أقلام حرة

أسوء ما يفعله البرلماني

watheq aljabiriلا يمكن للمواطن أنتخاب كل الموجدين في الساحة السياسية، كما لا يمكن للسياسي أن لا يمثل كل المواطنين؛ سواء من إنتخبوه أو من لم ينتخبوه؛ وافقه بالرأي أو إختلف معه، ولا تنتهي علاقة السياسي بالمواطن عند صندوق الاقتراع، ومخالفة هذه المباديء بعد فتح أقفالها، فما هو سر الإتهام الموجه للبرلمان من نفسه وخارجه؟!

من حق الجماهير محاسبة من إنتخبته ومن لم تنتخبه، وليس من حق السياسي محاسبة جماهير تخالفه، كما ليس من حقه إستخدامها لأغراضه الحزبية.

تُشن جهات معينة؛ خلال السنوات الماضية والى اليوم؛ حملات تشويه البرلمان؛ بذريعة الأنا والفساد والإمتيازات، وتصويره بالجهة التي لا تمثل الشعب من تعميم الفساد؛ الى الإتهام بأي تلكوء يحدث في البلد، وتعطيل التشريعات وسطوة رؤوساء الكتل ومشاركة الفاسدين، والى ما شابه ذلك من إتهامات متعددة بلغة التعميم.

هنالك فرق كبير بين البرلماني كشخص والبرلمان كمؤسسة، والشخص جزء من تنصيبه مسؤولية ناخبية وبإمكانهم تبديله في الإنتخابات، أما المؤسسة فهي بيت الديموقراطية والشعب، ومهما كان الإختلاف فالنتيجة إقرار قوانين وتشريعات ورغم الإختلافات، وإقرارها يعني الإعتراف بالديموقراطية وتقبل رأي الآخر، لا فرض إرادة، وهنا واجب الحكومة المصادقة والتنفيذ، وعلى البرلمان مؤسسة وأفراد مراقبة العمل التنفيذي.

إن الإنتقاص من البرلمان هدم للنظام الديموقراطي، وأنين بصورة غير مباشرة على الدكتاتورية، وليس من تبرير للفساد؛ بل أن البلدات في مراحلها الإنتقالية معرضة لهزاته، ويتحمل البرلمان جزء، ولكن لا يتحمل كل ما يحدث، ولا أن يتخذ البرلماني من حصانته وسيلة لهدم الديموقراطية، والعمل على أجندات السياسة وترك الرقابة وتمثيل الشعب؛ من واهمون بعودة العجلة الى الوراء، و لم يؤمنوا بالديمقراطية لحد الآن، وقصدهم تدمير حرية الشعوب، والإحتيال لكسب الأصوات أو غض الطرف عن مسؤولية أخلاقية تسلتزم الوقوف جنباً الى جنب بمواجهة التحديات.

أسوء ما يفعل البرلماني حينما يتقمص السياسة، ويزج الجماهير للتعبير عن فكر متخلف يضلل به جماهيراً، ويسوقهم الى التظاهر والإنتفاض والإتهام لمن يخالفه الرأي.

لا سبيل للعراق من تجاوز أزماته إلاّ ببرلمان قوي، ومجتمع فاعل حيوي لا ينقاد خلف ساسة لا هم لهم سوى مصالحهم الحزبية، ولا يمكن لنا الإنخراط ضمن المنظومة العالمية؛ دون نجاح التجربة الديمقراطية، ومن واجب الشعب أن يكون أكثر تدقيق بساسته، وينظر لمن يحاول خلط الأوراق، ولا يُعيد إنتخاب من فشل في أداء مهماه، وعجبا لساسة برلمانيين، يتخذون من مصائب مناطق إنتخبتهم؛ وسيلة للتسابق السياسي والتسقيط، والحديث بدون علمية في تفسير الأحداث، وما سعي هذه الأطراف؛ إلاّ عمل مشبوه لا يُريد للعراق خيراً؛ إذْ أساء لمن إنتخبه ولمن لم ينتخبه، وهنا محاسبة المواطن تأتي بعدم الإنصياع لما يبتغيه بعض الساسة، ومعاقبتهم بعدم إنتخابهم مرة آخرى.

 

واثق الجابري

 

في المثقف اليوم