أقلام حرة

حٌر لا يموت

adil ridhaأن الفرد في المجتمع ذكرًا كان أم أنثي، له من التعاريف المفسرة والشارحة الكثير، مما تفنن وأبدع فيها الفلاسفة والمفكرون، ودعونا نركز هنا علي أحدي هذه التعاريف، وهي أعتبار الفرد أنسانًا حرًا.

أن هاتين الكلمتين تحملان في طياتهما معاني وفلسفة عظيمة، فالانسان هنا هو المخلوق ذو البعدين:

الاول هو البعد المادي الطيني.

والبعد الثاني:

هو البعد الالهي الروحي، وهو بهذين البعدين يكون أنساناً.

أما الحرية في هذا الانسان، فتكون بالاختيار بين أحد هذين البعدين، أنها تكون بأخذ طريق يبعده عن أحدهما ويقربه ويجذبه الي الاخر الالهي الروحي، وهذا الاختيار يكون بواسطة أحد أهم مقومات الانسانية، وهي الارادة، فالانسان يختار بأرادته، هو بواسطة نفسه، فهو الانسان من

يفكر.......يقرر......يختار

ومن ثم يبدأ مسيرته، ولا أحد غيره، ومن هذا الطريق يكون التكامل، وبعكس هذا الطريق يكون الانسان مسجونا بغرائزه وملذاته وشهواته وذلك أيضا بارادته.

أن جموع البشر العاديين البسطاء، يعيشون بأجسامهم وارواحهم، وهي متحدة في هذه الدنيا الفانية، ويطلقون علي ذلك حياة، وأن حصل الفراق بين الروح والجسد يقولون هذا هو الموت.

فما بال هذا الدين، يطلق علي من أنهي هذا الاتحاد بين الجسد والروح، بارادته وبعمله وبأختياره، بالحي الذي لا يموت؟

أنني أعتقد أن الشهيد المضحي بهذا الرابط يمثل قمة كمال الانسانية، ومنتهي الاستنتاج الفكري لدي الفرد البشري، فهو كأنسان في هذا المجتمع، محصور في تقرير مصيره وفي أختياره بين الطريقين والبعدين الذين ذكرناهما سابقاً، فلنتصوره ونتخيله قبل أستشهاده وهو يعيش بيننا ومن حولنا، يتفاعل ونتفاعل معه في الاطر الاجتماعية المعروفة، ومن ثم يحدث شيء يكون كالصدمة، كالبركان.

هناك أمر أيقظه ... فكرة قرأها أو سمعها ... أمر تأريخي َحدث، فايقظ وأحدث فيه مثل هذه الصدمة وفجر فيه البركان.

هو الان عليه أن يختار.....لا وقت لديه......فهناك مقدس يُنتهك، أو وطن يُغتصب، أو حرمة تُداس .. ماذا حدث؟

أن عليه أن يختار، وقد فعل، وهو الان في مسيرته، وهو يثبت أختياره وأتجاهه الي الطريق، بالعمل والكفاح والنضال، هو يعمل ويتحرك لأنه ُصدم واختار، فهو اذن الان في مسيرته نحو الالهي المقدس، نعم هو في أتجاهَهُ الي الكمال.

ثم تحدث وتكون التضحية بالمادي الطيني، فلقد فقد الرابط، أصبح ميتا في نظر البشر العاديين، فهاهو جسده المعطر بالدماء من غير الروح.

أن هؤلاء لا يعلمون أنه فرحٌ، سعيد، وليس حزيناً مثلهم، لأنه حقق وو صل ألي هدفه العظيم المقدس، لقد اصبح انساناً حرًا....هو بأختياره، ومن خلال مسيرته، وبواسطة تضحيته، هو ولا أحد غير أصبح حرًا.....لا يموت.

 

الدكتور عادل رضا

في المثقف اليوم