أقلام حرة

وزارات فاسدة ووزراء جبناء

asad abdulahالفساد ليس إشاعة نطلقها، لغرض تسقيط وزير أو مسئول حكومي، أو هراء للحط من الساسة الشرفاء جدا، بل حقيقة أوجدتها الطبقة السياسية، وليس الشعب، فالطبقة السياسية هي المسئول الأول، عن الفساد الجاري في البلد، وهي من تدفع بالبلد إلى حافة التقسيم، وزارات فاسدة ووزراء فاسدون، اثروا مصالحهم الخاصة، على مستقبل بقاء البلد حياً، وهم يرفضون إن يخطئهم الناس، لأنهم يعتبرون أنفسهم دوما على حق، قد لبسوا ثوب العصمة، فيخيل لهم أن كل ما يفعلوه هو الصواب، بئس ما يحملون من فكر.

هنا سنعطي صورة عن أركان الفساد المستشري في وزاراتنا، وهي:

الأقارب : حيث يقوم السيد الوزير المحترم، بتعيين أقاربه في مكتبه، وبالقرب من المدراء العامين والوكلاء، بحيث يكون وجودهم بتماس مع مجريات الأمور، وهكذا يصبح أقارب الوزير شركاء في القرار، ومنهم تنطلق الصفقات، وتوقيع العقود الخفية بالباطن، ويتم التقرب للسيد الوزير عبرهم، والوزير يأتيه المقسوم عبر أدواته (الأقارب)، الذين زرعهم في الأماكن الحساسة للوزارة، والمدراء والوكلاء لا يعترضون، لأنهم تحولوا إلى جزء متمم للعبة، لعبة سرقة أموال العراق، تحت لافتة التوافق والديمقراطية والنزاهة.

البطانة: وتتألف من مجموعة من المتملقين، الخدومين جدا، على حساب العدل والأخلاق، مستعدون لفعل أي شيء، يسعد الوزير الهمام، يتصدون لأمور الأعلام والعلاقات العامة، بحيث يستند لهم الوزير في تزيين صورته أمام الشعب المسكين، ويستفيدوا بالمقابل، تعيينات، ايفادات، مكافئات، حوافز، مما يعني مرتزقة للسيد الوزير، مثل سنبل الجبان الخدوم لهويام! في مسلسل حريم السلطان، وما أكثر السنابل في وزاراتنا.

البعثيون: فئة ضالة مضلة، من بقايا النظام السابق، تربت في حضن القائد، ووصلت إلى مراكز حساسة في وزاراتنا، هم أساس الفساد، لأنهم يشكلون مافيا عميقة، كل وزير يأتي يستند عليهم، لأنه يخاف حربهم، وإلا أسقطوه، فمن النادر أن تجد وزراء شجعان، لذا يمدون البعثيون بكل دواعي الرفاهية والبقاء، وباستمرار سعادة البعثيون، تدوم سعادة السيد الوزير المجاهد، فقط الشعب من يخسر، لان وزارات البلد بيد الفاسدين والجبناء.

أساس الخلل يأتي في مجموعة علل، تمثل بمجموعها مرض مستعصي إلى أشعار بعيد، وهي

أولا: في قضية اختيار الوزراء، والتي تبتعد عن الكفاءة والخبرة والنزاهة، وتقترب من قضية القرب من القائد السياسي، ومدى رضاه عن الاسم المرشح، وقراءة لمن تم اختيارهم إلى ألان، نجد هنا مكمن الخلل، فلو يضع الكيان السياسيين لجنة مستقلة نزيه وكفاءة، هي من تختار مرشحها للوزارة، بعيد عن ضغط البطانة والعلاقات داخل الكيانات السياسية، لامكن أصلاح جزء من الخلل.

ثانيا: افتقاد العراق لجهاز رقابي فعال، يمكن أن يوقف السيد الوزير، لكن كل شيء يضيع مع تواجد نظام سياسي نفعي، ادخل الكيان الرقابي ضمن لعبته القذرة، فتحول النظام الرقابي إلى جهاز مشلول، يلاحق ويتصيد الموظفين الصغار فقط، تاركاً التماسيح النتنة من وزراء ومدراء ووكلاء، يستبيحون المال العراقي.

ثالثاً: دور لأحزاب والكتل، الغارق في السلبية، فيتمثل دورها في حماية وزيرها من سهام النقد، وتسخر الأبواق للدفاع عنه، وتعمل على حمايته من أي ملاحقه قانونية، لان المساس به يعتبر مساس بالكيان السياسي نفسه، مما يعني ضياع تام في حفر الفساد النتنة.

هكذا تكتمل الصورة البشعة، لما يجري في العراق، نظرة قريبة لأي وزارة، تجد انطباق لهذه السطور، اعتقد انه لا ينفع شيء ألان، لان النظام القائم هكذا أسس، لكن قد يأتي المستقبل بقائد سياسي، ليكون العطار الذي يصلح ما أفسده الدهر.

 

بقلم اسعد عبد الله عبد علي

في المثقف اليوم