أقلام حرة

ماذا بقي في جعبة أردوغان لدعم الإرهاب؟

jafar almuhajirمنذ بداية الهجمة الإرهابية العالمية الدموية على الشعب السوري كان لنظام اردوغان العدواني قصب السبق في إشعال هذه الحرب وبقائها مستمرة لتأكل الأخضر واليابس وتهلك الحرث والنسل. وكانت كل مبرراته بـ(أنه يسعى لإنقاذ الشعب السوري من نظام بشار الأسد الدكتاتوري.) ولابد من إسقاطه بأي شكل من الأشكال ولو بأحط الوسائل الدموية وهذا مايشهده عالمنا اليوم.

وظلت تهديدات ومخططات أردوغان العدوانية تتوالى لتحقيق أهدافه الطائفية المعلنة وغير المعلنة. مرة بإيجاد منطقة عازلة داخل الوطن السوري. ومرة أخرى بتوجيه حفنة من الخونة الذين باعوا شرفهم بثمن بخس إلى هذا السلطان العثماني بعد أن منحهم الشرعية وآعتبرهم هو وحلفائه آل سعود وآل ثاني بأنهم (قادة الشعب السوري) و(أبطال الديمقراطية المنتظرة) وهم في الحقيقة لايمثلون إلا أنفسهم بعد أن أغرتهم أمريكا والغرب والدول السائرة في فلكهما بأنهم سيقتسمون الكعكة السورية الغارقة في الدم وتكون لهم مناصب هامة في الحكومة القادمة التي تعقب إسقاط بشار الأسد.ويراهم العالم كيف يتنقلون من فندق إلى فندق في الرياض وإستانبول ولندن وباريس، ويطلون برؤوسهم من فضائيات العهر الطائفي ليعطوا دروسا في الديمقراطية للعالم، ولا تعدو أن تكون أحلامهم الخيانية هذه أفضل من أحلام العصافير. ومن خلال هؤلاء العملاء الذين لايعترف بهم الشعب السوري ولا حتى الجماعات الإرهابية الدموية التي أحرقت وقتلت ودمرت ونهبت وعاثت فسادا في كل مكان تحل به بعد أن أخذت مخابرات السلطان العثماني على عاتقها السماح بتدفق عشرات الآلاف من الإرهابيين بصورة علنية وسرية إلى الأرض السورية وفتحت مراكز للتدريب داخل الأراضي التركية، وتشكلت من خلالها عشرات الجيوش التي تحمل فكرا دمويا انتقاميا، وتصارعت فيما بينها على مناطق النفوذ لتقسيمها إلى إمارات طائفية تستعمل كل المحرمات على الأرض. ومن خلال هذه الفوضى والتواطؤ الأمريكي والغربي والإسرائيلي تُقتطع حلب ويضمها أردوغان إلى تركيا العثمانية تحت صيحات وهتاف غلاة العنصريين الأتراك لسلطانهم الأوحد الساعي إلى إعادة المجد العثماني إلى الوجود تحت صمت النظام العربي المتهافت الذي ماتت في داخله المتهرئ كل النوازع الأخلاقية الوطنية والغيرة القومية على الأرض العربية.ولم تعد الجامعة العربية غير جثة هامدة .

فتركيا التي اغتصبت لواء الإسكندرون بتواطئ من الإستعمار الفرنسي عام 1939م باتت شخصية أردوغان السلطان العثماني الجديد مهيأة لنهب المزيد من الأرض العربية ليضمها إلى إمبراطوريته العثمانية التي يحلم ببعثها من جديد. هذا الطاغية المتهور الذي وصل إلى أقصى حالات الغرور والعنجهية بعد فوزه الأخير في الإنتخابات التي دارت حولها الكثيرمن علامات الإستفهام والتي جاءت عن طريق التهديد والوعيد والإعتقالات في صفوف كوادر الأحزاب المعارضة والصحفيين المستقلين والدعاية الحكومية الواسعة التي حصل عليها من حزبه السلطوي، وتدبير العمليات الإرهابية ضد خصومه .

وفي ظل جنون العظمة التي سيطرت على عقل أردوغان والظروف التي تمر بها ألمنطقة يعتقد إن الطريق صار ممهدا لتحقيق حلمه القديم الجديد بضم محافظة حلب إلى تركيا العثمانية في ظل تقسيم جديد للوطن السوري حال سقوط النظام/ ومن ثم إبتلاع الموصل بعد غزوه للأراضي العراقية وتوغله بعمق 110كم بذرائع واهية ليست فيها ذرة من الحقيقة ليكون شرطي المنطقة بلا منازع وهو ما تمهد له أمريكا والغرب والكيان الصهيوني والأنظمة العميلة في المنطقة لتكون الواجهة التي تتم عن طريقها هذه الصفقات الخيانية.وكل الأحداث المستمرة منذ خمس سنوات تثبت وبصورة لايرقى إليها الشك إن أردوغان وآل سعود وآل ثاني يبذلون كل أنواع الدعم المالي والعسكري واللوجستي للإرهابيين لإبقاء هذه الحرب مشتعلة الأوار إلى أن تتحقق أهدافهم الخبيثة المناوئة لطموحات الشعوب العربية في التحرر من كل وصاية وهيمنة أجنبية. ولولا هذا الدعم الكبير من حكام هذه الدول لقوى الإرهاب المتجهة إلى سوريا والعراق لما استمرت داعش وبهذه الهجمات الإنتحارية المستمرة التي ليست لها حدود.

إن كل إنسان يتابع الأحداث التي رافقت هذه الحرب القذرة على الشعب السوري والعراقي يدرك مدى تورط أردوغان والأنظمة العميلة في المنطقة في دعم الإرهاب وتقويته. وقد أكدت هذا الأمر مئات التقارير والشواهد على الأرض العراقية والسورية بدءاً من تحرير الدبلوماسيين الأتراك، ومن ثم نقل ضريح سليمان شاه وما رافقها من عرض القوة وتحت حماية الدواعش،وإعلان أردوغان الحرب على الشعب الكردي وطلائعه الثورية لفسح المجال لقوى الإرهاب كي تتمدد أكثر في تل أبيض وكوباني وصولاً إلى شراء النفط السوري من داعش عن طريق شركات لها إرتباط بأسرة اردوغان والذي لم يعد سرا بعد اليوم.

وحين شعرت روسيا بعدم جدية أمريكا والغرب والعملاء في المنطقة العربية للقضاء على الإرهاب وتواطؤ أردوغان معه ووضعهم شرط إسقاط الرئيس الأسد قبل أي اتفاق تحركت لوأد هذا المشروع الإستعماري المشبوه إنطلاقا من مصالحها الإستراتيجية التي باتت مهددة وبدأت حربها الفعلية ضد الإرهاب فثارت ثائرة أردوغان وملوك البترول، وحركوا وعاظهم، وادعوا كذبا وزورا بـ (إن الروس شنوا الحرب على الإسلام) باستهدافهم (المعارضة المعتدلة) وهي كذبة من أكاذيب إعلام الحكام الطائفيين في المنطقة. وحين قصفت الطائرات الحربية الروسية أكثرمن ألف شاحنة بترول لداعش بين العراق وسوريا أصيب اردوغان بالهلع وتقدمت حكومته بشكوى إلى مجلس الأمن وطلبت عقد إجتماع له بحجة إن روسيا تضرب (المعارضة المعتدلة) ، وتسارعت الأحداث وزار الرئيس الروسي بوتين إيران وأعلنت الدولتان عن تعاون وثيق في جميع المجالات العلمية والإقتصادية ، وتشكيل جبهة قوية ضد الإرهاب فتصاعد حقد أردوغان إلى أبعد حد، وأضمر في نفسه الخبيثة التي درجت على الغدر والعدوان أن يقوم بعملية مبيتة ضد روسيا فكان إسقاط الطائرة الحربية الروسية سوخوي 24 داخل الأراضي السورية بكمين جوي قامت به طائرتان تركيتان من طراز ف16 . والحجة الواهية التي أطلقها أردوغان عقب الحادث هي (إنقاذ أشقائه في جبل التركمان.!!!) وهي دعوة غير مسبوقة في العلاقات الدولية ولو سارت عليها الدول لحدثت آلاف الحروب التي لاتنتهي بينها.

