثقافية البعيدة المدى، ولم تاخذ العملية الكثير من الجهد والوقت ان كانت ورائها نيات صافية بعيدة عن الغش والتزوير والتضليل، وتُستنتج منه الضروريات والمتطلبات الاساسية للخطط العامة لبلد يعيش في معمعة الادعائات المختلفة من كافة النواحي. وهذا ما تعتمد عليه كافة بلدان العالم في رسم سياساتها في مختلف المجالات ومنها الحساسة المتعلقة بمصير اجيالهم، والارقام الواقعية الصحيحة هي التي تمنع التاويل والتحليل والتفسير وفق المصالح، وما تعمل عليه السياسات في تبرير النوايا المشكوكة فيها وبمزاعم خيالية متجاوزة على جوهر الحقائق للقضايا والبيانات المطلوبة. واؤكد ثانية ان التاجيل المتعمد للتعداد العام للسكان جاء رضوخا لسياسات متنوعة من القوى العديدة الداخلية والخارجية وعلى حساب فئة دون اخرى،و المصيبة فيه انه جاء بدوافع ونوايا سياسية خطرة كان الهدف منه ما يثبته الافرازات التي تخرج اليوم وبدءا بتوزيع المقاعد على المحافظات والتغييرات التي حصلت وماورائها، والاخطر انها جاءت بمزاعم خيالية متجاوزة على حقوق الفئات، ويمكن ان يحسب لعبا على الذقون في عصر الديموقراطية والحرية والهدفعودة المظالم استنادا على ما نشاهدها من الاحصائيات الخيالية والتي تقف ورائها العديد من الجهات وهي من اجل الصراعات السياسية على اساس المذاهب والاعراق ايضا، ويُشك ان يقف ورائها الدول المسيطرة على السياسة العراقية ولتوازن القوى وبهدف اعادة القوى الظالمة بطريق توازن المذاهب والفئات، وتكون الضحية الكتل الصغيرة والاقليات والمكونات المغدورة تاريخيا، وهذه الجهات هي نفسها كانت وراء تاجيل التعداد العام للسكان في العراق، والا كان بالامكان اجرائها دون اي خلل او عائق خلال مدة قصيرة جدا، وكان اذن لهذا العمل الغرض المكشوف . والا ان هذه العملية هي الوحيدة التي تفرق الاسود عن الابيض من المزاعم في ظلام الليل الدامس للقاصي والداني. ولم يهتم في حينه اي طرف بما اقدم عليه هؤلاء ومن ورائهم، الى ان بانت بداية الخيط في هذه الايام كما اعتقدنا في المقال السابق وصدق ظننا، وان اجري الاحصاء العام في وقته لما كنا الان في الوضع العام  الذي نعيشه ومن المتاهات التي نعاني منها وفي اختلاف عدد المقاعد النيابية المتوزعة وماورائها من الاختلافات والتباين الذي لا يقبله منطق ولا عقل وواقع على الارض، الا من يريد ان يغمض عينه عن الحقائق ويريد التلاعب بمصير الشعب ومكوناته باي ثمن كان .

 

 وهكذا نشاهد ان العراق لا يخرج من المشكلة العويصة والقضية الا بمخاض عسير ويدخل بين ليلة وضحاها في متاهة اخرى وفي عمق مشكلة تطفو الى السطح بايد مخفية، والسبب الحقيقي هو اشغاله وبقائه في بودقة الوضع الذي يكون مفيدا لمصالح الدول المجاورة والقوى العظمى، ويحاول الجميع على بقائه على الكرسي الدوار من دون تحديد اتجاهه او تقدمه نحو الامام لحين مجيء الفرصة والتمكن منه واعادته الى المربع الاول من قبل المتربصين ومن جميع الجهات.

 

ان من يتابع ما يمر به العراق اليوم،يعلم انه  ناتج عن اسباب تافهة يخلقها القوى المتمرة والمتدخلة في شؤونه، ويمكن تفاديه باسهل ما يمكن في وقته، وفي حقيقة الامر يمكن ان يسير بسهولة لو ابتعد هؤلاء عن طريقه، ولكن المصالح الضيقة والصراعات الدائرة على ارضه تقيده وتمنعه من التقدم بخطوة واحدة . وفي كل خطوة وتُدخل عصا حديدية في عجلته ودولابه الدوار كي يبقى متراوحا متعلقا في مكانه وفي وحل المشاكل المصطنعة في طريقه، وعليه ان يبذل جهدا اضافيا غير مبررا في هذا الاطار، وبالاخص من قبل الدول الجوار وموآمراتها المتعددة .

 

السؤال المحيٌر الذي لم نسمع جوابا مقنعا له لحد اليوم، ما هو اسباب ارجاء التعداد العام لسكان العراق الذي كان ان يتم دون اي مانع فني كما اعلنت وزارة التخطيط، وكان به ان يوضٌح وينوٌر الطريق السليم لكافة الخطط، وان تمنع المشاكل المستعصية التي نمر بها اليوم. ويعلم الجميع لم يكن هناك غير الاسباب السياسية البحتة المانعة والتي عملت الايدي الخفية وراء الكواليسلفرضها من اجل منع اجرائه استعداد للفوضى التي نحن فيه اليوم .

 

اليوم بعدما استوضح جانب من الافعال في الكواليس يجب ان ننتظر العديد غدا، ومن الممكن اعادة المياه الى مجاريها لو كانت النيات صافية وبمجرد امرار قانون وبقرار متوافق من الجميع وتقديم موعد اجراء الاحصاء العام للسكان وتاجيل الانتخابات لوقت قصير والى ماوراء الاحصاء، وهذا ممكن بتحديد لجنة مكلفة من البرلمان وحكومة تصريف اعمال خلال تلك المدة ولم تاخذ العمليتين اكثر من شهر فقط . وهذا حل واقعي مقنع ومنطقي لجميع الجهات ولم يحصل فيه اي غبن لاي مكون مهما كانت النتائج ويبين فيها الحقيقة على مصراعيها، ويجب ان يطرح الراي على المهتمين واصحاب السلطة والنفوذ، والا الترقيع والحلول التوافقية تكون على حساب طرف ومكون دون اخر وتفسح المجال للتدخلات يوما بعد اخر وتبنى الدولة في هذه المرحلة الحساسة على معيار خطا وما يبنى على الخطا فهو الخطا بعينه، وسندخل في دائرة السفسطة والمناقشات البيزنطية والتبريرات والحجج المختلقة لتبرير الاخطاء، والاهداف معلومة للجميع وورائها العقليات الموجودة والتي تترسب فيها ما اورثتها لنا العهود السابقة وستسيطر المصالح الضيقة وستمتد الايادي الخارجية اكثر في المراحل القادمة وندخل في ظروف لا تحمد عقباها.  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1233 الخميس 19/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم