أقلام حرة

مؤسسات ثقافية أم مرايا داعشية ؟!!

ألبير كامو اعتبر أنَّ الثقافة هي صرخة البشر في وجه مصيرهم وأنا كمواطنٍ  سوريٍّ من مدينة حماة السوريّة التي أفرزت اشتراكية البعث وألدَّ أعدائها الأخونة الإسلامية أطرق باب الثقافة وأبحث عن تطبيقها الأمثل في العقول والأبدان كي ندرك مسارنا الفكريِّ التائه في منطقةٍ متحرِّكة غير ثابتة في حيز أفكارنا المُشَتَّتة في كلِّ الاتجاهات أرى أنَّ الثقافة هي فعلنا الحيّ نخبوياً وشعبويَّاً وليست تصفُّحنا المتلاشي دون حياة والفكر هو وجهتنا الحقيقية إلى الحياة وليس استدارتنا عن الحقيقة دون بوصلة الحياة فهو من مفرزات الحقبة الزمنية التي تُروى بالثقافة وتَنْبُتُ في تربتها انطباعاتنا عن كلِّ المراحل حتَّى تتكلَّم ذاكرتنا العميقة فيطفو منتجنا الفكريّ مستقبلاً على سطح الكلمات وسواء أَكَان هذا المنتج في نظر البعض سُمَّاً زعافاً أو في نظر البعض الآخر ترياقاً لا بُدَّ منه يبقى المنحى الفكريِّ غير مدرك حتَّى تحين ساعة إدراكه بانطباق الصورة المرسَّخة ذهنياً في الذاكرة البعيدة على بناء المستقبل الذي من واجب الدول بعلمائها ومفكريها ومثقفيها أن تُؤسِّسَ له كي لا تسقط أركانه في تشعُّبات المجتمعات والأعراق والطوائف والإثنيات فيغدو ركاماً ونغدو غير قادرين على بثِّ الصورة المُلتقطة قبل تجزيئه طالما أنَّ المهادنة لأنانيتنا شوَّهت لقطات الإنسان فينا وأغرقتنا في حيوانيتنا المفرطة ووحشيتنا التي تكاد تكون جزءاً لا يتجزَّأ من جينات تكويننا الذي قطعت سلسلة إنسانيَّته  !!.......

ثقافة الترقيع والازدواجية  سائدة في مجتمعاتنا خاصة لدى النخب المزعومة ومن يدَّعون أنَّهم النخبة يرقصون على بلاط اتحاد الكتَّاب العرب وعلى رخام المؤسسات الثقافية المسروقة ومن شدَّة تعبهم يتعرَّقون وينسون أنْ يمسحوا البلاط لنسقط نحنُ بعد كلِّ جريٍ جريناه ونكتشفَ أنَّ العملية ممنهجة ومدروسة في سبيل إيقاعنا وإقصائنا لأنَّنا لم نُقدسْهم ولم نضع كلماتنا في أعناق زجاجاتهم وبارفاناتهم الرجالية والنسائية فواحدٌ من هذه الماركات النخبوية في حماة يطردك من مؤسسةٍ تحت إشراف حزب البعث لأنَّك لم تُقدِّس نزعاته في الاستملاك والسيطرة ونسب المجد إليه واعتباره المعلم الأول ولأنَّك لم تُغرق القصيدة بصناعته التقليديَّة البدائية ولأنَّك خرجت من دائرة صناعته الإسلامية المتشددة التي حاول حجزك داخلها بعد أنْ مَسَّك بمسِّه وباركك بلمسته مما يجبرك على البحث عن جيناتك من جديد وربَّما تحويلها إلى جينات نسائية علَّها تدخلك في حلقته التكوينيّة المرضيِّ عنها بعد أن قطعها ذلك المخضرم بالمرور فوق أدونيس المعلم الكبير وجعله مداس قصوره الفكريِّ بالدعشنة والحرفنة والأنكى من ذلك أنَّه يهاجم حزباً وضعه في هذا المكان ويلومك على الانتساب إليه ويأتيك رئيس مؤسَّسةٍ من المفترض أنَّها علمانية ليقول لك جدَّفتَ بالآلهة  ويحرِّك الرأي الخاص القريب منه ضدَّك ويعتبره رأياً عاماً ليقصيكَ بحجَّة أنَّ نيتشه يحقُّ له أن يتحدَّث عن موت الله أمَّا أنت قلا يحقُّ لك أن تكون ابن الله وابن المؤسَّسة معاً ويأتيك متفزلكٌ يهاجمُ دوائر نبيذك وهو غارقٌ في كلِّ كأسٍ يراه ويشتهيه ويتخيّله من باب الاستعراض والتديُّن الكاذب أمام الناس بعد أنْ ترحَّم على الله الذي ينسفُ أركانه في كلِّ حين ويغادر الجلسة التي لمْ يُدعَ إليها أصلاً !!.....

يحاولون إقصاءك عن المنابر ويقصونك بحجَّة الجمهور الذي من المفترضِ أنَّه ذوَّاق فمن شاءَ فليحضر ومن شاء فلا ومنابر اتحاد الكتَّاب العرب ليست دينية كما يُفترضْ وهي للجميع من مسلمين وملحدين وغيرهم ولكلٍّ جمهوره فكيف بهم يسوقونها إلى هذا المنحى الديني ؟!!، لعلَّه دين على أناسٍ دون آخرين فإنْ كفرَ من في صفِّهم يزدادُ إيماناً وإنْ كفر من ليس في صفِّهم فهو من مثيري الرأيِّ العام ومن آخذي البلد إلى الهاويَّة فيا للعجب العُجاب ِ؟!!!.....

و بدأت رحلة الدراما الفكاهية عندما أغلق عضو مكتب تنفيذيّ في اتحاد الكتَّاب العرب السوريّ مدير تحرير جريدة الأسبوع الأدبي التي يُنشرُ للكتَّاب السوريين وغيرهم  فيها الخطَّ السريع وأوقف أعماله خشية أن تُخسفَ به الأرض بسبب سؤال كاتب وبوحه حين قال له إنَّ رئيس اتحاد الكتاب العرب في حماة غير مناسب وليس في محلِّه خاصة بالتصرفات الكيدية التي تعكسها ارتدادات الشخصنة والحقد فهل اعتبرها غيبةً ونميمة ؟!! ولكنَّ الكاتب عاد واتصل به متسائلاً إذا لم تعالجوا أنتم ما ننوِّه به فمن إذاً ليغلقَ مرَّةً أخرى في وجه هذا الكاتب المعذَّب قائلاً له لا تنقد ولا تتكلَّم على الناس بالسوء وكأنَّ النقد والقول للأعور أنت أعور بعينك هو شرٌّ وسوء وكأنَّنا في مزاد سيئاتٍ وحسنات ؟!!

لا مجالَ في حربٍ ضروسٍ علينا لإبقاء أمثال هؤلاء مُعوَّمين على عقول الشعب الذي لا تعرف عامته ما يجري في ميادين الفكر والثقافة كي لا نطرح التساؤل المُتجدِّد من أين تأتي داعش وهي لم تُولد ميِّتة والعلم عند اتحاد الكتاب العرب والقائمين على المؤسسات الثقافية في سورية وبقية الدول العربية !!......

 

بقلم:  الكاتب ياسين الرزوق

سورية حماة

 

في المثقف اليوم