تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

ماذا يريد الرئيس وماذا يريد المواطن الجزائري؟

eljya ayshتمثلت سياسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ قدومه إلى الجزائر في تطبيق سياسة تختلف عما سبقوه في الحكم، وإلقاء خطابات مغايرة، ولا يعني هذا أن الرئيس بوتفليقة فهم عقلية الجزائريين، ويعرف أيُّ المُسَكِّنِ الذي يمكن أن يقدمه لهم، وهذا حتى لا يكون لهم الحق في المطالبة باستعادة هيبة الدولة وسيادة القانون وفرض الرقابة على المؤسسات، بما فيها المؤسسات ذات السيادة، لأن الثقة بين الحاكم والمحكوم ليست خطابات أو تعديلات حكومية

الكثير من المسائل التي لا تدخل في دائرة اهتمام المواطن البسيط الذي لم يصل إلى مستوى القدرة الشرائية وتوفير ثمن الخبز والحليب لأسرته، وينتظر قدوم العيد ليداعب لسانه قطعة اللحم الذي يتصدق عليه من قبل المحسنين، أو ذلك المواطن الذي يقضي يومه بين المكاتب للحصول على وثيقة إدارية، وذلك الذي ينتظر قدوم الشهر لتسلم راتبه الزهيد يسدد به فاتورة الماء والغاز والكراء، ثم يعود إلى الدّين من جديد، ليس الجهل أو الغباء الذي جعل هذه الفئة معزولة عما يحدث فوق، بل الفقر والحاجة جعلها لا تتابع الأحداث والمطالبة بحقها في مناقشة الملفات الثقيلة، مثل ميزانية الدولة، والتعديلات الحكومية، وكل ما يتخذ من قرارات لتعيين وإبعاد شخصية من الشخصيات التي لها وزن ثقيل في الدولة، ومثل هذه الإجراءات هي فرصة للانتهازيين وتجار الوطن لخلق مشاكل وهمية يشغلون بها المواطن البسيط، مثلما يروج حاليا حول ندرة السكر..

و ربما نسمع غدا بندرة الزيت أو السميد، وتعود ظاهرة "السطوك" stock من جديد، هي طبعا مشاكل مفتعلة من أجل الزيادة في أسعار المواد الغذائية، وحتى تلهي السلطة المواطن بالمواد الغذائية، طالما هذا الأخير مصنف في الدرجة الثالثة، ولا يعرف شيئ اسمع "المواطنة" أو "حقوق الإنسان"، وبالتالي فهو لا يشغل نفسه بالمسائل السياسية والملفات الكبيرة، وتناست السلطة أنها والمواطن يعيشان على نفس الكوكب وفى نفس القطعة من هذا الكوكب المسماة الجزائر، بدليل ما يحدث الآن، ومسلسل إحالة الجنرال توفيق على التقاعد، قد تكون هذه القضية مفتعلة أيضا، ومثلما روجه الشارع السياسي، فالرجل ربما بيده ملفات ثقيلة، يُخشَى أن تخرج إلى الرأي العام، وتكشف أسماء عديدة متورطة في قضايا الفساد وأمن الدولة، خاصة وأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يعرف كيف ومتى يختار رجاله، ويعرف كيف ومتى يتخلص منهم أو يستغني عنهم إن صحّ القول وبالطريقة التي يريدها هو، ولا جدال في ذلك إذا قلنا أن الأحزاب الموالية ساعدته في ذلك وزادت من سلطانه، عندما زكته أربع مرات متتالية، ليس حبًا فيه أو لأن عيناه زرقاوتين، بل خدمة لمصالحها الخاصة، وبهذه التزكية وجد الرئيس بوتفليقة الحرية الواسعة في اختيار من يريد وإزاحة من يضايقه دون حرج أو مراعاة صوت الشعب أو حتى جسّ نبضه في الكثير من القضايا، مثل قضية اعتماد حزب مدني مزراق، طالما مشروع المصالحة الوطنية حقق الوحدة بين أبناء الوطن الواحد، وكان على بوتفليقة أن يستمع إلى نبض الشعب في هذه المسالة بالذات..

من البديهي جدا القول أن القرارات التي تصدر من الرئاسة ليست قرارات الرئيس وحده، بل هناك يد أجنبية من وراء البحار لعبت دورا هاما في التغييرات التي يجريها الرئيس، كون أن جزء من هذه القرارات مناقضة لخطابات الرئيس، لأنه ليس سهلا أن يتعرض الرئيس بوتفليقة إلى جهاز المخابرات الجزائري (DRS)، الذي يعد من المؤسسات الحساسة جدا في أيّ دولة، وهذه النقطة بالذات دفعت بعض التيارات السياسية إلى المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مسبقة، في ظل الظروف الصحية التي يمر بها الرئيس والتي لا تمكنه من تسيير شؤون البلاد مدة أطول، وكانت ظروفه الصحية قد جعلته يفقد "البارومتر" الدقيق في اختيار من يُسَيّرُونَ مؤسسات الدولة، بدءًا من قطاع التربية والثقافة إلى قطاع الصحة والقنابل التي تفجر هنا وهناك عن قضايا الفساد وسوء التسيير، وإنزال وزراء إلى درجة والي وغير ذلك من القرارات التي تؤثر على استقرار البلاد.

 

علجية عيش

في المثقف اليوم