أقلام حرة

ياسين الرزوق: سيف الأسد مسلول وبوتين سوريٌّ من جبال العلويين

yasin alrazukفي رحلتي إلى جبال العلويين يغرقني السياق التاريخيّ  من وادٍ نهيم به إلى وادٍ يُشعلُ الصراع بين شعبويتنا وشعوبيتنا .....

لم يكن الحجَّاج سيفَ يزيد بل كان طعنة التاريخ السلطويَّة ولم يقتل السفيرَ الروسيَّ في أنقرة سيفُ الله المسلول ولم يقطع رأسه بل أسقطه مضرَّجاً بدماء القرون التي لم تَبْلَ رغم اختراقات الحداثة ودخولها من أدقِّ مساماتنا عندما أسَّس صدَّامُ السنيُّ العربيُّ لثورة البعث اليمينيّ بيساريَّةٍ علمانية فريدة كان رامسفيلد حينها يمصُّ إصبع الملك عبد الله الكافر بالعروبة وغير المؤمن بالله ليُسقط صدام الديكتاتور الجامع  وليُشْبِعَ غريزته النفطيَّة التي غزت العالم بالخام الأميركيِّ الخفيف والثقيل وخام برنت والخام العربيِّ المتحوِّل حتَّى هاج جورج بوش الابن البهلوانيِّ عندما حقنه ديك تشيني بمشاريع المؤسسات الاستخباراتيّة الأميركيَّة المبرمجة صهيونياً بطائرة برج التجارة العالميِّ !!....

لم يكن محمد بن نصير النميريّ حوثياً ولم يكن اثني عشرياً بل كان صاحب السرِّ في إشهار سيف الدولة الحمدانيِّ حلبَ في وجه الغزاة قبل أن يَدُّك حصونها مرضُه ويفتك بها  أعداؤها فلقد أثبت الواقع أنَّ دول المشرق تحتاجُ الرموزَ كي لا تُجْدِبَ وتموتَ قبل أن تدركَ حياة الحداثة .....

تكاثرت جموع الإرهاب بل جمَّعوها وصدَّروها وبدأت تضرب الشمال السوريّ من إدلبَ إلى حلبَ التي عاش بشَّارُ الأسد في وجدانها ولم يخرجْها يوماً من وجدانه الحيِّ حتَّى بدأت عروش الكفر وآل سعود ومشيخات الخليج تهتزُّ من مطار كويرس إلى مطار حلب الدوليّ ما بين كُلِيَّةٍ لمشاة الحقيقة وأخرى لمدفعيَّة التحرير ..........

حقوق الإنسان سرقت عيون الصحف واحتلَّت حناجرها التي بدأت تتَّهم الأسد وتصفه بالديكتاتور والمارق وبدأت الأصوات الناعقة تُشبِّه حلب ب غروزني وسربرنيتسا مدعيَّةً أنَّه يحرق الأكثريَّة السنيَّة وأنَّه علويٌّ باع أبوه العظيم حافظ الأسد الجولان وانتهج كذبة المقاومة كي يحكم ويسلب وينهب مقدَّرات الشعب وعندما بان وجه المعارضات الصهيو أميركية القبيح أدرك الكثيرون من المغرَّر بهم كم أنَّ بشاراً حافظ الأسد قائدٌ مقاوم يجمع شتات الطوائف ويلأم جرح الأقليَّات ويداوي أمراض الأكثريَّة بِبَسط سياسة المواطنة والمساواة والإنسانيّة على رقعة الوطن الواحد الذي لن يُقَسِّمهُ العِرْق ولن يحتلَّه الكيانُ العابر ولن تُشوهه الفيدراليات فاقدة القرار الداخلي الوطني المستقل ..........

وصل صدى الاتحاد السوفييتيِّ من غورباتشوف إلى رونالد ريغان فانتفضت النجوم حتى سقطت سفينة السوفييت في قيعان التقسيم السياسيِّ والاقتصاديّ ولعلَّ البيريسترويكا بدأت من صفرها ميقاتية الانهيار والتقسيم .

عاد بوتين بصدى حلبَ المدوِّي ورسم خارطة الوحدة الإنسانيَّة فقد بدا سياسيَّاً يحسن التفاوض مع من يحسنُ الفهم والتلقُّف حتَّى صبَّ أردوغان الحاقد جام حقده فسقطت سياسته في صندوق الطائرة الروسيَّة الأسود الذي ترجمت شيفراته مصالحة وتعاوناً وتطبيعاً بعد اعتذارٍ مدوٍّ ليس قبله وليس بعده !!...

انتصرت حلب فتهاوى البلبل السنيِّ بعد أنْ أرَّقنا بحنجرته المريضة التي قُطِّعتْ حبالُها الصوتيَّة بمقصَّات العربان الخليجيين المتفقين المتعاونين على تمزيق الوطن العربيِّ وتكشَّف وجهُ الحقيقة ليعلن أنَّه غرابٌ خادع حينها بدأ شدو الحمامة البيضاء من دمشق وموسكو وطهران حتَّى خيَّم الصمت ولم تصعقْنا المفاجأة حينما اغتيلَ السفيرُ الروسيّ على يد رجل أمن ٍ تركيّ أطلق رصاصة التمزُّق على قلب أردوغان الذي يلمس نحره ويخاف يوماً أن يصحو ورأسُه معلَّقٌ ما بين نجمة أتاتورك وكوكب وهمه الدائر في اتساع رقعة السلطنة والخلافة .!!.

من يكمل رحلته إلى جبال العلويين بنجاح يدرك أن الأسد الذي حذَّرَ من الفالق الزلزاليِّ للإرهاب يقف على قمَّة الانتصار ولا يشهر سيف العلويّة ولا يعصِبُ عصبةً خضراء بل يقول للوطن السوريِّ تَعَافَ وعَلَمُك هو غطائي ومحبَّتُك هي ترسي وشريطتُك الملوَّنة هي عصبةُ شعبيَ الواحد المُوحَّد .........

 

بقلم الشاعر المهندس: ياسين الرزوق- زيوس

سورية حماة

 

في المثقف اليوم