أقلام حرة

سامي جواد كاظم: لماذا لا يجيب السيد السيستاني على بعض الاسئلة؟

الخطاب الاسلامي خطاب متكامل وشامل لكل ما له علاقة بالانسان حتى يكون بافضل درجة للكمال البشري من حيث الالتزام بما شرعه الله عز وجل من خلال كتابه ورسوله واهل بيت الرسول عليهم السلام، وهذا يعني ما من شاردة او واردة الا ولها حكم اسلامي حتى ولو كانت بحجم ارش الخدش.

لكن يصادفنا في بعض الاحيان ان المرجعية تترك بعض الاسئلة من غير جواب لاسيما تلك الاسئلة التي تبعث لها عبر النت او ورقية، وفي بعض الاحيان يكون جوابها مشافهة للسائل ولوحده سواء كان بطلبه او بطلب المرجعية ومثل هذه الامور لربما تبعث الحيرة للمقلدين وفرصة للمتصيدين في الماء العكر.

بداية لا يعني ابدا امتناع المرجعية عن الاجابة بانه سكوت والسكوت علامة الرضا كما لو سكت المعصوم عن فعل راه فيعتبر رضا واقرار من المعصوم، هذه الحالة لا تنطبق على تلك الحالة ولا يمكن ابدا اعتبار السكوت علامة الرضا دائما.

ليعلم الجميع ان المرجعية عندما تجيب على السؤال تفكر ما بعد الاجابة وماهي الاثار المترتبة عليها؟ وفي الوقت ذاته تنظر بعين الدقة الى السائل وغايته من السؤال، على سبيل المثال، في بداية الاحتلال وجه الى المرجعية سؤال ومن احدى وسائل الاعلام نصه " هل دخول  القوات الامريكية الى العراق احتلال ام تحرير؟ هنا على العاقل البسيط ان يفكر ما يترتب على الاجابة في حالة اختيار احد الاحتمالين، وعليه تركت المرجعية السؤال من غير اجابة .

هنالك البعض ممن يؤول الحكم الشرعي وفق ما يريد من غير النظر الى الظروف المحيطة به وبالمشهد الذي يريد ان يقدم على عمل معين معتقدا ان المرجعية هي من افتت بذلك، والكثير الكثير من بيانات المرجعية تنفي ما ينسب لها او توضح ما يفسر خطا بحقها، لهذا عندما لا تكون الارضية سليمة لتفهم الحكم الشرعي بحيث ان المترتب من اثر على اصدار حكم شرعي معين يؤدي الى حرام وانتهاكات اكثر من معالجة امر طارئ فان المرجعية لا تصدر امرا بذلك، مثلا مجموعة من مقلدي السيد السيستاني طلبوا منه رخصة للرد بالمثل على ما يتعرضون له من ارهاب وقتل وتشريد، فرفض السيد ذلك، فهل تعتقدون انه يرضى بالرضوخ للارهاب ؟ كلا، وفي نفس الوقت اذا اراد شخص ان يدافع عن نفسه او عرضه وتيقن من عدوه الذي يريد قتله فهل هذا يحتاج الى فتوى؟

عندما لا تستوعب الجماهير الفتوى فانها ستتحمل اثم كبير بعدم الالتزام، خذوا مثلا رواية امير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ( قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله (ص)، متعمدين لخلافة، ناقضين لعهده، مغيرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها ... إذاً لتفرقوا عني، والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الاسلام غيّرت سنة عمر ! ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ...)، هذه الرواية الا تكفي لان تجعل من المرجعية ان تتوقف عن الاجابة او الطلب لمقلديها حتى لا يزدادوا تفريقا ؟

اضافة الى ذلك هناك فتاوى واحكام شرعية صدرت عن المرجعية عن اشكالات يتكرر السؤال عنها وهنا لا تجيب المرجعية، مثلا التجاوز على الارصفة لا يجوز، التجاوز على الطاقة الكهربائية لا يجوز، التجاوز على الحق العام لا يجوز، فهل يصح بعد هذا ان تُسال المرجعية عن مثل هذه الحالات مثلا استغلال الارصفة استغلالا شخصيا وهذه الظاهرة اصبحت متعارف عليها فتاتي مجموعة لتسال عن رزقها هل هو حلال ام حرام ؟ فهكذا سؤال تكون اجابته قاسية عليهم ولو انهم حقا يلتزمون بفتوى المرجعية لالتزموا بها حال صدورها وقبل استفحال هذه الظاهرة.

نعم هنالك متطلبات خاصة تمس العقائد الاسلامية فان المرجعية لم ولن تتوانى في اصدار حكمها وخير دليل فتوى الجهاد الكفائي التي جاءت في الصميم وبعثرت اوراق المتامرين، فهكذا مواقف سيخلده ويخلد المرجعية  التاريخ.

اذا كنا نطيع ونقلد المرجعية فلنعلم ويعلم الجميع حتى وان جهلنا سبب السكوت او الفتوى فهي حتما من صميم الشريعة وهي لاجلنا للحفاظ على ديننا

 

في المثقف اليوم