أقلام حرة

المعرفة المظلومة

عندما تمنح الحرية فالاستغلال الامثل هو ان تعمل على استثمار العلوم التي تنفعك في ساعة العسر لا ان تعتمد على ما ينفعك في البلاء وانت في قمة الرخاء، هذا لا يعني ترك المستحبات بل منحها قدرا من الجهد والوقت بعد ما تمنح العلوم المهمة (فيزياء كيمياء رياضيات حاسوب طب وغيرها) تمنحها ما تستحق، فاذا كنت في زمن الحرية وانت تجهلها فهل في زمن العبودية سيسمح لك؟

انا لا امانع بناء المدارس الدينية والحوزات والتي انتشرت مع مجهولية العائدية والتمويل لبعضها ولكن اسال كم معهد علمي، مركز بحثي او برامج تقنية الكترونية تم تاسيسها او حتى ورش عمل حرفية بل وحتى نوادي رياضية، الظروف تحتم علينا انتقاء العلوم التي يجب ان نتعلمها، فمثلا لو تواجدت قرية على نهر او بحر فهل تعلمون ان تعلم السباحة فيها واجب كفائي، هذا الواجب الكفائي من اجل درء المخاطر التي قد تعترض القرية.

ان ما يلفت النظر الموجة العارمة والتيار الجارف للتاكيد على ادعية وصلوات واحراز، واعذروني اذا قلت في بعض الاحيان قصص خرافية يتم تداولها من على مواقع التواصل الاجتماعي، انا اقول يجب ان تمنح المساحة التي تستحقها وهي مهما كانت اقل من مساحة العلوم الميدانية، دخل رسول الله المسجد وراى مجموعتين الاولى تقرا الادعية والصلوات والاخرى تقرا العلوم فقال المجموعتين الى خير ولكن هذه فاشار الى التي تتعلم العلوم هي افضل من هذه وجلس معهم وقال انما بعثت من اجل العلم (المعنى وليس النص) .

لا تستبعدوا ان بعض من يضخ هكذا اعمال واحراز هم من اعداء الدين لانهم يريدون ان يبقى المسلمون يعيشون في هذا التخدير، بل ما يؤسف له ان في المكتبات رواج كبير لكتب تفسير الاحلام والاحراز وادعية الرزق وحلال المشاكل، وكان عقولنا اصبحت حبيسة لهكذا اوراد وادعية وبغيرها لايمكن لها ان تتحرر وترتقي بنا.

في ليلة القدر سئل الانصاري من احد طلبته ماهي الاعمال المستحبة في ليلة القدر؟ فساله الشيخ ماهذا الكتاب الذي بيدك؟ فقال انه شرح ابن عقيل، فقال له الشيخ اقراه فانه الافضل. غاية الشيخ الانصاري قدس سره هو التاكيد على العلم فانه طريق الرقي والعلا.

هل تعلمون لماذا الغرب متطور ميادنيا لانه يمنح الحرية لشعوبه بل يمنح الافضل لمن يفكر افضل وزد على ذلك فانهم يستقطبون مفكرينا بمنحهم امتيازات توازي جهودهم العلمية، ومن ثم نتبجح على الغرب عندما يثني على علمائه فنقول لهم بان البعض منهم مسلمين او عرب.

وهل ازيدكم من تاريخنا مثل، عندما قال الامام علي عليه السلام سلوني قبل ان تفقدوني قام احدهم ليساله كم شعرة في راسي؟ بينما عندما راى الامام يهودي يفكر في مسالة فقال له الامام ان اعلمتك بالحل تسلم فقال نعم، فاعلمه بالحل، فهل تعلمون بماذا كان يفكر اليهودي؟ كان يفكر في معرفة الفرق بين الحيوانات اللبونة والبيوضة، فقال له الامام عليه السلام كل حيوان ظهرت اذناه هو لبون ومن اختفت اذناه فهو بيوض .

امنحوا العلوم حقها واغتنموا الفرصة فانها تمر مر السحاب

 

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم