أقلام حرة

المعارضة البديلة للحكومة الاصيلة

عغيشه بعزة وكرامة وسلام، واولى مهامه هي توفير مستلزمات حياته اليومية والخدمات الضرورية الملائمة للعصر الذي يعيش فيه، ومحاولته الوصول به الى مصافي الدول المتقدمة والمؤمنة بالعقلانية في الفكر والعمل بعيدا عن الخيال وجاهدا ازالة العوائق المترسبة امامه من تراكم الموروثات التي ابقتها له الحكومات الشاذة المتوالية،و التي كانت جاثمة على صدوره لعهود طويلة .

من الاهداف السامية والعوامل المشتركة بين اغلب ابناء الشعوب هو العمل على سمو القانون وسيادته وعلوه على الجميع دون استثناء، وهو الخطوة الكبيرة الاولى لتحقيق النسبة المرضية من المساواة ومحاولة ضمان العدالة الاجتماعية وعدم التمييز بين المكونات المختلفة وتثبيت فكر المواطنة والايمان به وبالوطن كحاضن اكبر، وزرع المحبة في عقلية وفكر اي فرد كان في المجتمع .

من العوامل الهامة والمقومات الرئيسية لتحقيق الاهداف العامة هو وجود حكومة حقيقية واسعة القاعدة معبرة عن اراء وتطلعات ومواقف الجميع وباسترضاء النسبة العالية ان لم تكن مطلقة من فئات الشعب. ويجب ان تكون واضحة المعالم والجواهر والنيات وصاحبة الارادة وواثقة من امكانياتها وقدرتها لخدمة الشعب وموالية له فقط دون اي ميل او توجه خارجي مفروض عليه . ويمكن ان نسميها الحكومة الاصيلة، وهي المطلب الاساسي لعراق مابعد سقوط الدكتاتورية .

ان الحكومة الاصيلة هي التي يمكن ان تعتمد على نفسها ومنشاها من جوهر المجتمع وهي المسؤولة عن امور البلاد بشكل مطلق وتتحمل الصعوبات وتعتمد على ما تملكها من القدرات،و يمكن ان توصف بالصحية المتكاملة ومنبثقة من ارادة الشعب ذاته فقط. وهي تفرض نفسها في موضع الاحترام والتقدير لكافة المكونات بلا استثناء، وتنفذ جميع الفئات كافة متطلباتها وتوفر عوامل نجاحها بشكل مريح وبرحابة الصدر، وبالاخص عندما يحس المواطن بانها منه وله ومن اجله ولمصلحته، وبالنتيجة تكون حكومة فعالة ومنتجة ودافعة للبلد والمجتمع نحو الامام .

و لا يمكن ايجاد حكومة بهذا الشكل والمعنى والمواصفات بعيدا عن الارضية الملائمة المطلوبة التي تتوفر فيها الركائز الاساسية لبنيان مثل هذه الحكومات، من المستوى الثقافي العام والترابط والانسجام والتراصف الشعبي في ظل عقلية تقدمية ديموقراطية عصرية محبة للاخر وغير لاغية له ومعتمدة على التحاور والنقاش المنطقي بوجود الامكانات الاقتصادية اللازمة، والاهم في الموجبات الواجبة وجودها هي الاستقلالية في الفكر والعمل والقرار بوجود حس الانتماء بعيدا عن الاغتراب والتهميش لاي طرف كان .

عند لمسنا لهذه الحل او نسبة كبيرة منها يمكننا ان نعمل على رصد الاخطاء التي تحصل من دون شك من اجل عدم تعقيدها او الانحراف بها عن السكة، وهذا ما يحتاج الى آلية عقلانية بالاستناد على الديموقراطية الحقيقية الملائمة لظروف وصفات وسمات وطبيعة مكونات المجتمع ويجب ان يعتمد العمل على اسس متينة وبنيات صافية محبة للجميع. عندئذ يمكن ان تكون هناك معارضة بديلة مراقبة وعاملة وبوجود لحكومة ظل في سبيل السير السليم، وتتمكن من احلال موقع الحكومة ان تلكات في اداء الواجبات الضرورية بعد كل انتخابات وبشكل سلمي استنادا على صناديق الاقتراع بعيدا عن التشدد والخشونة في التعامل، وبسلاسة وامان، حينئذ يمكن ان يكون الشعب هو القاضي والحكم والحاكم ايضا، والنظام الديموقراطي يترسخ ويجدد ذاته بعيدا عن كل تدخل اينما كان . وهذاما يحتاج الى توعية وتعليم وممارسات متتالية من اجل نشر هذه الثقافة بين الافراد والعوائل والتجمعات والمؤسسات، وهذا من واجبات الحكومة الاصيلة والمعارضة البديلة وباليات منتظمة ومساعدة منظمات مدنية حرة غير تابعة، وكذلك هو من اهم مهامات الاحزاب التقدمية، والعامل الحاسم هنا هو الشعب والثقل الاكبر يقع على عاتق النخبة بانواعها المختلفة، ويجب الاعتماد على المؤسساتية في اداء الواجبات للابتعاد عن المحصصاتية والمحسوبية والمنسوبية، وزوالها التي هي اولى اهداف الشعب في هذه المرحلة. وهذا ما يحتاج الى وقت، ويجب العمل على تقصيره استنادا على الخطط والبرامج والاجندات والاستراتيجيات العلمية المحكمة المناسبة في كل مرحلة لحين الوصول الى المحطة الرئيسية وهي تامين النظام الديموقراطي الحقيقي وتثبيت حقوق المواطنة وتنفيذ الواجبات بشكل سهل وباقتناع جميع المكونات والجهات.

و من واجبات الفرد الهامة هو مراقبة افعال وبرامج الجهات ومدى تحقيق الاهداف المعلنة لكل جهة على الساحة بعيدا عن عاطفة الصلات الاجتماعية من القرابة والقبيلة والعشيرة، والاستناد على ما موجودة على الارض من نتائج افعال كل طرف ومدى موالاته للشعب والوطن فقط وليس للمصلحة ومن يوفرها، وليس نظريا فقط، كما نشاهد في الساحة السياسية العراقية خلال هذه الفترة. ويمكن التاكد من ذلك بلمس ما يُطبق على الارض من الوعود المقطوعة على النفس اثناء الحملات الانتخابية والترويجات الحزبية ومدى واقعية وصحة التعهدات والالتزام بها، وتحديد الجهات التي نكثت ما وعدت من اجل محاسبتها ديموقراطيا وعدم تكراراختيارها باي شكل .

و لا يمكن اتمام النظام الديموقراطي من دون وجود معارضة حقيقية وطنية اصيلة بديلة ايضا بجانب الحكومة والسلطة، ومهامها الانتقاد البناء والرصد والتصحيح وطرح البديل المناسب والحلول للمشاكل والقضيا المختلفة وما يخص الشعب والسياسة العامة للبلد، وبدعم الشعب وليس بفرض الذات بالقوة والتشدد والوسائل البالية التي لا يزكيها العصر. وما مطلوب اليوم هو ضمان حقوق الانسان والسلم والامان العالمي.

اذن النظام الديموقراطي التقدمي المطلوب في هذه الممرحلة الحساسة هو الضامن الاساسي لوجود حكومة منبثقة من الشعب ومعارضة من اجل الشعب وليس غيره، ولا يتم ذلك الا بضمان حقوق الشعب وتحقيق امانيه من العدالة الاجتماعية والمساواة والسلام وضمان مستقبل اجياله، والمطلوب هو الحكومة الصيلة الرصينة والمعارضة التقدمية العلمانية البديلة .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1243 الثلاثاء 01/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم