أقلام حرة

أكذوبة عام 2015

jafar almuhajirمرت أيام وليالي عام 2015م وهي مثقلة بمآس كبرى مرت على البشرية بعد أن عربدت فيها قوى الجريمة والظلام والإرهاب الأعمى وسفكت أنهارا من دماء الأبرياء في منطقة الشرق الأوسط وفي أوربا ،وهجرت الملايين من ديارهم في العراق وسوريا واليمن،وهام الملايين على وجوههم في البراري والقفار، وآبتلعت البحار المئات منهم،وقامت الوحوش البشرية الداعشية عدوة الإنسانية الأولى باغتصاب وسبي الآلاف من النساء الإيزديات البريئات ،وتم عرضهن وبيعهن في سوق النخاسة، وأحرقت البشر وهم أحياء في الأقفاص الحديدية، وجندت الأطفال لينخرطوا في عمليات النحر البشري ، وهدمت وأحرقت صوامع ومعامل ومدن وآثار سياحية لاتقدر بثمن ، ونهبت ودمرت تراث البشرية.

كل هذه الجرائم إرتكبها إرهابيون سفاحون متوحشون مهووسون بسفك الدماء ، لايقيمون أي وزن للحياة البشرية التي كرمها الله وقدستها الأديان السماوية. وشاهد العالم قسما من هذه التراجيديا الرهيبة وما خفي كان أعظم. وهي جرائم إبادة جماعية بامتياز وفق بنود القوانين الدولية ويجب أن يتم القبض على مرتكبيها ويقدموا لمحاكمات دولية على غرار محاكمات لورمبيرغ التي حدثت لمجرمي الحرب النازيين عام 1945م . لكن ظلت تلك الجرائم رغم فضاعتها وبربريتها وهمجيتها تُقابل بتعتيم تام من محطات فضائية تابعة لملوك وسلاطين وأمراء البترول الذين أعمت الطائفية قلوبهم ونفوسهم وعيونهم، وظلت محطاتهم التي تتكاثر كالأميبا يوما بعد يوم بأموال شعوبها لتصب في خدمة الحاكم وأهدافه تخوض في مستنقع ضلالها وكذبها وهي تحاول أن تجعل من هذه الوحوش البشرية (ثوارا مناضلين من أجل الحرية ) وتطلق عليهم إسم (تنظيم الدولة الإسلامية)تحديا منها لكل القيم الإنسانية والأخلاقية وعلى رأسها الإسلام البريئ من هذه الجرائم ومرتكبيها الأوباش . ولولا الدعم المالي واللوجستي الذي تحصل عليه هذه العصابات الإرهابية الدموية من دول بترولية غنية لما استطاعت القيام بكل هذه الجرائم الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية خجلا.

وقبل أن ينتهي عام الجرائم الكبرى بأيام أبى ذلك الجنرال المراهق المدعو محمد بن سلمان إبن العقيدة الوهابية الضالة التي خرج الإرهاب من معطفها الملوث والذي يقود اليوم مملكة آل سعود الظلامية الداعشية إلا أن يسوِق فيه كذبة فاقت على كل أكاذيب وسائل إعلامه خلال عام 2015 الذي شارفت أيامه على النهاية. حيث وقف وحوله بعض جلاوزة النظام وخطب خطبة داعشية ليعلن للعالم إن الأيدلوجية الوهابية في مملكة القهروالشر أنتجت مولودا مشوها بقوة الدولار النفطي يدعى ( التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب !!!.) و(يضم 34 دولة بقيادتها. وسيتم فى مدينة الرياض تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود. وأفادت قناة العربية التابعة لمملكة آل سعود (أن التحالف تم تشكيله خلال 72 ساعة ، وسيتم وضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول (الصديقة) و (المحبة للسلام ) و(الجهات الدولية) في (سبيل خدمة المجهود الدولى لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين) ونشرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أسماء الدول المشاركة فى التحالف إلى جانب المملكة وهى (جمهورية مصر العربية ، المملكة الأردنية الهاشمية، دولة الإمارات العربية المتحدة، جمهورية باكستان الإسلامية، مملكة البحرين، جمهورية بنغلاديش الشعبية، جمهورية بنين، الجمهورية التركية، جمهورية تشاد، جمهورية توغو، الجمهورية التونسية، جمهورية جيبوتى، جمهورية السنغال، جمهورية السودان، جمهورية سيراليون، جمهورية الصومال، جمهورية الجابون، جمهورية غينيا، دولة فلسطين، جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية، دولة قطر، كوت دى فوار، دولة الكويت، الجمهورية اللبنانية، دولة ليبيا، جمهورية المالديف، جمهورية مالى، مملكة اتحاد ماليزيا، المملكة المغربية، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، جمهورية النيجر، جمهورية نيجيريا ألاتحادية ،الجمهورية اليمنية.) وأرفقت مع أسماء هذه الدول بيانا عن وجوب محاربة الإرهاب لأنه (يشكل انتهاكاً خطيراً لكرامة الإنسان وحقوقه، لا سيما الحق في الحياة والحق في الأمن ويعرض مصالح الدول والمجتمعات للخطر ويهدد استقرارها،لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى وأداءً لواجب حماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة أيا كان مذهبها وتسميتها والتي تعيث في الأرض قتلاً وفساداً، وتهدف إلى ترويع الآمنين.!!!) واستثنى البيان البائس الذي تفوح منه رائحة طائفية مقيتة الدول التي هي في حرب حقيقية ضروس لاهوادة فيها ضد الإرهاب كالعراق وسوريا والجزائر وإيران وأفغانستان. وعلى حين غرة انقلبت المحطات الداعشية التي تسترت على كل جرائم داعش وأخواتها على نفسها وباركت بحرارة منقطعة النظير هذا المولود الخديج واعتبرته فتحا منقطع النظيرفي (محاربة الإرهاب ويحظى بقبول دول العالم .!!!) وسبحان مغير الأحوال. وهنيئا للعالم الذي تدافع عنه وسائل إعلام آل سعود الظلاميين وأشباههم من الورثة .