إن جادث إسقاط الطائرة الروسية كان دليلا جديدا على التعاون الوثيق بين داعش وسلطة أردوغان وهي عملية عدوانية لصوصية في الجو لاتختلف في بشاعتها وأهدافها عن اليد التي وضعت القنبلة في الطائرة المدنية الروسية وأدت إلى إسقاطها وقتل 228 إنسانا بريئا بضمنهم الكثير من النساء والأطفال. ولا تختلف في بشاعتها وإجرامها عن أيدي المجرمين الإرهابيين الذين أطلقوا النار على الطيار الروسي الذي هبط بالمظلة فقتلوه قبل أن يهبط وحال سقوطه على الأرض وجهوا طعنات إلى جثته تحت صيحات الله أكبر وهذا هو ديدنهم فهنيئا لهم بهذه (المعارضة المعتدلة) التي يتغنون بجرائمها. إنها نفس الأيدي وإن اختلفت الأسماء سواء ارتكبت جرائمها في الجو أو في الأرض . وتباهى أردوغان بالعملية حال حدوثها واعتبرتها وسائل إعلامه (ضربة معلم من قائد محنك إنطلقت من حق قواعد الإشتباك الجوي) واعتقد اردوغان واهما إنه ضرب عدة عصافير بحجر واحد لكنه فشل فشلا ذريعا في عمليته الجديدة هذه ، وآرتد عدوانه عليه بعد أن وصفها الرئيس الروسي (طعنة في الظهر من أعوان الإرهاب ولا يمكن أن تمر دون عقاب) وبعد أن ألغى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارته لتركيا واتخذت روسيا عدة إجراآت عقابية في مجال السياحة والغاز وقررت نشر منظومة صواريخ أس 400 وتكثيف قصف الطائرات الروسية لجبل التركمان، بعد أن جلب أردوغان عداوة الشعب الروسي وغيرها من الانعكاسات السيئة التي سببها للشعب التركي نتيجة لهذا العمل .فروسيا الدولة العظمى التي جرحها اردوغان في كبريائها والتي يقودها الرئيس بوتين المعروف بحنكته وصرامته ليست كسائر الدول التي تبتلع العدوان بسهولة. وحين سارع إلى حلف الأطلسي مستخدما نظرية (ضربني وبكى وسبقني وآشتكى) كان يتوقع إنه سيلقى التأييد المطلق منه لمواجهة روسيا لكنه خاب فأله أيضا بعدم جر حلف الأطلسي إلى الهدف الذي كان يرجوه منه بعد أن رجح عدد من أعضاء الناتو أن تكون القاذفة الروسية "سو-24" قد تم استهدافها فوق الأراضي السورية وصرح نائب سابق في هيئة أركان القوات الجوية ألأمريكية إن القاذفة الروسية لم تهاجم الأراضي التركية واستهدافها (خطأ غاية في الخطورة) وصرح نائب رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي قائلا:

(إن تركيا بإسقاطها القاذفة الروسية، دخلت الحرب إلى جانب تنظيم "الدولة الإسلامية".)

وقال وزير الخارجية الألماني: (إن الحادثة التي تعرضت لها القاذفة الروسية ستكبح عملية التسوية في سوريا.)

ومن خلال هذه التصريحات تلقى أردوغان صفعات أخرى   على وجهه من حلفائه لم تكن في حسبانه أبدا. وصارت المنطقة العازلة التي كان يحلم بإيجادها في الأراضي السورية في خبر كان بعد أن الغى الرئيس بوتين كل الخطوط الحمراء أمام الطيران الحربي الروسي. وكشف الطيار الذي أنقذته مجموعة كوماندوز من الجيش السوري بعملية بطولية كل أكاذيبه بأن الطيارين الأتراك حذروا الطيار الروسي لعشر مرات وسقطت بذلك كل حسابات أردوغان وأوهامه نتيجة عدوانه.. وستتسع نيران إسقاط هذه الطائرة في الأراضي السورية لتحرق كل أحلام أردوغان التوسعية وعملاء الإستعمار الأمريكي والصهيونية في المنطقه.ولا يمكن أبدا للأرض السورية التي أنجبت هؤلاء الرجال الشجعان الذين أنقذوا الطيار الروسي من خلف خطوط الإرهابيين أن تقبل من نظام ظلامي يفرخ الإرهاب منذ أكثر من قرن ويستعمل السيوف والسياط مع شعبه ليكون وصيا عليه. وحري بعادل الجبير وأمثاله من دمى الإستعمار والصهيونية أن يغطي عورة نظامه الغارق في وحل اليمن قبل قبل نشر( الديمقراطية) في سوريا بقوة السلاح الأمريكي والفرنسي والبريطاني الذي يتباهى به. والشعب السوري هو الذي سيقرر في خاتمة المطاف من سيحكمه. وستسقط كل حسابات من يفكر بتأسيس نظام طائفي في سوريا ستبوء بالفشل. وكل الأساليب والسياسات المفضوحة لنظام أردوغان وأشباهه الذين يدعمون التنظيمات الإرهابية التكفيرية التي تسفك الدم السوري ودماء الأبرياء في أنحاء العالم قد باتت مكشوفة تماما. لقد ابتلع أردوغان سلسلة الإخفاقات ففكر بغزو الأراضي العراقية تحت أعذار واهية. وسيفشل العراقيون الأبطال مخططاته العدوانية رأسا على عقب. فهل توجد في جعبة هذا السلطان العثماني ومن هم على شاكلته خططا أخرى لدعم الإرهاب حتى ينطبق عليهم المثل القائل (سعيت إلى حتفي بظلفي)؟؟

ولات حين مناص.

 

جعفر المهاجر.

في المثقف اليوم