أقلام حرة

الأهم من الإصلاح السياسي

watheq aljabiriدخل الإصلاح؛ مثل أيّ صناعة مستوردة؛ إختلف المستهلكون في وصفها وتذوّق طعمها، وكأن ديموقراطيتنا عرجاء وإشترينا لها مواد إحتياطية من مناشيء مختلفة، وحدد كل واحد تسمياته حسب بيئته، فما كانت إلاّ أسماء الجذري والشامل والجوهري والشلع قلع والوزاري، ولم نلتفت الى أن الإصلاح لا يكتمل بالتغيير الوزاري، وتبديل أعضاء الهيئات المستقلة وإنهاء ملف الوكالات، وهناك ما هو أهم من  كل ما يحدث في الوسط السياسي.

بعضهم يُريد تبديل الوجهة بالوجوه، والحكمة بالحكم، وينسى أن الشعب مصدر السلطات وأداة نجاح وفشل الحكومات؛ وهو الخاسر عند الملمات.

تمتلأ أحياناً صفحات التواصل الإجتماعي؛ فجأة وبلا مقدمات ومبررات؛ بكّمٍ من الشتائم والتخوين والتشويه، وتعتلي نظرية المؤامرة بين الجماهير، وتُنتشر صور مفبركة وحكايات تضليل وكلام لا يصدقه عاقل، وتخاض حرباً طاحنة أشرس وأخطر من حربنا على الإرهاب.

سؤال لابد لكل مواطن عراقي أن يسأل نفسه، ويبحث عن جذوره ولمصلحة مَنْ تخوض الجماهير حرب نيابة وتشتيت صفوف؛ في وقت  تزداد حربنا على الإرهاب ضراوة، وتكاد نتائجها ستجلي الغبرة وينحدر الإرهاب، وبدل أن ينشغل بعض المواطنين بنشر بطولات القوات المسلحة والحشد الشعبي، وتلك القصص التي لا شبيه لها في التاريخ، فهل تحدثوا عن مقاتل دون مقابل؛ أم عن من يترك إجازته لحين تسجيل الإنتصار في قاطعه، وعن مَنْ يحتضن إرهابي لمنعه من تفجير نفسه على المدنيين، أو من يجابه القناص لإنقاذ طفلاً؟!

مَنْ يحرك هؤولاء المنفعلين، ومَنْ يدفع للمنتفعين من إثارة الفتنة والكذب، وهل صحيح أن  الشعب العراقي أدرك الإرهاب من المحيط والداخل، والأدوات الإعلامية الضخمة؛ هي التي تخلط الأوراق لتفكيك القوى السياسية وإشعال حرب طائفية وداخل الطائفة الواحدة، ولماذا يُصدق بعضهم حسابات وهمية وأقوال عديمة المصادر، ولا تتعدى نظراته أبعد من الكلامات وفهم ما بين سطورها ونتائجها؟!

إن العراق يواجه ماهو أخطر من الإرهاب، ومئات آلاف المواقع الألكترونية والحسابات الوهمية، التي تحاول جعل المواطنين حمقى يتصرفون بردود الأفعال، وإستغلال الفوضى السياسية والإرهاب والفساد، وينجرف كثيرون دون أن يشعروا أنهم غارقون بالفتنة ونقل الأخبار المزيفة.

 لا ينفعنا تبديل الوجوه دون تحديد الوجهة، ولا حكم بلا حكمة وإنسجام الشعب في مواجهة الملمات، ومصدر للسلطات وقوة دافعة لنجاح الحكومات.

يحتاج الشعب العراقي الى مراجعة المفاهيم التي يطلقها بعض الساسة للتضليل، وإبتعاد الطبقة الساسية عن الأنا، والتعريف بمفهوم الوطنية الجامع؛ إذْ لا يمكن  الإصلاح بفعل الحكومات؛ إذا كان الشعب منقسم على نفسه، وتغذيه إنقسامات سياسية تعتاش على الأزمات، وتعتبر الغلبة والحيلة أفضل وسيلة لنيل السلطة، ومن الظاهر أن بعضها  لا يفهم أن التنافس على السلطة وسيلة لتحقيق مطالب الجماهير، وأهمها شعب موحد على حب وطنه، و لا إصلاح دون صلاح المنظومة الإجتماعية، وهما كان التغيير؛ فلابد من تغيير في نفوس المجتمع، والإبتعاد عن التضليل والتهويل؛ فأن  وراء نشر الأكاذيب قوى خارجية همها  تمزيق العراق.

 

واثق الجابري

 

في المثقف اليوم