أقلام حرة

ما يحمله المتطرفون يزيحه العراق الجديد

بقصر مدتها وتنوع خصائصها وسرعة بيان المتغيرات المتكررة التي بانت على ملامحها . ورمت في كل مرحلة الجهات المختلفة ما بجعبتها من المواقف والاراء حول مواضيع الساعة وما طفت على الساحة من اجل تثبيت ركائزها دون اي حساب لما ينتج ويفرز من تلك المواقف سوى كانت سلبية او ايجابية، والمهم عندها هو تثبيت مكانتها وثقلها وتحكمها بالمواقع التي اعتلتها، والاهم في نظرها في جميع الاوقات هي مصلحتها الخاصة قبل اي شيء اخر، وقدمت من الاطروحات وساومت على العديد من المباديء التي تشدقت بها من قبل من جل البقاء ومنافسة الاخر فقط والصراع معه بكل الوسائل مهما كانت اشكالها وتداعياتها او نسبة مشروعيتها.

على الرغم من قانونية او دستورية القرارات الضرورية  المتخذة او عدمها من قبل هذه الجهات حيال ما فرضتها الايام، فان العديد منهم لم تتقن اللعبة وانقرضت عن بكرة بيها ولم تبق منها حتى اسمها واخرى قاومت لحد ما تمكنت من الوصول الى اليوم وساومت وتنازلت لانقاذ نفسها واستخدمت ما لا يمكن اعتبارها بالوسائل العصرية من اجل عبور المرحلة، وحتى اختلفت في عملها بين الليل والنهار ووصلت الى ما هي عليه اليوم. وبعد الصعوبات والظروف الذاتية والموضوعية المحددة لبقاء الجهات، تمت غربلتها بشكل طبيعي وكثيرا بالتدخلات الداخلية والاقليمية والعالمية وحسب العلاقات والتوافقات والعقود والاتفاقيات السرية والعلنية العديدة بين المؤثرين على الساحة.

و على ما مر به العراق من الظروف المعلومة بقت صنوف مختلفة من الجهات على الساحة السياسية لحد اليوم بحيث نشاهد من الانواع ما لا تصدق انها بقت وقاومت ومنها طارئة على الساحة او بفعل موقع او منصب حكومي معين تم ابرازها، ولم تكن النتائج او حصيلة الصراعات عادلة وربما بقت غير الصالح او ذهبت ما كانت تفيد مستقبل العراق واجياله ولم تتقن اللعبة بشكل جيد وانقرضت، ولذلك نشاهد من المتطرفين ما لا يلائم الوضع الحالي بما يحملون من الافكار والعقائد والاهداف والاستراتيجيات وما يتطلبه العصر الجديد المغاير لما شاهده العراقيون من قبل، وبالاخص ما قبل السقوط، واصبحت هذه الجهات المتنافرة عقدة السياسة العراقية وعائقا امام مسيرة التغيير والاصلاح المنشود وشغلت الشعب العراقي بما تطرح من الاراء وما تعتمد من السفسطة وتبيح كل الوسائل في الصراع الدائر وتقف عائقا كبيرا وسدا منيع امام الانتقال والعبور من المرحلة الحالية وتشابكاتها، ومن المؤكد ان تكون ورائها قوى خارجية لن تهمها سوى ما تفرضها مصالحها الاقليمية ومنافساتها وصراعاتها العالمية.

 اما القوى الوسطية الحائرة في هذه المعمعة والتي برزت كنتاج ايجابي في المرحلة المتاخرة بعدما لم توفر امامها الفرصة منذ البدية، تترنح مواقفها وفق ما تفرضها مستوجبات الايام من اجل بقائها حية فقط لحد اليوم، فتارة تتشدد من واقفها وتميل نحو المتطرفين وفي اخرى تعود الى واقعها الطبيعي بعد انقضاء الحاجة، وتتظر لحين مجيء الفرصة السانحة لبيان الراي والموقف الصحيح حول القضايا.فتتصرف هذه القوى الجديدة بافكار واراء ما يمكن ان نسميها انتقالية مؤقتة معتمدة على ما تفرضه موجبات الوضع السياسي الجديد العابر .

اما القوى العريقة بجميع اتجاهاتها والتي تستند على قاعدتها الاصيلة فتتبع السلم والامان في تعاملها مع الواقع والظروف، وهي مختلفة الافكار والعقائد وفيها ما تتبع اليمين الفكري او وسطي العمل او يساري واقعي ملائم مع الوضع الجديد على الرغم من اختلاف مكانتهم وثقلهم وامكانياتهم وحجمهم.

النوع المتطرف حامل لاجندات مختلفة، فهم متطرفون الجدد ويمكن ان نصنفهم وفق ما يسيروا عليه وما تبان م حصيلة اعمالهم، وهم من بقايا الماضي وما تضرروا من المتغيرات ويحنون الى الماضي القريب سوى كانوا من البعثيين بجميع مشاربهم ومن يتعاطفون معهم ويتجدون الاصوات الانتخابية منهم، او التكفيريين واصحاب الاراء الدينية المتشددة بجميع صنوفهم، او عديمو الفكر والعقيدة المتلهثون وراء فتات ما تبقى من بقايا الماضي لحد اليوم او اصحاب الوظائف والمراتب والمصالح التي وفرها لهم النظام الدكتاتوري السابق وفقدوها وينوون ارجاعها باي ثمن كان، وهم الذين ضربت مصالحهم بمجيء العصر والنظام العراقي الجديد، او هم من المرتزقة والمرتبطين بالمؤسسات المخابراتية الاقليمية والعالمية ويتحركون على هوى مموليهم ويتبعون ابخس الطرق في سبيل ضمان ارزاقهم.

اذن ما يحمله المتطرفون الجدد ليس بافكار او عقائد يمكن ان تحترم مهما كانت مضمونها ويمكن ان يعطوا الحق لحملها  وان كانت غير عصرية ومضى عليها الزمن، ولا يتوائمون ما يتصف به الشعب ولا يحملون من الثقافة السياسية والخصائص الاجتماعية العراقية الاصيلة وهم يرتكزون على نفي الاخر وتسقيطه فقط كما تدربوا عليها من قبل، ولم يحملوا من الاهداف العامة الا ترضية لامريهم وولاتهم، ولذلك يسمحون لانفسهم حمل الادوات والوسائل الشاذة مهما كانت نوعيتها لتلبية متطلبات رؤسائهم والسلاح هدفهم وشعارهم ووسيلتهم مهما كانت خلفيتهم العقلية. ومن الملاحظ انهم في طور الاختزال يوما بعد الاخر وبفعل المستجدات والانفتاح وتفهم المجتمع لما يجري، وبمرور المرحلة الحالية الحساسة سيكسر شوكهم نهائيا وستظهر الصراعات العقلانية والمنافسة الشريفة للعمل السياسي على الساحة رغم بقاء بعض الشواذ في المراحل الباقية. التي تر في لمحة بصر، وستترسخ الحرية والديموقراطية مها كثرت اعدائها كما نحس عما نعيشه من الاختلاف بين الامس واليوم من كافة النواحي رغم تبجح القوى الشاذة الاستثنائية او من مترسبي العصر الماضي الاليم.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1261 السبت 19/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم