أقلام حرة

المرجعية والمرجع

MM80هنالك منصب وهنالك من يشغل المنصب، فالمنصب ثابت وشاغله متغير، فالنبوة ثابتة والانبياء متغيرون كل حسب الرسالة التي كلف بها ليؤديها لقومه، وخاتم الانبياء محمد صلى الله عليه واله أي ان منصب النبوة انتهى بوفاة خاتم الانبياء، والامامة منصب ومن يشغله هو الامام بدا هذا المنصب بعد انتهاء النبوة، والجدل حول الامامة لم يستطع الغاء هذا المنصب الذي يعتبره الامامية احد اصول الدين الخمسة، والسفارة عن المهدي عليه السلام منصب والسفير هو من شغل هذا المنصب فالسفراء اربعة والسفارة واحدة ومع وفاة علي بن محمد السمري ليعلن انتهاء صلاحية المنصب.

والمرجعية منصب يرجع اليه الشيعة لمعرفة امور دينهم وهذا المنصب لم يات بمرسوم جمهوري او فرمان ملكي او انتخابات او انقلابات وما شابه ذلك، وليس له قصر رئاسي او منطقة خضراء او قبة برلمان، بل جاء بروحانية وعلمية جعلها ان تكون محط انظار العلماء والدارسين لتخرج المجتهدين ومن يحمل علم وتقوى وورع واستقامة وعدالة وقابلية عالية على الاستنباط من النصوص الشرعية يتربع على منصب المرجعية، وهكذا اينما يكون تجمع العلماء الاعلام ليدرسوا ويُدرّسوا يكون مكان المرجعية، وبسبب هذه الامتيازات نجد ان مرجعية الشيعة لها تاريخ حافل في نشر العلم والجهاد،ومن يقوم بذلك هم المراجع فكما يقال عن الائمة عليهم السلام تنوع ادوار ووحدة هدف فالمراجع هم هكذا كل له دوره حسب الظروف التي يعيشها ولا يوجد مرجع افضل من مرجع بل كلهم فضلاء .

المرجعية العليا التي عاصرناها الان والمتمثلة بمرجعية السيد علي السيستاني دام ظله، راينا المواقف الخالدة لها من اجل هذا البلد والذي سيبقى يذكرها عبر تاريخه، والمرجع هنا لو كان غيره لتصرف بمثل ما تصرف السيد، والمراجع الذين قبله كان لكل واحد منهم دوره الخالد في الحفاظ على كيان المرجعية التي تعتبر روح الشيعة، ونسال الله ان يطيل في عمر السيد السيستاني فلو رحل الى بارئه فهنالك من المراجع الذين يتزعمون المرجعية وفق الالية نفسها التي تزعم السيد السيستاني المرجعية هو ومن قبله من المراجع العظام.

ان ما يميز الشيعة دون سائر المذاهب ان مرجعيته ماخضعت ابدا لسلطة، وان لها القول الفصل فيما ينشده الشيعة في حال أي ازمة تعترضهم، بل الطاعة المطلقة لما يفت به المرجع ومثل هذه العلاقة بين المرجع والمقلدين جاءت مجسدة تجسيدا حيا بابطال الحشد الشعبي وليس هذا فقط فبين الحشد من هم كبار السن ومن هم مرضى، ومن هم الوحيدين لاهلهم، فهذا الالتزام بنداء المرجعية جعل العالم ينظر الى هذا المنصب، فالمحب يفتخر والحاقد يتامر.

اتذكر عند سقوط طاغية العراق ودخول المواطنين الى الشعبة الخامسة في الكاظمية اطلعني احد المواطنين على ملف للامن العام في نهاية الثمانينات معنون الى طاغية العراق يطلب فيه تفصيلا شاملا عن المرجعية في النجف وكيف بدات، وقد رايت بعض هوامشه أي الطاغية منها مثلا كتب بالخط الاحمر كيف انتقلت المرجعية من النجف الى الحلة ؟ وفي نهاية التقرير ذكر فاضل البراك التوقعات بمن ستكون له المرجعية فذكر ان الخوئي كبير السن وهو مريض واجله قريب، ومن بعده السبزواري لكثر الالتفاف حوله وهو اكبر سنا من الخوئي واجله قريب،وبدا يذكر من هو المرشح من بعدهما وذكر الغروي والسيستاني وحسين بحر العلوم، وطالب بوضع الخطط لاحتوائهم، فكان اغتيال الغروي والبروجردي والمحاولة الفاشلة لاغتيال السيد السيستاني .

فان المرجعية العليا للشيعة ومهما تعدد المراجع ستبقى هي الخيمة المحمية الهيا من شر الاعداء للشيعة في العالم.

وفي الوقت ذاته فان تعدد المجتهدين لا يعني عدم جواز تقليدهم بل ان لكل مجتهد مقلديه والكل منبعهم فقه اهل البيت عليهم السلام

 

في المثقف اليوم