أقلام حرة

النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة

العلاقات المباشرة بين القضايا المختلفة مع بعضها، وبمختلف اشكالها وجواهرها، ومن الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية التي تفرض مسار القضية، ومعرفة اسس انبثاقها و تطورها التي توضح لنا احقيتها او استغلالها كوسيلة من قبل القوى الاخرى لاغراض مختلفة مغايرة، سوى كانت بمحض ارادة المعنيين او كتحصيل حاصل لما يفرضه الواقع السياسي والمعادلات المتداخلة وشروطها وما تتطلبها المصالح من اتباع الطرق غير المقصودة في خضم النضالات التي تجرى رحاها في هذه المعمعة الشائكة للاطراف المتصارعة لهذه المنطقة التي لا مثيل لها في العالم . ان الوضع الاقتصادي الاجتماعي العام في اليمن وبشكل عام لا يبشر بالخير كما يعتقد الكثير من المحللين، فما بالك في منطقة مهملة ومعدمة في جميع النواحي وبالاخص البنى التحتية والتي فاق العوز والاحتياج لاهلها اكثر من بقية مناطق هذه الدولة و لاسباب عديدة، سوى كانت جراء الخلافات بين المكونات او تعمد الحكومة او تهميش المنطقة لحسابات عديدة اخرى ليس لاهل اليمن فيها اي ناقة او بعير، وهذا ما تفرضه السياسة والمنهج المتبع بعيدا عن المساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة الحقة .

 

 ولا يمكن ان يتوجه اي فرد كان مهما كانت وطنيته عالية النسبة وهو يعيش في ظروف اجتماعية وثقافية وسياسية مماثلة الى الانفتاح وعدم التعصب والسير نحو الامام دائما على حساب العقيدة والدين والمذهب والتقدم دون كلل او ملل، وعدم الاحساس بالاغتراب والغبن، وهذا غير منطقي وما يطلب هو خارج ما نتصف به الارضية المطلوبة لانجاح اي فكر او نظرية في اية بقعة في العالم، وان احس اي فرد كان بما يقيده ويبقيه في الوضع المتخلف فيتعلق باية قشة تصادفه مهما كانت نوعيتها والهدف هو انقاذ نفسه فقط دون غير، هذا ان ابعدنا ما يتمتع به المواطن في هذه المنطقة من التعاطف والمناصرة لاخيه ان كان ظالما او مظلوما، وهنا يفكر في تحسين وضعه في اية فرصة تمنحها الظروف الموضوعية ان عجزت الذاتية ويتجه نحو تحسين احواله، ولا يمكن ان يُنتظر منه غير ذلك استنادا على اي تحليل علمي. و ان استغلت هذه الظروف من قبل جهات متعددة ولاغراض واهداف سياسية وايديولوجية او عقيدية متنوعة، فهذا ليس بذنبه وهو يوغل في خضم الصراعات المختلفة الموجودة في المنطقة ومن الممكن ان لا يعلم هو بفحواها مطلقا، فلا يمكن لمثل هذا المستوى و هذه الظروف القاهرة وما تحتويه المنطقة من تاريخ وجغرافية ووضع اجتماعي عام ان يمكٌن اي مواطن من النجاة في التوغل في وحل التدخل الخارجي من اي كان وحتى ما تدفعه الظروف السياسية الداخلية التي تسهل الطريق له سوى كان اقليميا او عالميا، و ان اقحم فيه فهذا ليس بذنبه ابدا ايضا. هناك وجهات نظر عديدة وتحليلات سياسية مختلفة تفسر ما تحدث الان من الجانب السياسي و الحرب التي هي دائرة رحاها على ارض اليمن والتي لم تستفد منها الشعب اليمني بمجملها، وهو ما يعيش في المرحلة الانتقالية للاقليم بشكل كامل، والذي تحاول فيها جميع الاطراف الدينية والمذهبية والايديولوجية والعقيدية والافكارو الصراعات الدولية والاقليمية والمصالح بان تفرض اجندتها وباية وسيلة كانت ومن اية نافذة ومنها قضية الحوثيين بذاتها ومستغلة اسهل الطرق في سبيل ضمان تثبيت ركائزها وبناء عرشها وفرض سلطتها وكل حسب قدرته في التاثير على مجريات الامور و ما تتطلبه مصالحهم المتعددة بالذات . الواضح في الامر، ان للقضية رؤوس عدة واجسام متصلة ومنفصلة ايضا، وتبان اطرافها من قراءة المواقف المتعددة والتوجهات والتحركات العديدة للمهتمين بها، والجوانب ذات الصلة التي تهتم بما يجري على ارض اليمن منذ مدة غير قليلة، ومنها الصراع الخليجي الخليجي بنفسه وما تفرضه خلافاتهم على تحديد موقفهم من هذه القضية و كيفية تعاملهم معها. وهناك اراء على ما يمكن ان تُفسر في الخطوات الحكومية لدولة اليمن بذاتها ومدى استفادتها ماديا ومعنويا في تحركاتها واشعالها لهذه الحرب الضروسة الخاسرة فيها مقدما الشعب باطرافه كافة،  التوقيت المختار في هذه المرحلة وما تتطابق من الاراء لمختلف الجهات حول استغلال الحكومة اليمنية لهذه الحرب كورقة ضغط كبرى لخروجها من الازمة الاقتصادية التي تعيشها بعد فقدانها المسند الذي اتكأ عليه سابقا والى الابد، وهذه الخطوة تكون فعالة جدا للحصول على شيء من المال والدعم المختلف الاوجه ممن تفيدهم هذه الخطوة والتوجه، وهذا ما يستوضحه بشكل جلي تدخل المملكة السعودية المباشر في الحرب عندما احست بعدم حسم القضية من قبل اليمن بمفرده، وعدم قدرته على انهاء المشكلة مهما بلغ من القوة للظروف الدموغرافية المعلومة وامتلاك الحوثيين للقدرة القتالية والعقيدية وامكانية اطالة امد الحرب وعكسها لصالهم . اما ما نشاهده من التعتم الاعلامي العالمي والاقليمي بشكل عام وعدم وضوح مواقف القوى الكبرى من المجازر، وهي التي تتشدق بحقوق الانسان والحرية لهو دليل عى مدى غض الطرف لهذه القوى الكبرى كما فعلت في القضايا الاخرى عالميا سابقا وفي عديد من المراحل و لانها لم تكن  مع مصالحها وفي مناطق و اقاليم في الشرق الاوسط بالذات، واليوم تتبنى مظلوميتها بعد فوات الاوان وسكب الدماء وذهاب الضحايا جرائها من دون اي مبرر. ان ما يهمني هو الوضع الانساني الماساوي والدمار والخراب الذي يتعرض له الانسان و الانسانية بشكل خاص قبل اي شيء اخر وفي هذه المنطقة التي تستمر فيها الاشتباكات، و ليست الضحية فيها الا الطبقة الفقيرة المعدمة وهي الخاسرة الكبرى في هذا الصراع المشؤوم . والعجيب والمستغرب ان المشاركين في هذا الدمار من يدعون السلم و الامان والتدين وضمان حقوق الانسان والحرية والمساواة وما يسمون بحاملي العقيدة النظيفة. وهذا ما يبين مدى النفاق المسيطر على السياسة المتبعة من قبل الجميع في هذه المنطقة والانسانية ليست الا شعارات على لسان هؤلاء ويستغلونها لاغراض مشينة ومضللة في المنطقة، ومن قبل من له اليد في تطبيق اجندات مغرضة و لبقاء سيطرة الحكومات غير الديموقراطية على رقاب شعوبهم . 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1240 السبت 28/11/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم