أقلام حرة

ذمم في سوق النخاسين

للكلمات تجارة، وللقدسية خسارة، وللقلم حجارة، وللفساد مهارة، وللسماء منارة، وللنفوس مغارة، وللسلام سفارة، وللحكمة عبارة، وللشعر صنارة.

من السهل أن نكون أغبياء، ومن السهل أيضاً أن نكون فرقاء، بل الأسهل من ذلك أن نكون عملاء؛ لكن من الصعب علينا أن نكون حكماء، ومن الصعب كذلك أن نكون علماء، بل الأصعب من ذلك أن نكون شهداء.

عندما يسكت القرءان يعتلي صوت الكفر؛ وعندما يسكت الحق يعتلي صوت الباطل؛ وعندما يسكت العدل يعتلي صوت الظلم؛ وعندما تسكت عصا المعلم يعتلي صوت اللامبالاة؛ وعندما تسكت العصافير يعتلي عواء الذئاب ونباح الكلاب؛ وعندما يسكت الأدباء يعتلي صوت الجهلة ولصوص الأدب؛ وعندما يسكت الضمير تعتلي ثرثرة الحقير.

(سيدنا، شيخنا، مولانا، خادم، نزاهة، مذهب، مدني، علماني، بناء إعمار، قضاء على فساد، شاعر المقاومة، لحية مصبوغة، محابس سبح، رباط أحمر، شارع المتنبي، عشائر......).

مفردات ومقتنيات كان لها الأثر البالغ في صميم فطرة المجتمع العراقي، قبل أن يلوثها براثن السياسيين العفنة، حتى باتوا يتاجرون بأقدس المسميات، حيث قدموا لأعداء الدين والإنسانية وللملحدين والمتربصين، طبقاً مجاناً من ذهب، لتهديم تلك القيم السامية في نفوس المجتمع، ظناً منهم أن يكونوا سُرَاق فقط، بل كانوا أعفن وأقذر من ذلك، لأنهم عزفوا على وتر الدين بمعول الاستغفال، بدلاً من ريشة الشرف والنبل.

مفردات تحولت منها إلى سخرية، لأنها استخدمت في غير محلها وترجمت إلى غير لغتها، فأصبحت مزحة تقذف بين أفواه أشخاص باحثة عن الضحكة، تناقلت هنا وهناك بشكلٍ مقصود أو غير مقصود، في النهاية لم يكن لها ضرر أو تأثير عميق في أيدلوجيات المجتمع كـ (الدارسين و النومي، والبلنكو و غيرها).

لكن! مثل مفردة (الكفيل) عندما تستثمر في مشاريع كمستشفى يتقاضى على عمليةٍ واحدة  ألآلاف الدولارات، فأين الكفيل في الموضوع؟ أم أين ذهبت قدسية المعنى؟!، أو نادي رياضي يسمى بأقدس مسمى، هو نادي (الحسين) الرياضي! ويحمل شعار القبة وراية كتلك الراية الموضوعة على الضريح، ويعزف لها بأهازيج تتراقص عليها المدرجات، ولأبلى من ذلك يكون من أضعف الفرق، بحيث يقال عند خسارته(هُزم الحسين، أو خسر الحسين).

قد نكون أحياناً منصفين؛ وربما أحياناً نكون مجتهدين وصادقين، وتارةً قد نكون خائنين وحاقدين أو حتى متلونين ومتحيرين، لكننا دائماً ما نكون (مغلسين) على عدّة أمور ومشاكل، لكن أن نكون انتهازيين في الكلمات و وصوليين على المقدسات! يجب علينا أن ننسى الحديث على الأخلاق، ونتكلم فقط عن النفاق.

 

تحسين الفردوسي

في المثقف اليوم