أقلام حرة

تهجير بكتاب رسمي يصدر من عبعوب

MM80كثيراً ما ترددت في الكتابة عن أمانة بغداد، وعن أمينها الذي لم يلتمس الشارع البغدادي، أماناً في أمانته، بعد عدم ألتماس التغيير في حكومة ألعبادي، وتحديداً في مفصلٍ مهمٍ من مفاصل الدولة، المعني بخدمة المواطن، لقد قُلِبَت بغداد لأنها خليت من العقول التي تقاعست عن إعتلاء هرم المسؤولية.

هذا التردد! جاء من حيرتي التي تركت لي أكثر من علامة إستفهام؟ حول أمانة بغداد، من أين أبدأ!؟ ماذا أقول!؟ وكيف أنتهي!؟ وهي أمانة بغداد!، التي تعتبر من أهم المؤسسات الخدمية في العراق، حيث لها 14دائرة بلدية وزعت على العاصمة بغداد، ولها من الدوائر والأقسام الأخرى.

مثل دائرة الماء والمجاري، دائرة البيئة، دائرة المتنزهات والتشجير، دائرة العقارات، دائرة التخطيط والمتابعة، دائرة الأعلام والوعي البلدي، دائرة السياحة، ودائرة المشاريع، وثمة شركة مهمة، أحيلت لها من التصنيع العسكري، هي شركة بن رشد العامة ومختبراتها، وأقسام مهمة وفعالة، مثل قسم النظافة وغيرها من الأقسام.

من يسمع بكل هذه التفاصيل، يستبشر خيراً ويقول إن الأمانة بخير، وقادرة على تغير واقعنا المرير، ولكن عندما ينضر إلى بغداد لا يرى خيراً، كأنه يردد المثل المصري المعروف: (أسمع كلامك أسدئك، أشوف عميلك أستغرب!).

إن أغرب هذه الدوائر تعتمد على محورٍ مهمٍ في إدارتها، يعتبر كصانع ألعابها فيها، وعمود تمركزها، وخزانة أسرارها، وعادةً ما يكون متمركزاً في أحد أقسامها، كقسم الإدارة مثلاً! أو غيره من الأقسام حسب سياسة المدير العام للدائرة، وتتطبع الأمانة بطابعٍ غريب بعض الشيء! يسمى طابع اللوبيات، ولا أستطيع أن أقول (المافيات أو العصابات!).

كما إن الغريب في أمانة بغداد (ولا شيء غريب فيها) إن أغلب من يكون له سطوة على الموظفين، أو يكون متنفذاً أو مسئولاً، أو حتى مديراً عاماً، (أو أميناً سابقاً !)، بالنهاية عند الرجوع إلى ملفهِ، تجده موظفاً سابقاً في (التصنيع العسكري)، والحقيقة إني لأجهل السر في ذلك، مع جُل إعتزازي وإعتذاري، لموظفي التصنيع العسكري.

لعلمي بدهاليز أمانة بغداد، قد أُحسب من موظفيها، وللإطمئنان أنا بعيد كل البعد عنها، لكن لي أصدقاء كثر فيها، ومن بينهم من قطع حيرتي، لكتابة هذا المقال، صديقي الذي منذ معرفتي به، يسكن في أحد أقسام أمانة بغداد، التي دافع عنها عندما جاءوا الأوباش لنهب ما يملكه هذا القسم من ألآليات ومعدّات، وحافظ هو وعائلته على ممتلكاته، كما حافظ على نظافته، ولكنه فوجئ هو وعائلته، بصباحٍ عبعوبيٍ مشئوم، بكتابِ إنذارٍ رسميٍ صادرٍ من أمين بغداد، مفاده إخراج جميع الأهالي الذين يسكنون أقسام دوائر البلدية.

كان ذلك أشبه بتهجيرٍ قسريٍ لعائلة صديقي، التي لا يملكون إلا راتبِ عقدٍ في هذه الأمانة، التي لا أمان لها، ولا أمانة.                      

 

في المثقف اليوم