أقلام حرة

آفاق طّائفيّة

لا زلنا بعيدين جدّا عن الحديث عن (واقع طائفي جديد) في الجزائر، لن يفعل ذلك عشرات الأحمدية ولا مئات الإمامية ولا آلاف المتنصّرة ، ولا الدّهريّون المتكاثرون (علمنة) أو(جهلا)...

نملك كلّ الوقت لمراجعة الأسباب الحقيقية لظهور فرق لم نعهدها، وهل هي ظواهر طبيعية لعلل منطقية أم هي نتاج مخابر خارجية كما يروّج له البعض...؟...

يجب أن نضع  في اعتبارنا ساعة الدراسة والتحليل وعينا لذواتنا وللدولة التي أنشأناها ولنوعية العقد الذي نرتبط به كمواطنين...

هل يسمح لنا ذلك الاعتداء لفظيا ونفسيا فضلا عن العقاب البدني لمخالفنا ممن تربطنا به المواطنة؟...

هل يكون تغيير الدّين أو المذهب سببا كافيا لإلغاء العقد المعنوي الذي نرتبط به جميعا...وما الذي يترتب عن ذلك؟...

لماذا يكون الامامي الجزائري مصدر تهديد عقديّ واجتماعي وأمني لمواطنيه ولا يكون الإماميّ السعوديّ كذلك، اعتمادا على ذات المصادر الشّرعيّة (للمفارقة)...

لماذا تبدو المنظومة الدينية الكلاسيكية إلى حدّ ما هشّة بالنظر الى تنوع التهديدات ونجاح هذه الأخيرة في تحقيق بعض المكاسب...؟..

ألا يجدر التركيز على دراسة أسباب ذلك وإعادة بناء منظومة دفاعية تضع في اعتبارها نوعية المخاطب وتكوينه الذي اختلف جذريّا عن الانسان الذي خاطبته في القرون السابقة...

نحن أمام إنسان جديد يملك مكتسبات متنوعة  ،علميّة وفكريّة وثقافيّة ووسائل تفكير جديدة ، ومعالم مختلفة لا تنحصر في قراءة واحدة متوارثة للحياة والمحيط (مع اقراري بأن القراءة الكلاسيكية هي الأبسط والاجدر بالاتباع والاكثر تمثّلا للحق عقيدة)...

وأيضا أمام انسان تدرّج بين مقاعد الدراسة ومستويات متكاملة ومتدرّجة للفهم ...امتحن في الرياضيات مرارا وفي الفلسفة والمنطق والفيزياء...ثم صقلت شخصه وعقله المعارف الحديثة...حتى اكتسب في الأخير منهجا تحليليا ،يناقش كل وارد الى عقله وشارد وفق ما درّب عليه...

هذا العقل الرافض للإملاءات صار مؤهلا لمراجعة كل ما قيل له عن الحياة ،.ولأن من سمات العقول القصور ، كان من البدهيّ أن تنحرف حتى الجبارة منها الى ملل ونحل شرقية وغربية...

وبمراجعة التاريخ سنجد أن أهمّ الفترات التي شهدت فيها النحل انتشارا واسعا واقبالا كبيرا ،كانت نفسها الفترات الأكثر ازدهارا في تاريخنا الحضاري...

من المؤكد أن الانحراف العقدي ليس ظاهرة ايجابية، ولكن نقاشها وتبيين أخطائها والرقي بخطابنا الديني الى مستوى يفهمه ابناء المدرسة المعاصرة، وتقوية التعليم الديني، ومنح حجم ساعيّ أكبر للتربية الدينية تربويّا ،واستبدال العنف اللفظي ضد الآخر بحركة تأليف وكتابة تدافع عن تسننا الشريف، وتظهر مثالب الآخر وخبايا عقائده وأخطائها، وفق منهج جدلي عقليّ يحترم عقل المخاطب ،دون الوقوع في فخّ (الحق الالهي) الذي برر لكل طغيان ،ومرّر الكثير من مشاريع الترهيب والنفور التي تسببت في حالات عامة من الشعور بالاضطهاد(تاريخيا) ،حتى أن بعض الانحرافات العقدية كانت ردّات فعلا على الساسة و العلماء لا على الدين….

في المثقف اليوم