أقلام حرة

بسام فاضل: العالم حازم الدراجي رحيل قبل موعد الرحمة

كتب على العرب لعنة العذاب بسيوفهم بعد تمام المجد وأكتماله ليبدئ بالنقصان ولتظهر ثغرات العجز من الانكفاء على الذات وتدمير الصروح التي شيدتها الأسلاف بشتى مناحيها .

فيما ينتظر عراق العرب إلى ما يتمخض عن السياسات المتتالية التي تأمل الاستقرار وانتشال البلد من مخلفات حرب الخليج الثانية، يصارع أبناءه حروب تصفية الحسابات لعقود خلت من نار خامدة سرعان ما أذكتها القوى المتربصة بالأمة العربية تحت جنح الطائفية التي أجادت إشعال شرارتها وضرامة نارها لتصبح دوامة تجر كل من يقترب منها إلى قاع موحشة لا نجاة منها .

هذه الحرب المستعرة أغفلت عن الصفوة التي أتكئت عليها  النهضة قديما وحديثاً فتركت أياد العبث تطمس معالمها بكل الوسائل الممنهجة للتجهيل .

أنها العقول التي أصابتها عن قصد التقنيات الاستعمارية والاستخبارية بالقتل والتشريد والتجهيل والمسخ ,وكانت أولى مهماتها تحقيق برنامج أجتثاث العلماء العراقيين الذين طالما أبهروا العرب وأرهبوا اعدائهم ,فتأتى للأعداء ما عملوا لا جله سنين تحت غطاء العداء الطائفي والانتماء للنظام السابق الذي يشترك مع الاعداء في تنفيذ مسلسل تدمير العراق بجنون عظمة رئيسه صدام حسين .

شكل رحيل  الدراجي العالم البيلوجي  العربي العراقي خسارة ليس للعراق ولكن للوطن العربي والانسانية جمعاء وهو في ريعان شبابه وسن عطاء كان سيعود على البلد بالخير ومعه سوف تنتفع البشرية أيما أنتفاع .

خسارة أن يستمر مسلسل التنكيل والانتقام من عباقرة العراق في ضل أنشغال النظام العراقي بخلافاته السياسية والطائفية التي تركها تستعر وتتأجج يوما بعد يوم إلى أن وصلت حدا يهدد العراق حضارة وشعباً ويستفحل امتدادها إلى كل أرجاء المثلث الخصيب والجزيرة العربية من دون أن يكون لديه القدرة على أيقافها وحماية عقوله التي من الصعب أن يستطيع تعويضها .

رحل الدراجي العالم الذي حاز المئة وسام وجائزة والعديد من الالقاب العلمية محباً لوطنه مخلصاً لترابه ,أبى أن يهجره إلى حيث يجد من يهتم به ويقدر علمه ,أبى إلا أن يضع عبقريته وثمرة نضجها بين أيدي وطنه ويهنى بالعيش الرغيد عن زهد وتعفف وسط أبناء شعبه ,أبى أن تخضعه الحاجة والفاقة والعوز والخوف من المجهول التسليم للاستغلال الرخيص .

رحل الدارجي في ضرف  غامض شاهداً أن العرب ما استطاعت الاعداء أن ترهبهم او تغير هويتهم ولكنهم تفرقوا وحلت هزائمهم وخرائبهم  بسيوفهم .

 

بسام فاضل 

 

في المثقف اليوم