وقد تساءل الكثير من المراقبين السياسيين كيف تم تسويق هذه الأكذوبة وبهذه السرعة المذهلة ؟ وكيف يحق لمملكة جنرالات الحرب الجدد الذين تربوا في حضن الإرهاب وخرجت مدارسهم وجامعاتهم الوهابية عشرات الآلاف من الإرهابيين القتلة وآنتشروا كالسرطان في الأرض وقتلوا وذبحوا ودمروا وأحرقوا وعاثوا فسادا في بلدان إسلامية وغير إسلامية أن يؤسسوا حلفا بعد حلف (عاصفة الحزم) لمحاربة أفكارهم الجهنمية التي تبنتها مناهجهم ومساجدهم ومدارسهم ،وخرجت من عقر دارهم بشهادة معظم الخبراء في العالم.؟ وكيف يحق لنظام ملكي مهووس بقتل النساء والأطفال في اليمن وسوريا والعراق ويعتبر آكلي الأكباد والقلوب بأنهم (ثوار) أن يترأس تحالفا إسلاميا ضد الإرهاب ؟ولماذا تشن وسائل إعلامه هجوما ضاريا على المحاربين الحقيقيين للإرهاب وهم روسيا وإيران والعراق وسوريا .؟ ولماذا باركته الولايات المتحدة ونظام أردوغان العثماني الإخواني الذي فتح حدود تركيا على مصاريعها لدخول عشرات الآلاف من الإرهابيين إلى سوريا والعراق. وهو المتورط الأول في شراء البترول الذي تسرقه داعش من حقول العراق وسوريا ؟وهل باستطاعة نظام ملكي وراثي ظلامي مغلق يحط من قدر المرأة أن يكون محاربا للإرهاب.؟ وما الغاية من توقيته والعالم ينتظر من مؤتمر جنيف أن يحقن دماء السوريين ويضع حدا لمأساتهم الكبرى.؟وهل يعقل إن تحالفا يتم بين دول هامشية الكثير منها لم تحارب الإرهاب يوما عن طريق الهاتف.؟ حقا إنها أكذوبة لايصدقها عاقل في هذا العالم.

والحقيقة المرة تقول إن هذا التحالف هو تكتل طائفي بغيض يقوم به آل سعود بقوة الدولار ليصنع مظلة شرعية للإرهاب بطرق ملتوية من خلال شن حروب طائفية جديدة تدور في أذهان ظلامية لايهمها إلا تحقيق أهدافها الجهنمية . وهي تحاول خداع المواطن العربي أولا والغربي ثانيا. ويمهد لمغامرات عسكرية نواتها مجموعات من المرتزقة تجمعهم من بلدان فقيرة تلهث وراء الدولارللتدخل في دول عربية تحارب الإرهاب وعلى رأسها سوريا والعراق.وما تسويق أحرار الشام وجيش الإسلام الإرهابيتين بأنهما جهتان تسعيان لنشر(الديمقراطية) في سوريا إلا تمهيد لتسوق جبهة النصرة معهما في مرحلة لاحقة.

والمولود المشوه هو رد على الدور الروسي الذي قصم ظهر الإرهاب في سوريا ، وتلميع لوجه هذه المملكة القبيح بعد أحداث باريس وصدور تقرير المخابرات الألمانية الذي كشف عن الكثير من مساوئ نظام الحكم السعودي وخطره على جيرانه . فالنظام السعودي الذي أنتج الإرهاب لأكثر من مئة عام لايمكن أن يكون محاربا لأطفاله الذين رضعوا من حليبه الفاسد، وتربوا في حضنه. وهو يحاول أن يجمع تكتلا ليكون له غطاء شرعيا في شن حروب طائفية جديدة في المنطقة تساعد على تقوية شوكة الإرهاب في المنطقه. والذي يحز في قلب كل مواطن مسلم غير ملوث بمرض الطائفية إن مؤسسة عريقة كالأزهر تنساق وراء هذه الأكذوبة .      

إن النظام السعودي يعتقد بولادة هذا التحالف إنه سيضرب عصفورين بحجر . أولهما تلميع تأريخه الإرهابي البشع. ويجعل من هذا التحالف الهزيل الذي أعلنت العديد من الدول المشتركة فيه إنها لاعلم لها بذلك مظلة لتحقيق أهدافه الحربية الدموية التي تدعم وتشجع الإرهاب في سوريا والعراق . فمحرقة العصر التي أشعلها النظام السعودي في اليمن ويسعى لإشعال مثيلا لها في مناطق أخرى ليقول عن نفسه إنه أعاد الكرامة للأمة العربية. ويمكننا اعتبار هذه الأكذوبة التي أطلقها الجنرال الطائفي المراهق محمد بن سلمان هي أكذوبة عام 2015 وإن غدا لناظره قريب.

 

جعفر المهاجر.

27/12/2015م

 

في المثقف اليوم