أقلام حرة

قباب الثراء تزاحم قباب السماء

دعونا نرى النور، اتركوا للشمس فُسحة، لِتُقَبِل بأشعَّتها الذهب، هل ضاقت بكم الدنيا لِتأخذوا منا صُفرة القلب وبُهرج الروح ونشوتها، هل ضاقَ بكم الاستثمار لكي تنافس ناطحاتكم، قباب الأئمة الأطهار(عليهم السلام).

العراق هو بلد القباب الذهبية، التي بنيت على أضرحة الأولياء الصالحين من أئمة المسلمين، حيث تُعَد قبة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، من أعلى قباب الأئمة من آل البيت الأطهار (عليهم السلام)، بل وأعظمها دقةً وأكثرها تنسيقاً وأنضرها بهاءً، لنرى ما قال عنها الباحثين والمهتمين لهذا الشأن.

ذكر الرحالة "نيبور" في عام 1765 م – وهو أقرب تاريخ لتذهيب القبة أي بعد مرور اثنتين وعشرين سنة – يقول: (ليس هناك في أي مبنى في العالم سقف أثمن من هذا السقف)، وقد أشار كذلك الدكتور علي الوردي بقوله: (والواقع، إن تذهيب المرقد في النجف كان ذا تأثير نفسي واجتماعي لا يستهان به، فالنجف كما لا يخفى تقع على هضبة عالية، وعندما أخذت القبة المشيدة هناك تلمع تحت أشعة الشمس من جراء طلائها بالذهب صارت تشاهد من مسافات شاسعة في أقاصي الريف والبادية، وشرعت الأفئدة تنجذب إليها من مختلف الأرجاء وتهفو إليها النفوس).

ووصف الشيخ علي الشرقي القبة الشريفة بقوله: (إذا أقبلنا على النجف، فأول ما يلوح للمقبل على النجف شعلة نور يكونها توهج شمس النهار على شمس من ذهب، وهي تلك القبة الإبريزية المتوفرة على أبراج سود، ووضعته الهندسية وضعة أسد رابض يطوف مدينة راكبة على متن الوادي متمتمة بأنف البرية وجمال الربى، يدخل القاصد تلك المدينة وينصرف توا إلى المشهد).

كما ذكرت مجلة (السفير) في سنة 1928م (أن القبة الشريفة من الخارج شكلاً، قلما يوجد لهُ نظير بين قباب الأضرحة، والمساجد أيضاً في العالم كله)، وأشار إلى هذا الوصف الدقيق للقبة الشريفة، الرحالة(بايلر) في عام1790م حينما قال: (فمن المؤكد أن الناظر إليها عن بعد يراها تلمع وتتوهج، إن هذا المكان هو محط تكريم المؤمنين وتقديسهم).

ليست النجف وحدها من تفتخر بقباها، بل هنالك في كربلاء قباب ومنائر، تشق السماء بشموخها، وتُزين الزرقةُ بصفارها، شاهدةٌ على قدسية الموقف، شاخصةٌ بثبات المبدأ، تُلهِمُ الناظرين قداسة الطف، وتبعَثُ للعالم رسالة الخلود، تارةً تكلمُ المهموم لتكشف همه، وتارةً تكلم الطغاة لتقول لهم كلا، لكن هنالك ثمَّةَ من يريدُ أن ينافسها، أو يُطفئها أو بِطمعهِ يُغطيها.

 

تحسين الفردوسي

خذوا ما يُشبِعكم واتركوا لنا السماء، خذوا ما تنعمون به واتركوا لنا الأولياء، ابحثوا عن ما يُلهِم رغباتكم في مكان آخر، وعن ما يثري ملذاتكم في تربةٍ أخرى، لأن غير تراب المقابر لا تُسِدّ عيونكم .

في المثقف اليوم