أقلام حرة

الإنفاق العسكري العربي والموارد النفطية

عقلاني يسرع نموهم المعرفي والعلمي بما يؤدي إلى زيادة معدلات التطور بشكل فيه الكثير من التهديد للنظم المنافسة الأخرى وهو اختلال سوف يخلق أمة قوية مؤهلة لقيادة العالم بما لديها من خزين تجريبي ثر في هذا المضمار.

وعلى خلاف ما نؤمن به من اعتباطية قادهم هذا الإدراك المبكر لاستنباط طرائق وسبل مدروسة بعناية لامتصاص العائد النفطي الجبار وإعادته إلى الخزائن التي خرج منها برضا كل الأطراف بل وبترحيب الجانب العربي وتهافته الكبير على قبول وتقبل هذه الإجراءات،  وقد يسر لهم مهمة تنفيذ مخططاتهم الشيطانية ما هي عليه قياداتنا العربية التي تسنمت مقاليد الحكم في بلداننا إما بالوراثة العائلية أو بالثورات الدموية العسكرية أو من خلال الانتخابات المزيفة التي يفوزون فيها بنسبة 97،7%

وبعيدا عن طرق الجذب الروتينية التي نجحت بترحيل مليارات الدولارات من الخزائن العربية إلى خزائن المصارف الغربية سواء عن طريق إيداع العائدات أو غالبيتها في هذه المصارف التي تبدو أكثر أمنا ومصداقية من مصارفنا العربية، أو عن طريق قيام البتروليين العرب بشراء الأملاك والجزر وكازينوات القمار والملاهي والمراقص والنوادي الليلية والفنادق أو الاستثمار في الشركات الغربية، كانت هناك محاولات أخرى لاسترجاع أثمان شراء البترول أو ما تبقى منها عند العرب عن طريق قيام النظم السياسية الغربية بتأجيج النزاعات الحربية والعبث بعقل السياسيين والقادة العرب لخوض معارك خاسرة سواء في الداخل مع شعوبهم كما هو حال معظم القيادات العربية أو في الخارج مع الآخر ممن قرب من الجيران. وكان العقل الإستراتيجي العسكري الغربي ينسق مراحل هذه النزاعات وحدود امتدادها وسعة رقعتها الجغرافية ومدتها ويتحكم كذلك بنوع الأسلحة المسموح استخدامها فيها والوقت الذي يجب أن تنفض فيه ليس طبعا عن طريق الحل الجذري بل من خلال التهدئة لترحيلها إلى أوقات أخرى تدعو الحاجة لتأجيجها فيها.

أما القادة العرب فهم من جانبهم ما إن يروا بوادر أزمة تلوح في الأفق حتى يبادروا لإعلان الأحكام العرفية ووقف العمل بخطط التنمية وكل الأنشطة الحياتية الأخرى ويفتحون خزائنهم على مصراعيها للإنفاق العسكري وتجهيز القوات العسكرية المعدة للاشتراك في هذه (الغزوة المباركة) بكل الاحتياجات الضرورية لكي يبقى أنف العرب عاليا حتى ولو قتل بعضهم بعضا.  دون أن يفطنوا للأضرار الكارثية التي يسببها الإنفاق العسكري الذي تفيد المؤشرات الاقتصادية أنه يثقل كاهل الخزائن ويتسبب بأزمات اقتصادية حتى لأكثر الدول غنى مثل أمريكا التي تمر حاليا بأزمة اقتصادية نتيجة تنامي إنفاقها الحربي لدرجة أنه تسبب في زيادة معدل الإنفاق العسكري العالمي بنسبة 58 % عن معدلاته بسبب مصاريف عملياتها في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى.

