أقلام حرة

الحلول عند علي

watheq aljabiriعندما يعجز الجمهور من تفسير ظواهر السياسة؛ تطفوا على السطح معتقدات أن الأمل المنشود تحققه الشعاراتية والحماسية، ولكن العجب سعي بعض الطبقة السياسية الى تغيب المنطق، وتسطيح العقول وطليها بصبغة المدافعة عن الحقوق من ضمائر بدأت تصحو، ومن المبكي أن تتحرك بعض الجماهير بالبيانات، وتتأثر أفكارها وتوجهاتها.

من المضحك جداً أن يتحالف دعاة الطائفية والأنا؛ على إنهاء المحاصصة، ومن المؤسف أن يصدقهم طيف من الجماهير ويعتقدون مصداقيتهم.

مصيبة العراق أن بعض ساسته لا شبيه ولا مثيل لهم على وجه الطبيعة، ولا يتطابق عملهم مع أي الكائنات الحية الأليفة والمتوحشة في تعاملها مع جنسها، وفي موروثنا من عام 2003م؛ ساسة لا يفقهون فن السياسة، ولا يجيدون إلاّ النزاعات وتصدر المشاهد؛ وسرقة غفلات الزمن ومساحات القفز، والتناقض في أقوال اليوم عن الأمس، وخداع الشارع بصحوة الضمير؛ لطوي ماضيهم الأسود، الذي ما يزال يقطر دماء وسيتصرخ العقلاء والشرفاء؛ لمحاسبة الفاسدين والفاشلين والمسببين لجرائم سبايكر وثلث أرض العراق ونهب الثروة.

عجيب أن يتحالف المالكي وعلاوي لإنهاء المحاصصة، وكانا يخوضان حرب لولايتين، ولولا كرسي نيابة رئيس الجمهورية لما إجتمعا، وغريب طلبهما الإصلاح وهما في منصب لا ينفع إلاّ حاشيتهم والتكتم على ماضي صراعات؛ أدخلت البلاد في أنفاق المصالح الدولية، والمؤسف جداً أن لا تضع معظم القوى السياسية؛ حداً للتمادي ونزيف الأموال وجر البلاد الى حروب مهلكة ودوامة الإنشغال بالمشكلات الجانبية، وترك أساس المسببات وكيفية الإصلاح، وقطع الأيادي التي إستحكمت على الهيئات لإخراجها من إستقلالها، وإبقاء المناصب المهمة بالوكالة لكسب ولاءها وريعها.

ماذا جرى حتى يتحالفان لإقالة الرئاسات الثلاث، وإدخال البلد في دوامة وتيه المستقبل والحرب مستعرة مع داعش، وهل يضنون أن أوراقهم المحترقة يمكن أن تدب بها الحياة، ولماذا لا يطلعوا الى الواقع الأقليمي الذي يتجه للتسويات ومد طاولات المفاوضات، وأن الشعب لا يسمح بعودة إجتماع التناقضات؟! وعن ماذا إنتفض نوابهم بعد أن جاء العبادي بقوائم وزارية جديدة؛ رغم إعتقاده بأن التغيير الوزاري جزئية من إصلاح كبير، ومنظومة مؤسسة منخورة وصلت للعامل البسيط والقطاع الخاص، وبعدها خطوات ستطالهم.

إن ملخص ما نريد قوله صدر من المرجعية، وخاطبهم مراراً وتكراراً ولم يعوا وآخرها خاطب العقلاء: "لاشكّ أنّكم تتألّمون عندما نرى بلدنا؛ هذا البلد العريق والعملاق ونرى شعبنا الأبيّ المعطاء الكريم؛ نراه بهذه الحالة من اللااستقرار، ولا ندري إلى أين سينتهي بنا المطاف وقد أدار المتصدّون ظهورهم لكلّ نصيحة وتوجيه؛ وأصبحوا وأضحوا وأمسوا يستجدون الحلول من غير أهلها من هنا وهناك، تاركين العين الصافية عند عليٍّ، وهم بذلك يبتعدون عن الحلّ أميالاً".

وصفتهم المرجعية بأنهم لا يملكون الثقة بأنفسهم؛ لذلك لم يدعوا مجال للطاقات والكفاءات من ممارسة دورها، ووصف السلطات في سبات لا تُعيد من الكلام سوى الصدى.

الحلول لا تأتي من خارج الحدود، ولا يمكن للمنظمات الدولية أن تضع خارطة طريق، وقد رسم بعضها التقسيم والتمزيق ضمن خططه، ولا يُرى النجاح؛ دون الإجماع الوطني، وطاولات الحوار والمصارحة؛ دون زج الجماهير في مسرح الفوضى ونهب الذئاب، وتحقيق رضا الغالبية؛ لا أقلية مقربة، والعودة الى أول دعوات الإصلاح التي طالبت بها المرجعية والشعب أنذاك، وفي العراق طاقات تحتاج التنمية بمشاورة العقلاء، ويجتمع البرلمان بجزئين أحدهما معارض، ولنرى المنتفضون هل يقبلون المعارضة؛ إذا وصل عددهم في آخر الروايات الى 70 نائب؟! وأن الحلول التي قالتها المرجعية لهم: نظفوا أنفسكم وأحزابكم قبل أن تطالبوا بالإصلاح.

 

واثق الجابري

 

في المثقف اليوم