أقلام حرة

إعدام الشيخ الشهيد النمر لن يمر بسلام على حكام الجريمة والغدر والظلام

jafar almuhajirأقدم النظام الظلامي الطائفي السعودي على جريمة وحشية كبرى هزت ضمائر الشرفاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم وهي إعدام الشيخ المجاهد نمر باقر النمر صاحب كلمة الحق الجريئة الهادرة التي أرعبت طغاة العصر الظلاميين. وههي جثته الطاهرة ترعبهم وتقض مضاجعهم بعدم تسليمها إلى أهله وذويه تجاوزا على كل القيم الأخلاقية والإنسانية.

إن هذا المفكر والعالم الجليل الذي كرس حياته الشريفة الطاهرة للمطالبة بحقوق الإنسان المهدورة في هذه المملكة الظلامية القمعية ألمغلقة. وطالب بكل عنفوان وشموخ إطلاق حرية الفكر والرأي فيها، ورفض الظلم الذي سارت عليه طغمة آل سعود طيلة أكثر من قرن من الزمن قد قتل شهيدا مظلوما وحسبه أن الله سيحشره مع الصديقين والنبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقا .

لقد أصدرت وزارة داخلية آل سعود بياناً طويلا مهزوزا يعج بالأكاذيب والمغالطات مسخرة الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة لتبرير هذه الجريمة الكبرى. وللتقليل من مكانة الشهيد النمر العالية ومحبته في قلوب الملايين، وخلط الأوراق ، وإخفاء التوجهات الطائفية الحاقدة حشرت إسمه مع مجموعة قامت بتفجيرات داخل مملكتهم ، وقالت إن حكم الإعدام الذي نفذ صباح السبت في 12 منطقة، طال (47 إرهابياً) و(محرضاً)، بينهم فارس الشويل ونمر النمر ووضعت أسمه الشريف في آخر القائمة.    

وآتهمت جميع المعدومين بأنهم من أتباع (المنهج التكفيري المشتمل على عقائد الخوارج المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ونشره بأساليب مضللة، والترويج له بوسائل متنوعة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية.)

لقد غرقت العائلة الوهابية الحاكمة في أوحال وأوضار حقدها ولؤمها وعمايتها وغيها وجاهليتها بارتكابها هذه الجريمة النكراء من خلال محكمة صورية سموهم (قضاة) وما هم إلا من خريجي المدرسة الضلالية الوهابية المشبعة بروح الحقد والإنتقام .

إن النظام الإرهابي الدموي الداعشي المتسلط على رقاب المسلمين في أرض نجد والحجاز بالقهر والبطش وقطع الرقاب. هذا النظام العائلي الوراثي الباغي حاول بكل مايملك من خبث ودناءة خلط الأوراق، وذر الرماد في العيون لتبرير هذه الجريمة بأن يدافع عن (حقوق الأمة) ويوفر (الأمن والأمان للمسلمين في مملكته) بعد أن مد الإرهابيين القتلة بكل وسائل القتل والدمار لقتل مئات الآلاف من البشرفي سوريا واليمن والعراق ويريد أن يسوق جريمته الشنعاء لأسياده الأمريكان والغربيين بأنه يحارب الإرهاب ويصور للعالم إن مملكة العائلة الباغية قوية الأركان، مرهوبة الجانب، وساهرة على أرواح المواطنين، وهي لاتتوانى عن قطع رقبة كل من يحتج عليها ، ويرفض جرائمها. وختمت وزارة الداخلية السعودية البيان الطويل العريض بالآية الكريمة :

(وَسَيعلَمُ الّذيِنَ ظَلمُوا أَي مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون .) وهذا هو نفس منطق من قتل الحسين قرة عين رسول الله ص وذريته يوم العاشر من محرم سنه 61هجرية وكل قوى الباطل والضلال والظلم على مر الزمن.

إن الشهيد المناضل النمر لم يدع يوما إلى العنف، ولا إلى دولة دينية ، ولم يؤذ إنسانا ، لكنه كان صوتا مدويا للحق والعدالة والدعوة إلى الإصلاح، وطالب بأن تكون المملكة لمختلف المذاهب، وأن يحصل كل مواطن في المملكة على حقوقه دون تمييز. ومنهم مليوني إنسان يسكنون في المنطقة الشرقية التي تطفو على بحر هائل من البترول وهم ليسوا إلا أرقاما ميتة في هذه المملكة القارونية.ولايتمتعون بأدنى حقوق المواطنة. وطالما إتهمتهم مشايخ هذه المملكة ووعاظها بأنهم (كفار خارجون عن الملة يجب مقاطعتهم إقتصاديا وآجتماعيا. ويجب أن يحرموا من الوظائف العامة) وهو أمر شجعت عليه سلطة مملكتهم عبر الأعوام وإلى يومنا هذا. وهذه هي (جريمته) التي أدت إلى قتله في نظر قادة مملكة الإستبداد ولا غرابة أن ترفع منظمات حقوق الإنسان أصواتها ضد جريمة إعدامه ظلما وعدوانا في مملكة صنعت ليلا مدلهما ، ولا تعترف بأدنى الحقوق الإنسانية ، وقد بات العالم يدرك إن كل من يحاول إشعال بصيص ضوء في هذا الظلام الدامس يكون مصيره القتل وفق شريعة حكام آل سعود الذين يدعون بأنهم يطبقون الشريعة الإسلامية ،وهم لايطيقون كلمة حق صغيرة في ليل باطلهم وبحر عتوهم وفسادهم ويعتبرون ذلك (خروجا على ولي الأمر) في مملكة ليس فيها دستور ولا مجلس نواب ولا معارضة. ويصورون لأتباعهم إن القرآن ونبي الإسلام معهم في كل جرائمهم الوحشية المنافية لكل قوانين الأرض والسماء. ويدعون تارة أخرى إنهم من دعاة الديمقراطية. ويسعون لنشرها في دول ( تهمش السنة وتقتلهم) لكنهم في حقيقتهم حكام مجرمون طائفيون حتى النخاع ويبغون بجرائمهم إشعال نار طائفية لاتبقي ولا تذر في المنطقة.

إن إعدام الشيخ الشهيد باقر النمر لايختلف في مضمونه عن إعدام المفكر محمد باقر الصدر على يد النظام الصدامي الدموي الذي ذهب إلى الجحيم ، وإن آل سعود بجريمتهم هذه لم ولم ينعموا بالسعادة والحبور والأمان بعد اليوم على ماآرتكبته وترتكبه أياديهم الآثمة مهما اتبعوا من أساليب البطش، وشراء الضمائر الفاسدة بقوة المال. وقد أثبت الواقع إن الأفعى الداعشية تملك رأسين رأس يمثله أبو بكر البغدادي والرأس الآخر يمثله ملك آل سعود الجديد سلمان.وكلا الرأسين يسخران آيات القرآن والأحاديث النبوية لتبرير مايرتكبانه من جرائم شنيعة بحق الإنسانية.  

ولا يمكن لأي إنسان في هذا العالم يحترم حقوق أخيه الإنسان أن يبقى صامتا إزاء هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها وترتكبها هذه الأفعى الداعشية.

لقد دخل الشهيد المناضل نمر باقر النمر التأريخ من أوسع أبوابه، وسيبقى أسمه لامعا في ذاكرة الأحرار والشرفاء بنيله هذه الشهادة المباركة على أيدي جلاوزة آل سعود القتلة أعداء حقوق الإنسان وأعداء الله والإنسانية جمعاء. لأن الشهيد النمر كان المثال الحي في الإحتجاج على الظلم والظالمين الذين اعتبروا التربع على كراسي الحكم حقا شرعيا لهم. ولهم الحق في إرتكاب أبشع الجرائم وأكثرها إنحطاطا دون أن يحاسبهم قانون حقيقي. وقد آن الأوان لتقديمهم إلى محاكم دولية لسجلهم الإجرامي الطويل الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان منذ أن أوجدوا مملكتهم بالقوة والبطش على جماجم البشر ودعمتها قوى الاستكبار العالمي لمصالح إقتصادية بحتة. وهاهم يرتكبون أبشع الجرائم في اليمن وسوريا والعراق مقابل صمت رهيب .

لقد إشترى النظام السعودي أسلحة تقدر ب60 مليار دولار خلال السنتين الأخيرتين ولم يستطع باستعمال هذه الأسلحة المدمرة منذ أكثر من عشرة أشهر من القصف الجوي الهمجي كسر شوكة شعب اليمن الفقير. وصار فشله في سوريا واضحا كوضوح الشمس في رابعة النهار. وبجريمته الوحشية التي أقدم عليها بإعدام الشيخ الشهيد النمر هو هروب إلى الأمام ، وتخبط ليس له مثيل يعصف برؤوس حكام آل سعود الذين لم يحسبوا أبدا حساب أفعالهم الهوجاء بعد أن ركبوا رؤوسهم ، وسيطرت على عقولهم المريضة المتغطرسة عناصر القوة الفارغة . وما دروا إنهم بسياساتهم التصعيدية المتهورة هذه ينتقلون من حفرة إلى حفرة أوسع وأعمق. وإن قتل الشهيد النمر التي وصفها وعاظ هذا النظام الجاهلي بأنه (رحمة للعباد) سيتحول إلى نقمة تطيح بهذه الرؤوس العفنة التي تتبجح بـ (القوة والإقتدار) على الطريقة الصدامية. وإن مطالبة النظام السعودي العالم   (أن يحتفل معه) في جرائمه أمر يدعو إلى الرثاء لما وصلوا إليه من إهانة واستخفاف شديدين بالرأي العام العالمي، وبالكرامة الإنسانية.  

لقد أدت جريمة إعدام الشهيد النمرإلى احتجاجات واسعة في العالم وقد اتهمت منظمة "العفو الدولية" السعودية بـ (تصفية حسابات سياسية تحت غطاء مكافحة الإرهاب) فيما أدانت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تنفيذ حكم الإعدام بحق الشهيد النمر.واعتبر مدير منظمة "العفو الدولية" في الشرق الأوسط فيليب لوثر (أن السعودية تصفي حسابات سياسية)

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن "قلقه البالغ" بعد إعدام الشهيد النمر. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان (إن الحالة الخاصة للشيخ نمر النمر تثير قلقا بالغا حيال حرية التعبير واحترام الحقوق المدنية والسياسية الأساسية والتي ينبغي أن تصان في كل الحالات، بما في ذلك إطار مكافحة الإرهاب. وأن من شأن هذه الحالة أن تزيد من إشعال التوتر الطائفي الذي يوقع أصلا أضرارا كبيرة في المنطقة).

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (إنه شعربفزع شديد   بسبب إعدام رجل دين شيعي بارز و46 شخصا آخرين في السعودية ودعا إلى الهدوء وضبط النفس).

وقال متحدث باسم بان في بيان (إن الشيخ النمر وعددا من السجناء الآخرين الذين أُعدموا أدينوا بعد محاكمات أثارت قلقا عميقا بشأن طبيعة الاتهامات ونزاهة العملية.)

و قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" (إن الحكم بالإعدام على رجل الدين الشيعي البارز الشيخ نمر النمر من قبل محكمة سعودية أمس يقوم على "اتهامات غامضة مبنية على انتقادات سلمية وجهها للمسؤولين في السعودية.)

وكتبت صحيفة صانداي تايمز البريطانية مقالا تحت صورة ملك السعودية الجديد بعنوان:

(هل سيدمر هذا الملك بيت آل سعود )؟

هذا غيض من فيض لهذه الإحتجاجات العالمية .ولم يبق لي إلا أن أقول في نهاية مقالي:

إن هذه الجريمة النكراء التي ارتكبها النظام السعودي الظلامي تدل دلالة واضحة على رعبه من الكلمة الصادقة ، وعن هزاله وتهافته وشعوره بالنقص والهزيمة وإن العد العكسي بدأ لكي يسقط في مزبلة التأريخ.ولم يعد في جعبته الخاوية شيئ سوى بث روح الحقد والطائفية والكراهية في منطقة الشرق الأوسط معتقدا إن هذا البوق الصدئ سيطيل من عمره . لكن حسابات الطغاة تكون دائما مغلوطة على مر التأريخ. وجريمة إعدام الشيخ الشهيد نمر باقر النمر لن تمر بسلام على حكام الجريمة والغدر والظلام.

بسم الله الرحمن الرحيم:

وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.

 

جعفر المهاجر.

في المثقف اليوم