 ولذا نلاحظ أن الأزمات الداخلية في دار فور والصومال واليمن وموريتانيا والجزائر والخارجية مثل تعثر محادثات السلام العربي الإسرائيلي تسببت كلها في زيادة معدلات الإنفاق العسكري العربي  والذي أدى بدوره أيضا إلى زيادة نسبة معدل الإنفاق العالمي بنسبة 4 % ليصل إلى     1،46   ترليون دولار بزيادة مقدارها 45 % مقارنة بعام 1999 وفقا لبيانات معهد (سيبري) السويدي لأبحاث السلام.

وإذا كانت أمريكا قد تسببت بارتفاع المعدل بنسبة 58 % فإن الأخصائيين يرون أن الحجم الأكبر من الحصة المتبقية البالغة 42 % سببه الإنفاق العسكري العربي ، والغريب أن العراق الذي كان يضم ترسانة مهولة من مختلف أنواع الأسلحة والأعتدة استعدادا للمعارك التي كان نظام البعث يخطط لها كان له دورا في هذه الزيادة بعد أن ارتفعت مشترياته العسكرية عام 2007 بنسبة     33%  مقارنة بعام 2008.

نظرة سريعة إلى معدل الأرباح التي تحققها مبيعات الأسلحة تثبت أن أمريكا هي التي تحرك النزاعات المختلفة  في العالم ومنها النزاعات في وطننا العربي الكبير. وفيما يخص النزاعات المسلحة التي تمثل الخط الإستراتيجي الأول للسياسة الأمريكية نجد أن  مبيعات 100 شركة صناعات عسكرية عالمية في عام 2007 بلغت حوالي 347 مليار دولار فإذا عرفنا أن 44 شركة منها أمريكية الجنسية أي ما يعادل 61% من المجموع و32 منها أوربية  أي ما يعادل 31%  والـ 8% الباقية إسرائيلية وروسية ويابانية وهندية نعرف أن حصة أمريكا التي تبيع  الشركات الأوربية والإسرائيلية إنتاجها بموافقتها وخبرتها وخبرائها تحصل على حصة الأسد من مجموع عائدات الإنتاج الحربي يؤكد ذلك أن شركة (بوينك) الأمريكية وحدها حصلت على مبلغ  30،5   مليار دولار من مجموع المبيعات في هذا العام تلتها شركة (لوكهيد مارتنز) التي حصلت على مبلغ  29،04 مليار دولار.

أما الخط الثاني للسياسة الأمريكية فتمثله مشاريع حفظ السلام التي طرحت لحل هذه النزاعات  حيث تحقق مشاريع حفظ السلام مبالغ لا تقل أهميتها عن مبالغ بيع الأسلحة التي تدار فيها هذه النزاعات حيث تفيد التقارير أن الصناعات العسكرية الأمريكية انتفعت من عمليات حفظ السلام بنسبة 11% من مجموع مبيعاتها . لقد بلغ عدد العاملين في مهام حفظ النظام عام 2008 بحدود 187586 شخصا يتقاضون رواتب ضخمة ويحتاجون إلى التجهيزات والملابس والطعام والتنقل والسفر بالطائرات والإقامة والأدوات المكتبية والأسلحة والذخائر ووسائل الدعم الأخرى.

أما نصيبنا من هذه العمليات فيبلغ الحد الأقصى إذ باستثناء جهود حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية تتمركز باقي العمليات في وطننا العربي غالبا. وإذا كانت الجهات العالمية من يتولى الصرف على قوات حفظ السلام في الدول الفقيرة فإن الخزائن العربية هي التي تتولى الإنفاق على هذه القوات.

أما فتات مليارات مبيعات البترول الضخمة التي تبقى في بلداننا فيتم صرفها على شراء المواد الكمالية والأفلام وأغاني البوب من أمريكا بشكل مباشر ومن الدول الغربية الأخرى وبالنتيجة تتحول كافة عائدات تصدير البترول إلى خزائن الغرب مرة أخرى ولا يبقى لنا سوى طوابير العاطلين والمشمولين بقانون الرعاية الاجتماعية وخرائب أطلال لا زلنا نبكي تحت جدرانها خيبتنا التاريخية 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1241 الاحد 29/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم