أقلام حرة

حكومة وطن بلا شراكة

ibrahim aljabouriمن يدعون الوطنية والهوية العراقية وانهم بعيدون عن الطائفية وغير طائفيين يشنون اليوم حملة مسعورة وظالمة على أبناء المكون العربي الشيعي عموماً وأبناء الحشد الشعبي خصوصاً مارسوا فيها كل انواع الكذب والتلفيق والتأليب للرأي العام العالمي للنيل من انتصاراتهم على الدواعش والارهابيين ومحاولة تخفيف الضغط عنهم في مناطق وجبهات القتال بعد الانكسارات المتلاحقه للدواعش وانتصار قواتنا الامنية وجيشنا وحشدنا وابناء العشائر الغيورة والسعي لتبرئة داعش من الكثير من الجرائم بحق أبناء المكون العربي السني سواء في الرمادي او الموصل وغيرها من المناطق وخصوصا بحق عشيرة ألبو نمر الباسلة ... وأظهارهم وتسويقهم لجرائم داعش على انها من أفعال المليشيات الشيعية في ديالى.

وكل هذا التحشيد سواء الاصوات الناعقة من أربيل اوعمان وبعض العواصم المعروفة بعداءها للعراق يؤكد مدى الشرخ العميق وحالة اللا انسجام التي مزقت النسيج الاجتماعي العراقي وافقدته هويته العراقية وكشفت مدى الانحطاط السياسي والأخلاقي لمعظم من جلبتهم سياسة المحاصصة الطائفية والحزبية والاحتلال لادارة دفة ومقاليد الحكم في البلاد من جهه وضعف الاداء السياسي والقيادي للتحالف الوطني ومكوناته من جهه اخرى ...                                                                                  

ان التنكر وتجاهل التضحيات وما يقدمه أبناء الجنوب والوسط من الأرواح والدماء والشباب واستنزاف الموارد في المناطق الغربية والشمالية من قبل معظم اطراف اتحاد القوى السنية اضافة لشيوخ وقيادات الفتنة وخيمات الذل وهم الهاربين من مناطقهم والمختفي صوتهم والغير مسموع تجاه جرائم داعش واجلاف القوقاز واعراب البادية في تلك المناطق قبل غيرها يجعلنا امام مسؤولية اخلاقية وشرعية تجاه هذه التجاوزات والجدوى من عظم التضحيات.                                                                          

وان ماحصل في المقدادية من تجاوزات مرفوضة وغير مقبولة من البعض كان يمكن معالجتها ضمن الاطار الوطني والقوى الفاعلة والمؤثرة في المشهد العراقي للتغلب عليها وردع المسئ من دون ان توجهه الاتهامات الى الحشد الشعبي بأطار عام وضمن اجندة معدة مسبقاً لهذا الامر مما يولد الشك ان البعض من قاموا بعمليات الحرق والسلب والاعتداء مدفوعين من قبل هذه الجهات وان كان هذا ليس جزما ولكن ما جرى من هجمة منظمة ومنسقة ضد الحشد مباشرة خلال الاحداث بشكل ممنهج يوحي بهذا الامر. ان الحكومة اليوم غير مطالبة بمواقف لانها عاجزة عن اتخاذ موقف بالرغم من كل الدعم الذي حصلت عليه وهي حكومة شركاء التحالف الوطني فيها يسعون بقوة لافشالها وخناجرهم دائماً في ظهور هذا التحالف من اجل اظهاره بمظهر العاجز عن ادارة الحكومة وان كان التحالف الوطني فاقد للقيادة الشجاعة والحازمة والقادرة على المحافظة على مصالح ورعلية حقوق وموارد المكون الذي يمثلوه وانتخبهم للدفاع عنها .                                                                                                                                                                          

ولكن رغم ذلك فالتحالف الوطني هو المطالب بموقف واضح وحازم وشجاع يراعى فيه حفظ دماء ابناءنا واهلنا وكذلك ثرواتهم المسلوبة وكرامتهم المهدورة بكل مكوناته وعليه ان يمثل تطلعاتهم ضمن العراق الواحدعلى اسس ومبادئ وثوابت تضمن العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات لكل المكونات والفئات المتعايشة فيه.                                                          

المواقف الواضحة والاسس الثابته تتطلب معالجة الخلل في العملية السياسية والعلاقة بين الاقليم والمركز والمحافظات الغربية مع الدولة والحكومة الاتحادية . فهوية الوطن الغائبة والاطار الذي يؤطر علاقة الحكومة الاتحادية باقليم كردستان الغير خاضع تماماُ لاي رقابة حكومية او برلمانية وحتى في الاحكام القضائية والموارد الوطنية يجعلنا امام خيار الجلوس على طاولة تحديد هوية العراق وما يرغب فيه الشركاء في الوطن سواء بالبقاء ضمن عراق موحد او الانفصال على اسس واضحة بدلا من ان يفرض علينا الاطار الجديد للوطن من الارادات الخارجية وعلى ان يكون خيار الانسان اهم من بقاء وطن موحد بالاجبار والاكراه والتضحية بخيرة ابناءه من اجل هذه الوحده التي سيصعب المحافظة عليها مع ازدياد عدد الضحايا لبقاءه موحداُ. واما اختيار بقاءه موحداً فيفرض على الجميع ان يكونوا فيه شركاء حقيقيين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات بعيداً عن تفضيل البعض على الاخر كما هو حاصل اليوم بأقليم كردستان الذي يأوي كل المجرمين والإرهابيين المعادين للعراق والحكومة ويتعامل مع الدولة كدولة مستقلة.                                                                                                                                              

وان تحديد المواقف الان مطلب مشروع وشجاع ويعبر عن حرص حقيقي على دماء تسيل ونعوش تستقبلها محافظاتنا يومياً من دون ان نجد حتى التعاطف الإنساني ممن نقاتل من اجل ديارهم وارضهم وعرضهم ... ان سياسة المجامله والقفز على الحقائق والاختباء والهروب من المواجهه سوف لا تجلب للعراق الخير ولا تنفع ابناءه بقدر ما تؤجل الحسم الى اوقات اخرى لعله يكون غيرنا فيها هو الراحج والاقوى بحكم التدخلات الاقليمية والدولية وما يشهده العالم من متغيرات يومية .                                  

العراق بحاجة ماسة اليوم لتحديد وضع اقليم كردستان ضمن الجغرافيا العراقية والسياسة الداخليه والخارجية ومدى انسجامه وتناغمه مع المؤسسات الحكومية الاتحادية وكذلك وقف سياسة قضم الارض وضمها للاقليم بمعزل عن الحكومة ومؤسساتها الرسمية ودستورها وفرض سياسة الامر الواقع وكذلك خضوعه للرقابة المالية للحكومة الاتحادية . ومن غير المعقول ان لا يكون للحكومة رأيا او موقف في اقليم قانوناُ ودستوراُ خاضع لها ويأخذ ميزانيته منها ولكنه يصرفها بمعزل عن منظومتها.   

ان الحفاظ على تجربة الحشد الشعبي وتطويرها وتشذيبها من الاخطاء وتنقيتها من العناصر الشاذه سيعزز من قوته وقدرته على محاربة الارهاب وتحرير كامل تراب الوطن وصد الاعداء عن مدننا ومحافظاتنا العزيزة وهذا سيكون شوكة في عيون الطائفيين واعداء العراق وممن يحاولون اثارة الفتنه وتفتيت هذا الوطن الذي لا قوة له الا بوحدته ولكن على اسس بناء الدولة ومقوماتها. وعلى القوى الوطنية من المكون السني والتي ساهمت بمحاربة الارهاب واختلطت دماء ابناءها بدماء ابناء الوسط والجنوب ان تكون لها موقف واضح من هذه الحملة المسعورة من قبل شيوخ وسياسي الفتنة في اربيل وعمان وان تتصدى لها من اجل الانصاف والحقيقة مع حفظ حقوق كافة ابناءها .. ولحل المشاكل والتجاوزات ضمن اطر العائلة العراقية وبعيدا عن اساليب التدليس والكذب وتلفيق الاتهامات واسترجاع جرائم داعش على انها جرائم طائفية بديالى والمقدادية ..  

 

ابراهيم الجبوري

              

في المثقف اليوم