أقلام حرة

تفجيرات طهران

qasim kefaeiفي جو من الغفلة أو الأسترخاء الأمني كان قد تمتع بها المسؤولون الأيرانيون المختصون، نسوا فيها خطورة التصريحات التي أطلقها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان آل سعود بشأن نقل المعركة الى الداخل الأيراني (فلتة غضب لرجل غير موهوب).

في هذه الغفلة وقعت التفجيرات المؤسفة يوم الأربعاء المنصرم السابع من الشهر الجاري، حزيران 2017 في موقعين مهمين في طهران، موقع ديني ووطني، وآخر حكومي وشعبي، حيث مرقد زعيم الثورة الأسلامية في إيران روح الله الموسوي الخميني ** تقدست روحه الطاهره**، ومبنى البرلمان الأيراني.

فالمتخصص بالشأن الأمني بامتياز، والعارف بالظروف السياسية والأمنية في إيران والمنطقة، وكئلك نمط السياسة والدين في الباكستان قد أخذ تلك التصريحات على محمل الجد، وهي تفسير موضوعي، جازم على أن ولي ولي العهد السعودي قد تلقى آخر التقارير الدقيقة من مؤسسة المباحث السعودية، تشير الى جاهزية الخلايا النائمة في طهران وهي تنتظر ساعة التنفيذ.

هذه الخلايا مصدرها الأهم هو بلوشستان الباكستانية بوديانها الوعرة وسلسلة جبالها المزدحمة وصحرائها الواسعة. من هناك يتم تجنيد هذه المجاميع الأرهابية من قبل جهات وهابية متطرفة, مرتبطة هي بدورها بالمباحث السعودية والأماراتية جعلت من مدينة جنكك –صوب البنجاب مقرا لها، (حتى ولو انحدر الأرهابيون في آخر جريمة لهم من مدن أخرى، فالخطر الحقيقي على إيران مصدره صوب بلوشستان).

المخابرات المركزية الأمريكية والموساد ودوائر مخابرات الدول الغربيبة اللأقرب الى إسرائيل لها كل العلم بما سيجري، خصوصا أثناء زيارة الرئيس ترامب الى السعودية، فالمال الكبير الذي دفعته الحكومة السعودية كان حافزا قويا لحالة التنفيذ لهذه الجريمة.

بتحليل أدق كانت ساعة التنفيذ التي يجب تحقيقها هو أيام الأنتخابات التي جرت في إيران كأهمية قصوى في عيون أعداء إيران. لهذه الجريمة أهداف متعددة وهي تجسد بكل أنماطها مدى الحقد السعودي على جمهورية أيران منذ ولادتها عام 1979.

أما محاولات الأرباك الذي تضعه مثل هذه الجرائم السعودية- الأماراتية في مسيرة الحياة الأيرانية فوقعها يسير ولا يمكن تحقيق ولو جزء من طموحات المخططين والممولين والمنفذين كون الأنسان الأيراني يتمتع بروح وطنية عالية يثق من خلالها بمؤسساته الرسمية، كذلك المهنية التي تنتهجها تلك المؤسسات في عملها، إضافة الى حرصها في توفير راحة مواطنيها كشأن وطني يجب العمل من أجله.

إن أعداء إيران يحاولون زعزعة استقرارها وعزلها إقليميا لتمرير مشاريعهم القذرة في سورية، ومن أجل هيمنة وصون الكيان الصهيوني المسمى –دولة إسرائيل-. فلو تحققت النوايا فأن للمملكة السعودية وفق حساباتهم سيكون لها أكبر قوة في المنطقة والدور الأعظم كحالة تقاسم ما بينها وبين إسرائيل. بهذه النظرية تزول فلسطين نهائيا ولا يبقى للصوت المقاوم في لبنان وسورية والعراق سوى ظهور خافت، فلو ظهر يصبح مزحة سياسية. أما فلسطينيوا الداخل فسوف تقبلهم فورا دول أوروبا وأمريكا وكندا كلاجئين –لجوء إنساني-.

حسابات وهمية محضة كلفت آل سعود ترليونات الدولارات ما بين نفط وذهب ومال نقد. كان آخر الرشوات التي لا يستوعبها عقل بشري قد جرت خلال زيارة ترامب الأولى الى الرياض بقيمة 480 مليار دولار. لقد استعادت المؤسسات الأمنية في إيران هيبتها وحققت انتصارها بمجرد إحتواء الأزمة وتحديد الأضرار الى درجة أشبه بالصفر... كون الخسارة المرجوة كانت تدمير وحرق المكان الشريف.. في جنوب طهران، وتصفية جميع أعضاء البرلمان المتواجدين في المبنى في تلك الساعة، وحرقة.

تبقى نظرية مهمة يجب الأشارة لها ومن بعيد، هي أن العمل الأمني يتحرك ويتسع ويتبدل وفق ظروف ومتغيرات بأدوات غير تقليدية تعتمد على الفهم الأوسع والأدق في فكر، وحركة، وأدبيات الخصم الآخر. نأمل أن يكون هذا الفهم دعوة مفتوحة لأهل الخبرة المخلصين أن يعوا أهمية عملهم وخطورته، خصوصا وأن التصدي للأرهاب ومكافحته صار في صدارة المهمات، وهو الذي هددّ وما زال يهدد بخطره دول الشرق والغرب على السواء. الكلمة التي لابدّ من إذاعتها وليس سرا هي إن الذي يجري على الساحة الأقليمية ينذر بنهاية الأرهاب في العراق وسورية ليجد له مكانا آخر كعلاقة السحر بالساحر.

 

قاسم محمد الكفائي- كندا

 

 

في المثقف اليوم