أقلام حرة

هل التصويت في الانتخابات القادمة يكون عقلانيا؟

واقرار القوانين الملحة المناسبة والموائمة لهذه المرحلة يمكن ان يرى ويُعتقد بانه عملية سهلة، وهذا صحيح فنيا من حيث الترشيح والتصويت السطحي بذاته دون تحليل او تفكير او تعمق في العملية السياسية وتداعياتها وما يجب ان تكون الاراء والمواقف وما تؤول اليه الاوضاع بوصول افكار وتوجهات وعقليات دون مستوى مطلوب الى هذه المؤسسةالمهمة . وبالاخص في المرحلة الحساسة التي يعيشها لعراق وتتضمن موعدا لانسحاب الفوات الامريكية وعودة السيادة والسلطة بشكل كامل الى العراقيين انفسهم، ومن تكون له اليد الطولى منذ البداية يكون له الاثر القوي طيل العملية لفترة طويلة، ونستدل هذا على انه نحن نعيش في الشرق الوسط المميز بخصائصه ونعلم ما يدور فيه. وتكون بداية جديدة لادارة الحكم الذاتي وانفراد جهة ما في واقع جديد يتسم بالحرية، والمفروض فيها ان تدفع العملية الديموقرايطة الحقيقية الفريدة في المنطقة الى الامام وفي مثل هذه الارضية الحاوية على مجموعة غفيرة من التحديات داخليا وما تحاوله الجهات والاطراف الخارجية من وضع العوائق امام عجلة اداء السلطة العراقية المستقلة من جهة اخرى ان لم تكن لصالحهم كما يفعلون لحد اليوم، وما تحاك من جميع الجوانب تشكل سدود امام العملية السياسية السائرة في هذه المتعرجات الى الان.

استنادا على ما يتضمنه قانون الانتخابات من البنود وما يتصف به الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي العراقي من الخصائص  التي تفرض طريقة وشكل معين من العمل ومنه الادلاء بالاصوات واختيار المرشح، يمكن ان نقول ان جانبا من المستقبل السياسي القريب سيكون واضحا للعيان ويمكن تحديد العقليات التي تديرو تحرك البرلمان المقبل بشكل نسبي، الا ان التدخلات المختلفة تخفي ورائها ما تنتجه ايادي المتلاعبين والعاملين بكثافة وتركيز قوي على التدخل باي شكل كان والتاثير على النتائج مها كلف الامر.

ان تركنا نسبة معينة من تركيبة البرلمان المقبل لما تفرزه هذه الافعال والاقدار فاننا يمكن ان نوضح ما تكون عليه الاكثرية المقبولة وما تكون توجهاتهم المختلفة، وهذا لا يعني ان الاختيار او التصويت للمرشح المعين سيكون استنادا على العقلانية والتفكير الصحيح والاختيار الملائم لما فيه العراق من الظروف العامة، لاننا نعلم مسبقا الظروف الاجتماعية والعلاقات المؤثرة والمستوى الثقافي والوعي العام ونسبة النخبة وكيف تكون الترويجات والمتغيرات على الساحة خلال هذه المدة القصيرة .  انعدام الشروط الضرورية المحدودة بشكل تتوائم مع ما هو عليه العراق اليوم ومؤثرات المنطقة ستزيد من العملية خطورة وما تفرض علينا ان نعتقد انها تكون غير مضمونة العواقب بشكل يمكن ان يتم التقدم المطلوب فيه بشكل تدريجي وعدم وجود المرشحات الضرورية لتحديد المرشحين سوى كانت قانونية او اجتماعية، وبقاء الابواب مفتوحة امام الجميع بصالحه وطالحه مهما كانت سابقته، يدفعنا الى التصور بعدم امكاننا الوصول الى النتيجة بشكل مطلق ومرضي للاكثرية .

من القاء النظرة على المتنافسين ومن يمكن ان يكون مساعدا لهم بما يتوافقون مع نظرته لمستقبل العراق سنجدة يخرجون من عدة اتجاهات  ممن تريد ان ترسو على شاطيء البرلمان العراقي القادم  وممن تزكيهم الظروف السياسية وتحركات المخلفات الباقية من العهد السابق والتي ستكون لها الدور الذي يمكن ان يوضع في نظر الاعتبار، ومن اليوم تحاول هذه الجهات المتعددة كسب ود هؤلاء واسترضائهم من اجل هذه الاصوات غير النظيفة، وهنا سيكون لهم الدور المحدود في مستقبل البرلمان العراقي. فمنهم من حاول سابقا ومستمر لحد ليوم بشتى الوسائل والطرق محاربة العملية السياسية في العراق الجديد وسلك كافة الطرق من الاعتداء والانفجارات واحتلال المدن والقتل والذبح والارهاب بشتى انواعه واشكاله للتاثير على العملية محاولا عدم نجاحها، وبعد فشله بهذه الطريق نرى انه يتجه اليوم الى الطريق الشرعي القانوني ويحاول الدخول من باب البرلمان لتنفيذ اهدافه القديمة الجديدة وينفذ ما يخططه مع المتاميرن بما يؤمر به من ما وراء الكواليس وفي الغرف المظلمة. ويجب الا نخفي ان هناك عواطف موالية لهم لحد معين مستغلين قلة الخدمات الضرورية المقدمة لابناء الشعب والفساد المستشري ويستخدمونهم لاغراضهم المقيتة، وللاسف يحسبون انفسهم من العلمانيين ويعملون بادوات مختلفة والدينية في مقدمتها وهم يستغلون التطرف الديني والمذهبي في تحقيق مرامهم ونواياهم، اضافة الى الصراع المذهبي والعرقي الدائر الذي يستغلونه في سبيل العودة  كما يحلمون فانهم يوجهون فئات عديدة لمحاربة الواقع الجديد باساليبهم الملتوية ويمررونها على المواطن البسيط ويتبعون هذه الطرق لما يمتلكون من الامكانيات المادية والمعنوية الخارجية. وفي المقابل ان هناك قوى دينية لازالت تمسك بزمام الامور وهي تتصارع  مع بعضها وتحاول موائمة الخصائص العامة التي تحملها النسبة الكبيرة او الساحقة من الشعب، ولكن تنسى ان هناك من يعمل على سحب البساط من تحت ارجلهم. هؤلاء ما يقابلون القوى المتطرفة من الاسلاميين والمذهبين والمتطرفين الخياليين ممن يعيشون خارج الواقع الاجتماعي الثقافي العراقي، اضافة الى القوى الكوردية وان كانت عديدة القوائم في هذه الانتخابات وهم ضمن اقليم كوردستان ذات الخصوصية والمناطق التي يتواجد فيها الكورد بنسبة كبيرة وبالاخص المناطق المتنازع عليها، وسيكون هناك التنافس الحاد بينهم، وكلها تنعكس لصالح الطائفيين على الساحة  في النهاية. وبقراءة ملامح ومضامين هذه القوى لا يمكن لاي منا ان يعول على التصويت العقلاني الملائم الصحيح الدقيق للشعب العراقي الا بنسبة قليلة جدا في هذه المرحلة، وما يحدد المستقبل القريب هو الصراع السياسي بين القوى فقط وما يصرف من ورائهم وثقلهم وقوة  دفعهم .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1265 الاربعاء 23/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم