أقلام حرة

وثائقي من داخل الموصل

انها ليست حرب، انها حذر وغدر، انها قنص وفرص، تنظر الى الخراب لتسال عن الاسباب، خمسون دقيقة فلم وثائقي عن موصل الحدباء يكشف الغطاء لتعلم من هم المذنبين والابرياء؟، ولكن بعد الدمار ترى رجال في الجيش العراقي وبكل صنوفهم وعلى خط التماس يسطرون بطولات تذهل العقول، ويقدمون على تصرفات انسانية تبكي العيون، ارى عوائل موصلية خط الهلع احزانه على وجوههم بين الحفاظ على ارواحهم والاسف على هدم منازلهم، ماعادوا يثقون بمن يحميهم، هل هم داعش بزي الجيش العراقي، ام الجيش بزي طائفي؟ وبين هذا وذاك ترى النار تتراقص بين اذانهم، ترى الاطفال يتشبثون باذيال امهاتهم، الجندي العراقي في حيرة من امره، هل المنقبة انتحارية ام مسكينة تلوذ بهم للنجاة من داعش؟ هل اعاتب اهالي الموصل على ما حدث لهم؟ ام اعاتب المسؤولين على الموصل لماذا باعوها لداعش؟ .

يكذب من يتطاول على الجيش العراقي ويصفه بالطائفي او يتهمه بالانتهاكات، لقد تعامل مع اهالي الموصل بكل انسانية لاسيما القائد منتظر احد امراء الفرقة الذهبية، يتسابق الصحفي غيث عبد الواحد موصلي مهاجر عاد مع الجيش العراقي ليرى مدينته ويوثق ما يراه بحيادية، فقدم له الجيش الحماية والحرية في التنقل والاستفسارات، حتى انه قابل مجموعة من الارهابيين المحتجزين في السليمانية، يقولون نحن نادمون، وما ينفع الندم بعد سفك دماء الابرياء، تدعون ان  الجيش العراقي طائفي، الم تستطيعوا ان تحموا مدينتكم لتتركوها بيد داعش؟

يا للعجب وانا ارى امراة تتهم زوجها بانه مع داعش، فيحتار الملازم اول بعمر الربيع (25 سنة) امر احدى سرايا الفرقة الذهبية في استجوابه وانكاره واصرار زوجته، هل هنالك مشكلة عائلية لتنتقم منه ام انها صدقت في اتهامها؟ وبين هذا وذاك اطلق سراحه لعدم ثبوت الادلة .

يتنقلون الاشاوس بين الاحياء وتترامى عليهم المفخخات فيعالجونها بما امكنهم، يعملون على جهتين، جهة تواجه الدواعش وجهة تحمي الابرياء.

بعد انتهاء المعركة لا ترى الا الخراب وعجزة يدفعون عربات خشبية تحمل امتعتهم لا يعلمون الى اين يذهبون وماذا ينتظرهم غدا، امراة مع اطفالها حالما انقذها الجندي العراقي وبلا شعور قبلته، عريف يغازل ابنه الموصلي الذي هرب من داعش وعاهدهم سيعود ليحررهم، يتحدث مع زوجته وابنه وبكل ثقة ويبتسم بانه سيراهم قريبا .

القائد منتظر يقول على قدر قتالنا لداعش نعمل جاهدين لكسب ثقتهم بنا فانهم فقدوا الثقة بالجيش العراقي قبل سقوط مدينتهم، يعتبرون الجيش اما طائفي او ضعيف لا يحميهم، وواقعا ان الموصل كانت مستعمرة للنجيفي وعصابته وها هو الان اختفت اخباره .

دخلوا الحي وطهروه من الارهابيين تقدموا الى الامام وفي اليوم الثاني تظهر المفخخات من هذا الحي ليوقع خسائر بالمدنيين، من اين جاءوا؟ يا اهل الحي لم لم تخبروا الجيش بذلك؟ هل تجهلون ان في حيكم وكر داعشي؟

القناص جبار لايطلق الرصاصة ما يتاكد المتحرك داعشي، يظهر بعض المدنيين فينادون عليهم بان يرجعوا الطريق غير امن، فيصرخون ان داعش خلفنا لانستطيع العودة، اي موقف خطير هذا بين الانسانية والارهابية، واخيرا يتقدمون ببطئ رجل وزوجته المنقبة واطفاله الثلاثة، اضطر الملازم الاول ان يفتح لهم الباب، جلسوا في ركن الغرفة رفعت نقابها الزوجة انها مريم كما ذكرت اسمها، تتحدث عن اجرام داعش .

انها خمسين دقيقة لا تكفيها خمسين صفحة ولكن حسنا فعل غيث بتوثيق هذا الجزء اليسير من بطولة الجيش العراقي الذي لزاما علينا ان نفتخر به عبر الاجيال .

 

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم