أقلام حرة

كلما أوقدوا للحرب نارا أطفأها الله

jafar almuhajirبات العالم بأسره يدرك إن العراق يخوض معركة وجوده الكبرى مع الدواعش القتلة الأشرار، ومن واجب أهل الدار الشرفاء الذين يهمهم مصير العراق وشعبه أن تتحد قلوبهم وأرواحهم لدرء هذا الخطر المحدق بوطنهم لكي لايكون لقمة سائغة لأحط الوحوش البشرية التي لاتقيم وزنا للنفس البشرية لأن الخطر يداهم الجميع دون استئناء . ولكن لكل بلد أعداء في الداخل والخارج يحاولون بشتى الطرق زعزعة الأمن فيه من خلال شعارات طائفية مقيتة لحرف مسار المعركة ضد العدو الرئيسي وإشعالها بين مكونات الشعب العراقي ليتحقق أمل أعداء العراق الناعقين في فضائيات الفتنة السوداء.

لقد مرت على العراق أحداث جسام خلال السنين السابقة نتيجة الحروب والإحتلال الأمريكي الذي أعقبها، ثم أكمل الإحتلال الداعشي الدموي لثلث أراضيه وما أنتج من كوارث مجتمعية رهيبة تقشعر لهولها الأبدان وكان الإعلام المعادي يستغل كل فرصة لبث سمومه، وإطلاق التخرصات الطائفية بلا حدود .ومن الواضح إن هذه الوحوش البشرية حين تمنى بالهزيمة على جبهات القتال لاتترك وراءها إلا أرضا محروقة ، ويبذل المنتمون إليها كل غاياتهم الشريرة للتسلل إلى المناطق المدنية للقيام بتفجيرات إجرامية تحصد أكبر عدد من الناس الأبرياء من هذا المكون أو ذاك لتغطية هزائمهم النكراء على جبهات الحرب عسى أن تطفئ هذه الهجمات الدموية غليل حقدهم ، وتؤدي إلى حرب طائفية يحلمون بها لتفتيت وحدة الشعب العراقي وتحقيق ماعجزوا عنه في المواجهات العسكرية بعد أن أبلى العراقيون الأبطال بلاء حسنا في كسر شوكتهم، وتخليص الأرض من رجسهم وهم يجرجرون معهم أذيال إندحارهم من أرض الرمادي العزيزة. ومن واجب الحكومة وأجهزتها الأمنية والإستخبارية في الداخل أن تكون في أعلى درجات المسؤولية واليقظة والحذر لوأد أي خرق أمني لهذه العصابات بعد أن خبرت أساليبها الجهنمية ومعها الإعلام المعادي الذي يدعمها. وهي التي تعلم من تجاربها السابقة إن هذه الوحوش البشرية لايقف إجرامها عند حد معين. والحرب الطائفية بين المذاهب والقوميات المتآخية في العراق باتت اليوم غاية الأمل لأعداء العراق الداخليين والخارجيين وأجهزة إعلامهم الضالة المضللة. ولكن ومع كل الأسف حدثت تفجيرات بغداد الجديدة والمقدادية التي ذهب ضحيتها جمع من الناس الأبرياء وآنضموا إلى قافلة الأبرياء الضخمة من ضحايا هذا الإرهاب الدموي الأعمى للوصول إلى أملهم الوضيع بإشعال الحرب الأهلية، وحدثت على إثر هذه التفجيرات الدموية عمليات إنتقامية من قبل أشخاص منفلتين متمردين على القانون، ويعملون ضد مصلحة العراق العليا ذهب ضحيتها بعض المواطنين في مدينة المقدادية، ودمر عدد من المساجد. وكان من واجب القوات الأمنية القبض عليهم وتسليمهم إلى القضاء لكي يشعر المواطن العادي بالأمن في ظل دولته. فالدولة التي لاتفرض هيبتها في الداخل   ولا يكون القضاء هو الحكم الفصل فيها تتعرض سمعتها لأفدح الأضرار، وتعطي المبررات تلو المبررات للتدخل الخارجي المتربص بها خاصة وإن بعض السياسيين في هذه الدولة قد تعودوا أن يضعوا مقدراتهم بأيدي دول الجوار التي تصب الزيت على النار لتوسيع الحرائق لا لإطفائها.وقد وجد الإعلام الطائفي المعادي للعراق وشعبه ضالته في هذه الأحداث المؤلمة التي حدثت مؤخرا كما في الحوادث السابقة، وشمرعن أردانه، وأخذ يضخ كعادته سيلا من الأضاليل بحملة ضارية تعطي انطباعا لمن يشاهدها بـ

(أن أهل السنة في العراق يتعرضون لحملة إبادة شاملة من قبل الشيعة) بعد أن أحرق الشعب العراقي بتضحياته كل تمنياتها في إحتلال داعش لبغداد العزيزة ،والتشكيك المستمر بقدرة الجيش العراقي في دحر الدواعش المجرمين ولم يترك هذا الإعلام الكاذب والمضلل شخصا طائفيا حاقدا من أيتام النظام الصدامي الدكتاتوري من دواعش السياسة الذين يتسكعون في عمان ولندن وأربيل وقطر إلا واستضافه ليتحدث عن حملة (إبادة أهل السنة) الوهمية وجعل من نفسه داعية للقانون وحقوق الإنسان ليفرغ مافي جعبته من سموم طائفية كريهة ، ويصور إن الحكومة هي التي تقوم بهذه الجرائم. ويتحدث من خلالها عن ضرورة تدخل مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية،والنظام العربي للتدخل في العراق معتقدين إن الظروف قد أصبحت مثالية لإعادة الحكم الطائفي الدكتاتوري للعراق من خلال هذه الحملة المغرضة.

وقد سلكت محطة الجزيرة وصويحباتها هذا السلوك المشين واللاأخلاقي والذي يتعارض وأبسط قواعد الإعلام النزيه   الذي يعرض وجهات النظر المختلفة. فتبنت وجهة نظر كل من يحاول زرع الفتنة الطائفية بين أوساط الشعب العراقي بتقديمها صورة سوداوية مطلقة عن المشهد العراقي بعيدة كل البعد عن الحقيقة المجردة.

وانطلاقا من هذا الهدف الخبيث الثابت في نهج الجزيرة صورت ماحدث في المقدادية بأنه (تطهير عرقي لأهل السنة) وسلطت الأضواء على تلك التقارير الكاذبة لأيام واعتبرته الحدث العالمي الأبرز مع العالم مع العلم إن الجرائم التي حدثت سابقا في خان بني سعد والهويدر وغيرها من مناطق ديالى كانت أكثر دموية ودمارا ولم تهتز لها ضمائر جماعة الجزيرة التي تدعي زورا إنها تدافع عن حقوق الإنسان .

ومن البلية أن تنطلق أصوات محمومة من أطراف العملية السياسية في العراق إثر كل أزمة يرتكبها جناة خارجون على القانون لتسارع إلى المطالبة بحماية دولية، وتدخلات حكام دول الجوار الذين وجدوا في هذه الدعوات ذريعة لدس أنوفهم في الشأن العراقي حتى الثمالة. هؤلاء الحكام الذين أعمت قلوبهم وأبصارهم الأحقاد الجاهلية، وهم سبب محنة هذه الأمة ونكوصها وانحدارها يوما بعد يوم نحو الحضيض أكثر فأكثر.  

إن كل مواطن عراقي غيور على وطنه وشعبه يدرك أن الوطن مثقل بكثير من السلبيات من فساد وانحراف وانتهاكات لحقوق الإنسان ومهاترات وصراعات غير مسؤولة بين بعض الكتل السياسية. ولا يوجد صراع بين السنة والشيعة إلا في عقول مرضى الطائفية الخبيث. ومن واجب القوى السياسية أن تجتمع وتتباحث داخل خيمة الوطن   للوصول إلى حلول جذرية لمشاكل البلد . أما الصراخ والعويل في المحطات الطائفية فإنه يزيد الطين بلة ولا يحل أية مشكلة. والذين يطالبون بتدويل القضية العراقية فهم كمن يدفن رأسه في الرمال. فلا مجلس الأمن ولا المحكمة الجنائية الدولية ولا الحكام العرب ولا الجامعة العربية ولا الفضائيات الطائفية ولا الإنسحابات من مجلس الوزراء أو مجلس النواب تستطيع حل مشاكل العراق مالم يبادرأهل الدار بحل مشاكلهم فيما بينهم بروح أخوية صادقة.    

والحل لاينبع إلا من داخل العراق ومن أهل العراق الذين لم تلوثهم المطامع الشخصية الجامحة في الوصول إلى السلطة من أجل السلطة فقط.

أما الجزيرة وصويحباتها التي تتجاهل مجازر بشرية فظيعة قامت وتقوم بها داعش وآخرها مجزرة قرية (البغيلية) في ديرالزوروالتي راح ضحيتها 300 إنسان بريئ واختطاف 400 إنسان آخر لايعرف مصيرهم، وتركز على حادثة لاتساويها في ضخامتها وفضاعتها ، وتجند لها كل خبثها الطائفي التحريضي لايمكنها أن تكون مدافعة أمينة لحقوق الإنسان.وما هي إلا أبواق صدئة لاتريد الخير للعراق أبدا بل إن سعيها الأول والأخير هو إشعال الفتنة الطائفية. والذي يدرأ هذا الغرض الخبيث هو وعي الشعب العراقي ووجود حكومة قوية قادرة على النهوض بمسؤولياتها الأخلاقية والوطنية في التخفيف من جراح الشعب العراقي الكثيرة التي تراكمت فوق بعضها دون أي علاج فعال ومؤثر وجذري. أما الأعداء فهم ينتظرون على أحر من الجمر انهيار الأوضاع لكي يوجهوا المزيد والمزيد من السهام لخاصرة العراق. ولا يمكن لأي عراقي بسيط أن يتجاهل هذا الكم الهائل من المتربصين بوطنه من الذين يسيل لعابهم وتداعبهم أحلامهم في إشعال الحرب الأهلية بين العراقيين.

لقد بدأت كل الأنظمة الاستبدادية المعادية للعملية السياسية   توجه إعلامها ليبين عقم هذه العمليه وضررها على الشعب العراقي وتمزيقها لوحدة العراقيين ومع الأسف الشديد أعطى سياسيوا العراق الحاليون والسابقون بغد سثوط صنم الإستبداد المثل الأسوأ لمعظم السياسيين في العالم. وهم مازالوا يمنحون المبررات المجانية لهذه الأنظمة المستبدة وأجهزة إعلامها للتدخل في العراق. وقد آن الأوان لوضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار قبل أن يغرق في بحر من الفوضى لايعلم مداها إلا الله.

إن العصر الذي نعيشه اليوم هو عصر الفتن الطائفية بامتياز. ودق إسفين بين المكونات العراقية هو غاية أحلام الجزيرة وشبيهاتها ومن ورائها من الحكام. ولا يتم قبر هذه الدعوات الضالة إلا بوجود حكومة قوية منسجمة تضع سلطة القانون فوق كل اعتبار. دولة مواطنة حقيقية بعيدة عن صراعات المحاصصة التي جلبت أوخم العواقب لوطننا. ووعي الشعب العراقي بكافة قومياته ومذاهبه كفيل للوقوف بوجه هذه الدعوات الضالة التي هدفها الأول والأخير إشعال نار الفتنة الطائفية في العراق .

 

جعفر المهاجر.

في المثقف اليوم